مقالات

قانون إستقلالية القضاء قريباً

كتبت المحامية جوديت التيني في موقع mtv: 

سيناقش مجلس النواب اللبناني في جلسته العامة المقبلة اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي، وهذا القانون قد طال انتظاره.

نتطرّق أولاً، الى إجراءات التشريع السابقة التي تمت بخصوص هذا القانون داخل مجلس النواب:

عام 2018 قُدّم اقتراح القانون لأول مرة الى مجلس النواب، وبعد ذلك تم تقديم اقتراحين مشابهين، لنفس الهدف، وهو استقلالية القضاء. وقد أحالت لجنة الإدارة والعدل النيابيةاقتراحات القوانين الثلاثة لدرسها وتوحيدها في صيغة واحدة، في لجنة فرعيّة ترأسها رئيس لجنة الإدارة والعدل.

عقدت اللجنة الفرعية جلستها الأولى بتاريخ 14/1/2020 واستمرت جلساتها حتى 18/05/2021. ناقشت هذه اللجنة الفرعية الاقتراحات الثلاثة بشكل دوري وشاركت أطراف معنيّة بالموضوع في جلساتها، منهم نقيب المحامين في بيروت، ونقيب المحامين في طرابلس، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ووزير العدل، وعدد من القضاة.

وقد أعدت هذه اللجنة الفرعية تقريرها المتضمن الصيغة الموحدة للقانون ورفعته إلى لجنة الإدارة والعدل التي عقدت بدورها جلستها الأولى بتاريخ 08/06/2021. ثم جرت مداولات داخل لجنة الإدارة والعدل في ضوء ملاحظات المجلس الأعلى للقضاء على الصيغة الموحدة للقانون، بالإضافة إلى ملاحظات بعض الجمعيات الأهلية المعنيّة.

في 18/11/2021، رفعت لجنة الإدارة والعدل النيابية اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي إلى مجلس النواب، لإقراره في الهيئة العامة، وتمّ ادراجه في جدول اعمال جلستي 20و21 شباط 2022.

انّ هذا القانون مهمّ لدرجة أنه يشكل نقلة نوعية للنظام القضائي في لبنان، اذ تُكرّس المادة 20 من الدستور اللبناني استقلالية القضاء وتجعل منه سلطة مساوية في القيمة للسلطتين التشريعية والتنفيذية، كما تنص على منح الضمانات اللازمة للقضاة لممارسة وظائفهم باستقلالية وحيادية تامة. 

لن ندخل في المتاهات التي يتم فيها التمييز بين تعبيري “القوة” Autorité و”السلطة” Pouvoir كي لا نحجب الهدف النهائي المتمثّل بتكريس استقلالية القاضيو توفير المناخ المناسب له لإنجاز مهمته السامية فيتوزيع العدل بين الناس. 

وتبدأ استقلالية القضاء بطريقة اختيار القضاة وتعيينهم وتشكيلهم ونقلهم من مركز إلى آخر وخضوعهم للمساءلة، بالإضافة إلى الضمانات المالية التي يجب أن تُمنح لهم بالحد الأدنى.

بهذا المعنى اتى القانون الجديد، الذي ننتظر اقراره في مجلس النواب، رغم أنه لا يزال يفتقر إلى ضمانات أخرى كان من الأفضل ان لا يتجنبها، ومنها انه يشمل فقط القضاء العدلي دون ديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة بمبرّر انّ لكلّ من الأخيرين دور وهيكلية تختلف عن القضاء العدلي. 

وسنتطرّق الى نقاط القوة التي يتضمنها القانون الجديد.

أهم ما يتضمنه القانون الجديد هو تعديل المادتين 2 و5 من قانون تنظيم القضاء العدلي الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983.

وبالفعل، نصت المادة 2 من قانون تنظيم القضاء العدلي المرعي الاجراء على تشكيل مجلس القضاء الأعلى من قبل قضاة على النحو التالي: (1) ثلاثة أعضاء حكميين هم الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيساً، والنائب العام لدى محكمة التمييز نائباً للرئيس، ورئيس هيئة التفتيش القضائي عضواً. (2) عضوان منتخبان من قبل الرئيس الأول لمحكمة التمييز ورؤساء الغرف ومستشاري محكمة التمييز. (3) خمسة أعضاء تعينهم السلطة التنفيذية، وهنا جوهر التغيير الذي سيحصل في القانون الجديد. وهكذا، ووفقًا للقانون الساري المفعول، تُعيّن السلطة التنفيذية 8 أعضاء من كل 10.

على العكس من ذلك، تنص المادة 2 من القانون الجديد المقترح بأن يتألف مجلس القضاء الأعلى من ثلاثة أعضاء حكميين، كما في السابق، وسبعة أعضاء ينتخبهم القضاة أنفسهم، وهكذا، لا يوجد في القانون الجديد المقترح أعضاء معينين من قبل السلطة التنفيذية.
وتكون مدة ولاية الأعضاء الحكميين أربع سنوات، غير قابلة للتجديد، بدلاً من ان يبقون في العضوية طوال مدة ممارسة وظائفهم.

اما الإنجاز الثاني للقانون الجديد فهو تعديل المادة 5 من قانون تنظيم القضاء العدلي. 
فبالرغم من أنّ آلية التشكيلات القضائية بقيت كما هي، من خلال اقتراح يضعه المجلس الأعلى للقضاء ويقدمه إلى وزير العدل، الذي له الحق بالموافقة على التشكيلات او تسجيل اعتراضات عليها. 

ولوزير العدل ان يناقش ملاحظاته على التشكيلات مع مجلس القضاء الأعلى، فإذا أصر مجلس القضاء الأعلى على موقفه بأغلبية سبعة أعضاء، يكون الوزير ملزمًا بالتشكيلات. وينبغي عليه رفعها إلى رئيس الجمهورية، الذي يوافق عليها ويصدرها بمرسوم موقع ايضاً من رئيس مجلس الوزراء.

انّ الإضافة الجديدة في القانون المقترح هو فيما قرّرته الفقرة الأخيرة من المادة 77 منه، التي حلّت المعضلة الناشئة في السنوات الأخيرة، إذا ما رفض رئيس الجمهورية التشكيلات ولم يصدرها بمرسوم او في حال تمنّع وزير العدل او تأخر في رفعها لرئيس الجمهورية. لذا تضمّنت الفقرة الأخيرة من المادة 77 من القانون الجديد المقترح على انّه” في جميع الأحوال تعتبر التشكيلات نافذة ويبدأ العمل بموجبها إذا لم تصدر بمرسوم في فترة خلال شهر واحد من تاريخ ورود المشروع الى ديوان وزير العدل”. 

بالإضافة الى ما ذكرناه، ينص اقتراح القانون الجديد على أحكام مهمّة أخرى لصالح استقلالية القضاء وحسن سير مرفق العدالة، اهمها:

  • اشترط القانون الجديد على المرشحين للالتحاق بمعهد الدروس القضائية أن يخضعوا لسنة تحضيرية واجتيازهم بنجاح قبل قبولهم في المعهد.
  • في ما يتعلق بتوزيع الملفات بين القضاة، نص القانون على أحكام تهدف إلى تقييم الملفات القضائية سنويًا من قبل لجنة علمية تُشكّل في هيئة التفتيش والتقويم القضائي. وهي توزع الملفات على القضاة بطريقة عادلة ومنصفة، ويجب على كل قاض استكمال ملفه في مواعيد محددة من دون تأخير.
  • سمح القانون للقاضي بترشيح نفسه لشغل المراكز التي يراها مناسبة لمؤهلاته وأولويته. على أن يكون القرار النهائي لمجلس القضاء الأعلى بناءً على ملف القاضي والمعايير المحددة التي تنشأ عن المركز، بحيث يتم اختيار القاضي الأنسب لكل مركز.
  • تضمّن القانون على أنه لا يجوز للقضاة أداء أي وظيفة عامة أو دمج عملهم مع أي مهنة أخرى أو عمل مربح، بما في ذلك التحكيم، وقد استثنى من هذا الحظر التدريس خلال ساعات محددة في الأسبوع.
  • سمح القانون للقضاة بإنشاء جمعيات أو الانضمام إلى جمعيات، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف مشروعة، بشرط ألا تتعارض مع صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء أو أخلاقيات القضاة، أو مع مبدأ استقلال القاضي.
  • في ما يتعلق بمسألة الموازنات، أنشأ القانون الجديد موازنات خاصة للمجلس الأعلى للقضاء، ومعهد الدروس القضائية وهيئة التفتيش القضائي، لإدراجها في موازنة وزارة العدل.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى