مقالات

حلقات الانكشاف تتسع وتقرْب البلاد من ساعة الصفر؟

لم يعد يقيناً ما اذا كان مشهد المراوحة الداخلية المعلق على ساعة التسوية الاقليمية سيقتصر على الانهيارات الاقتصادية والمالية والمصرفية والمؤسساتية، كما هي الحال منذ نشأت أزمة تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وما تبعها من تعطيل للعمل البرلماني والحكومي، أو ان البلاد دخلت حلقة جديدة من حلقات الانهيار، وانما من الجبهة الجنوبية، مع تحريك هذه الجبهة مع إسرائيل من بوابة إطلاق الصواريخ في اتجاه أراضيها.

قد لا تكون المرة الاولى، وحتماً ليس الاخيرة التي يتم فيها اللجوء الى تسخين هذه الجبهة ظرفياً وموقتاً لحسابات تتصل بالمبادرين والمتلقين وفق الحاجة، لكنها المرة الاولى التي تحرص فيها قيادة “#حزب الله” على تظهير خيار المواجهة والتصعيد عبر توحيد جبهات محور الممانعة، من خلال استضافة رموز له، ان عبر الإفطار الذي أقامه الحزب مساءالأربعاء الماضي وجمع فيه وجوه لافتة من كبار المسؤولين في هذا المحور في الإقليم، من ممثلين لـ”أنصار الله” في اليمن، و”الحشد الشعبيّ” في العراق، الى كوادر فلسطينية من حركتي “الجهاد الإسلامي” و”#حماس”، أو من خلال اللقاء الذي جمع الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنيه. وقد جاءت صورة اللقاء لتمعن في توسيع الشرخ الداخلي وسط امعان الحزب في تحدي الهواجس ال#لبنانية التي اثارها القصف الصاروخي من الجنوب بعدما تجلى في شكل واضح التنسيق العلني بينه وبين حماس هناك.

مصدر الاستغراب ان هذا المشهد الجنوبي يأتي في اول رد فعل عملاني على الاتفاق الايراني السعودي، حيث كان الترقب الداخلي لما سيكون عليه موقف الحزب من هذا الاتفاق وما ستكون انعكاساته، وهل يذهب الى التهدئة والانخراط في اي عملية سلمية قد تنتج عنه، او سيلعب دوره كورقة تفاوضية من خلال اقحام لبنان كساحة خصبة لتبادل الرسائل . علماً ان اكثر ما يثير القلق في هذا الشأن وفق مراقبين، ان لبنان لم يعد ساحة مكشوفة مالياً واقتصادياً وسياسياً، بل اصبح من السهل كشفه امنياً وعسكرياً ايضاً، بعدان قرر الحزب ان يقول بالفم الملآن ان القرار العسكري والامني في يده. ساعده في ذلك الصمت المريب للدولة.

هل تسرع حلقة الانكشافات هذه في عملية استكمال حلقات الانهيار التي تبشر بها دوائر ديبلوماسية متعددة غربية في المجمل، حيث لا يخفي دبلوماسيون غربيون في لقاءاتهم السياسية والاعلامية المقفلة رصدهم لهذه المرحلة تمهيداً لاعادة البناء من الصفر.

يترافق هذا المناخ مع استمرار ارتفاع حدة المواجهة القضائية اوروبياً واميركياً. فبعد العقوبات الاميركية على الاخوين رحمة بتهم الفساد واستغلال السلطة والنفوذ، انفجرت قضية المصرفي والوزير السابق مروان خير الدين في فصل جديد من فصول التحقيقات القضائية الاوروبية في ملف حاكم المصرف المركزي، والذي يرى فيه مصرفيون انه لن يقف عند هذا الحد، بل سيتوسع ليطال مصرفيين آخرين مشتبه بهم في ملفات أخرى .

واذا كان القرار السياسي بتهدئة الاجواء الداخلية في الفترة الفاصلة عن انتهاء ولاية الحاكم، ومرحلة الاعياد، فإنه من المستبعد جداً ان تطول هذه الفترة، سيما وان ما تبقى من احتياطات لدى المصرف المركزي لا تكفي، اذا استعملت حصراً لتمويل حاجات الاستيراد لاكثر من بضعة اشهر.

وفي ظل استمرار الغموض المحيط بالمشهد السياسي، فإن هذه الاستحقاقات الداهمة ستعود لتفرض اجندتها بقوة على الساحة الداخلية، منذرة بجولة جديدة من التصعيد غير المحسوب والمحسوم النتائج

المصدر
سابين عويس - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى