مقالات

أهم المحطات التاريخية في العلاقات التركية العربية

كتب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول الدكتور احمد اويصال:

قبل أن ينتقل الأتراك إلى الأناضول والبلقان، وصلوا إلى مناطق مثل العراق وسوريا ومصر، حيث أسسوا دولًا عديدة. وتاريخيًّا، شهدت مصر ظهور الدولة الإخشيدية في عام 935م، ودولة المماليك في عام 1250، واللتان أسستهما سلالات حاكمة تركية. لم يكن انتقال الأتراك إلى الأناضول عبر إيران شرقًا، بل عبر العراق وسوريا جنوبًا، نظرًا لصعوبات الهجرة البرية بسبب الطبيعة الجبلية شرقًا ووجود بحر قزوين كحاجز واسع. شارك الجنود العرب في فتح إسطنبول، وبينما كانت الإمبراطورية العثمانية تتقدم في أوروبا الشرقية، ظهرت تهديدات استعمارية جديدة من الغرب بعد سقوط الأندلس الإسلامية في أوروبا الغربية، خاصة حول البحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية.

لمواجهة هذه التهديدات، نجحت الدولة العثمانية، بتوليها الخلافة وسيطرتها على المناطق العربية، في حماية المنطقة من الاستعمار الغربي لمدة لا تقل عن ثلاثة قرون. دافع الأتراك والعرب معًا عن المنطقة، تمامًا كما فعلوا في مواجهة الصليبيين والمغول والمستعمرين الأوروبيين الجدد. تصدى الأتراك والعرب معًا للبرتغال في معركة وادي المحازين (1578)، ولم يسمحوا لها بالاستيلاء على المغرب. وإذا تذكرنا أن نابليون الذي طرد من مصر بعد احتلالها عام 1798، ونرى حجم وأهمية هذا الحدث في أن كادت القوى الغربية أن تفشل في منع نفس نابليون من السيطرة على أوروبا بأكملها. وقد قاتل الأتراك والعرب جنبًا إلى جنب ضد المستعمرين في ليبيا والجزائر وسوريا والعراق لمنع دخولهم في البلاد الإسلامية ولطردهم من هناك.

قبل الحرب العالمية الأولى، كان التعاون من أجل تحقيق الاستقلال بين مصطفى كامل والحكومة الخديوية في مصر، وبين السلطان عبد الحميد كبيرا جدا. وفي هذا السياق يعد كتاب مصطفى كامل «المسألة الشرقية» مرجعًا جيدًا عن تعقيدات تلك الفترة. وخلافاً للخطاب القائل بأن العرب خانوا العثمانيين، فلا توجد منطقة في المشرق العربي ولا في المغرب العربي تمردت وانفصلت عن العثمانيين بل جميعها احتلت بالغصب والقوة من قبل الدول الغربية. فنسبة الشخصيات العربية المتمردة مثل الشريف حسين كانت قليلة جدا بالمقارنة مع عامة المجتمعات العربية، ودور المتمردين لم يكن حاسماً في الحروب. خلال حرب الاستقلال التركية، تم إرسال المساعدات إلى الأناضول من تونس ومصر. ولقد اطلعت بنفسي على نص برقية لمصطفى كمال أتاتورك في «جريدة اللواء» التي يشكر فيها الشعب المصري على دعمه خلال هذه الحرب.

بعد تفكك الدولة العثمانية، شاركت تقريبًا جميع الشعوب في حركات الاستقلال ضد الاستعمار الذي ظهر خلال الفترة من 1919 إلى 1922. ونرى المقاومة المشتركة للأتراك والعرب والأكراد في الأناضول والعراق وسوريا ومصر وشمال أفريقيا. ويمكن ملاحظة تعاون الأتراك والعرب في نضالهم من أجل الاستقلال في حياة العديد من الأشخاص المهمين. حيث جاء الشيخ أحمد السنوسي من ليبيا بزيارة إلى الأناضول وأقنع القبائل العربية في الجنوب بالمقاومة ودعم مصطفى كمال في إنقاذ الأناضول. وأول انتصار لجيش مصطفى كمال ضد المحتلين كان في هذه المنطقة. نرى دور القادة من أصول تركية مثل شكري القوتلي وهاشم الأتاسي في الثورة السورية والسياسة قبل الانقلاب البعثية.

ويتبين أن الوجود التركي في مصر بدأ قبل المماليك واستمر مع العثمانيين، وهذا موضوع مقال منفصل يستحق البحث. وعلى الرغم من محاولة محمد علي باشا للانفصال في مصر، إلا أن العلاقات ظلت قوية بعد التصالح. وقد اقترب العثمانيون من ألمانيا لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني الفعلي. ورأى مفكرون مثل جمال الدين الأفغاني ومصطفى كامل أن الاستقلال غير ممكن إلا تحت مظلة الخلافة العثمانية. عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، تمت الإطاحة بعباس حلمي الموالي للدولة العثمانية الذي كان متواجدا في إسطنبول في ذلك الوقت.

وأثناء حرب الاستقلال في 1920، زار سعد زغلول أيضًا إسطنبول وأنقرة وطلب التعاون من أجل الاستقلال، حيث كانت فكرة «المصير المشترك» موجودة في الأناضول في ذلك الوقت، بمعنى أن الحكم العثماني والتركي في مصر استمر حتى عام 1952، لكن تأثيره الاجتماعي والثقافي استمر لفترة أطول في الخمسينيات نرى أن بين قادة الثورة الجزائرية والحكومة المؤقتة بعدها، كانت هناك شخصيات من أصول تركية مثل لخضر بن طوبال، والأمين خان، ومصطفى إسطنبولي. أتوقع دور الأتراك الآخرين في قيادة المقاومة ضد الاستعمار في البلدان العربية الأخرى واكتشاف ذلك وأجيب المؤرخين الأتراك والعرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى