مقالات

خبير المخاطر المصرفية: علاقة المصارف اللبنانية بالبنوك المراسلة لن تنقطع ولن تتأثر بملاحقة سلامة

تخوف وترقب ساد الوسط المالي في لبنان بعدما نشر الإنتربول عبر موقعه مذكرة توقيف حمراء بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والأخير يعتزم الطعن مدافعا عن نفسه ومهاجما السياسيين ومبديا استعداده لكل المسار القانوني.

ما أدلى به حاكم المركزي خلال المقابلة التلفزيونية التي أجراها أنه يجب التحقيق مع السياسيين قبل التحقيق معه، فالحاكم يملك من المعطيات والوثائق ما يدين السياسيين في حال تمّ فتح ملفات تطاوله أو تحميله وحده مسؤولية الأزمة.

كل هذه الفوضى جاءت في ظل فراغ رئاسي وتشريعي يجعل من الحلول مؤجلة الى بعد حين، وسط أزمات مالية بدأت عام 2019 استطاعت محاصرة النظام المصرفي في لبنان والكلام بأن المصارف اللبنانية مهددة بفقدان علاقتها بالبنوك المراسلة بعد ملاحقة الحاكم المركزي.

في هذا السياق، يؤكد خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي أن المصارف المراسلة تشكل بوابة المصارف التجارية اللبنانية على العالم ; لافتا الى أن طريقة التعاطي تغيرت بطريقة دراماتيكية إثر التعثر غير المنظم وتخلف الدولة اللبنانية عن سداد سندات اليوروبوندز في العام 2020 عندها تدنى التصنيف الإئتماني للبنان الى مستوى متعثر، يعني أن كل المصارف القائمة أصبح ينظر اليها من قبل المجتمع الدولي على أنها مؤسسات مالية متعثرة.

وأضاف: أن علاقة المصارف اللبنانية بالبنوك المراسلة لن تتأثر بملاحقة سلامة، لآنه بعدما جرى تصنيف كل المصارف التجارية متعثرة، طلبت المصارف المراسلة من كل مصرف يتعامل معها أن يعزز أرصدته لديها من أجل تغطية أية مخاطر قد تنتج عنها مفسرا، أن هناك مصارف استجابت لطلب البنوك المراسلة وتمكنت من تعزيز أرصدتها وبقي التعاطي معها كما كان من قبل، أما تلك التي تعذر عليها تعزيز أرصدتها فقد جرى تجميد التعاطي معها من قبل البنوك المراسلة.

ويرى فحيلي، أن الهدف الأساسي وراء التعميم 165 الصادر مؤخرا عن مصرف لبنان هو حماية المصارف المتعثرة وابقائها على قيد الحياة ، منوها بوقوف المصرف المركزي الى جانب المصارف المتعثرة التي عجزت عن تعزيز أرصدتها بإعطائها منفذ على الدولار الفريش علما أن حمايتها أصبحت مكلفة ويدفع كلفة هذه الحماية كل مواطن لبناني ،جازما أن العلاقات مع المصارف المراسلة لن تنقطع لأنها باتت تتعامل مع المصارف على القطعة.

وفي ما خص تداعيات التهمة اتجاه سلامة تخوف من أن تفرض الخزانة الأميركية أو السوق الأوروبية عقوبات على حاكم مصرف لبنان ،أما إذا ثبتت التهمة على الحاكم المركزي وهو الشخص المعين في منصبه من قبل السلطة السياسية فعلى القضاء اللبناني أن يتصرف باستبعاده من هذا المنصب.

ويرى فحيلي، أن اعادة هيكلة المصارف هي الممر الإلزامي لعودة الحياة الى القطاع المصرفي اللبناني، واعادة الهيكلة تتطلب ترميم للثقة وتستوجب توفر رأسمال جديد، إما عبر مصارف موجودة وقادرة على الاستمرار في خدمة الإقتصاد اللبناني أو عبر مصارف جديدة.

وفي هذا الإطار، يعتبر أن إعادة هيكلة المصارف وتصنيفها ما بين مصارف قادرة على الإستمرار ومصارف يجب تصفيتها، ببساطة يدخل المسار المطروح في هذا التصنيف الترخيص لمصارف جديدة وتوقف فحيلي عند بعض المحطات تسببت بأزمات متعددة الجوانب وتركت تداعيات على القطاع المصرفي وعلى أموال المودعين:

– عدم سداد دين الدولة بضربة واحدة ( آذار 2020) وما تبعها من تداعيات واقتراحات للحلول.

والأهم في هذا الموضوع، توظيفات المصارف التجارية التي أخطأت في وجهة استعمالها ووضعت أموال المودعين لدى مصرف لبنان وبين أيدي السلطة السياسية فأدت الى ضياع أموال المودعين بالتالي الى تعثر البنوك إذ تراجع حجم ودائع الناس في المصارف اللبنانية حيث تشير أرقام مصرف لبنان الى أن التوظيفات الإلزامية تدنت من 15 مليار الى 9 مليارات باعتراف الحاكم ووفق فحيلي، تراجعت ودائع الزبائن إنفاذا لتعاميم 151 و158و 161 على أثر إجراء بعض السحوبات التي يؤمنها على أساسها مصرف لبنان لجهة زيادة سقوف عمليات صيرفة للأفراد والمؤسسات وموظفي القطاع العام .

أما في ما خص العملة الرقمية التي يجري التحضير لإطلاقها في لبنان، يؤكد فحيلي على الرغم من أهمية هذه التقنية الصيرفة الرقمية من خلال توظيف التكنولوجيا الرقمية في تأمين التواصل بين المصرف وعملائه عبر internet Banking أو Mobile Banking إستبعد الأمر أولاً، بسبب تعذر لبنان بإعطاء تراخيص لمصارف رقمية، فالأخيرة تحتاج الى ما يسمى التوقيع الرقمي Digital Signature غير معترف به قانونا في لبنان، فضلا على أن إن إنشاء بنك رقمي بحاجة الى تشريعات تواكب تكنولوجيا المعلومات.

فحيلي تفهم قلق المصارف بشأن تراخيص مصارف جديدة لأن أي مصرف سيأتي بالدولار الفريش سيقضي على القطاع المصرفي الحالي بحسب التقرير الشهري لجمعية المصارف، مؤكدا أن حاكم مصرف لبنان لا يملك القدرة في طمأنة القطاع المصرفي بأي شكل، فالأجدى في هذه المرحلة إعادة هيكلة المصارف .

وقال فحيلي ردا على سؤال، أن تقرير البنك الدولي الأخير لم يأت بجديد، يتهم مرة جديدة الطبقة السياسية المتحكمة في البلاد لعلّ في التكرار لأمر محدد منفعة، تفتح السلطة سدادات الأذن الصاغية لديها بدل الأذن الطرشا .

ويلفت فحيلي، الى أن البنك الدولي ليس فقط قلق على حجم الإقتصاد النقدي الذي ارتفع من 4.5 مليار دولار الى 6 مليار دولار أميركي ليصل الى 10 مليار دولار أميركي في العام 2022 أي زيادات كبيرة علما أن الإقتصاد الكلي انكمش بحسب تقديرات البنك.

وبحسب فحيلي، فقد نشط الإقتصاد النقدي المدولر في أعقاب فقدان كامل للثقة بالقطاع المصرفي وبالعملة المحلية لكن العودة الى خطة تعافي اقتصادية- مالية مصرفية ليست

صعبة تعيد التوازن الى القطاع المالي وتسمح باعادة وسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي وهذا الأمر يحتاج الى قرار من مصرف لبنان وليس بحاجة الى قانون في مجلس النواب الذي يدّعي العفة في كل مرّة

المصدر
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى