مقالات

مقترح ريفي لعودة النازحين والمَطَالب التنفيذية

يشهد لبنان “زُحمة” آراء مستوحاة من اكتظاظ تعكسه ظاهرة النزوح على #الأراضي اللبنانية، فيحدُث أنّ هناك من طالب بـ”حلول تُسرّع العودة”؛ أو مقابله، من استنكر ما اعتبرها “حملة عنصريّة”؛ أو في موازاته، من “ضاق ذرعاً” بكثافة سكّانيّة يَخشى حجم انعكاساتها ديموغرافيّاً… وفي زِحام التعليقات وازدحام التعقيبات، أعرب النائب اللواء أشرف ريفي عن مقترح وجده عملانيّاً للمساهمة في إعادة حوالي 150 ألف نازح سوري من #مخيمات عرسال إلى مناطق قارة والقصَير ويبرود والقلمون المحاذية للحدود اللبنانية السورية. “إذا كانت ثمّة جدية في عودة اللاجئين السوريين، فيمكن لـ”#حزب الله” أن ينسحب من تلك المنطقة التي أصبَحَت عاصمة صناعة الكبتاغون في العالم”، بهذه العبارة كان اختصر ريفي مقاربته للحلّ المقترح الذي يريده أن يدخل حيّز التنفيذ كخطوة أولى في إمكان نجاحها أن يعكس مرحلة أولى كانطلاقة لدفعات إضافية على أساس تجهيز مخيمات بالبنى التحتية.

واطلعت “النهار” على الكواليس المحيطة لاقتراح مماثل ومدى قابلية تطبيقه، فتظهّر أنّ النائب ريفي أعدّه استناداً إلى مؤشرات واستطلاعات دالّة على رغبة أعداد من النازحين في العودة إلى قراهم المتاخمة للحدود اللبنانية السورية إذا أُفرغت من سيطرة “حزب الله” عليها، واستعداد النازحين المعنيين للمكوث في مسقط رأسهم داخل خيم مجهّزة طيلة موسم الصيف المقبل بانتظار المباشرة في ترميم منازلهم. ويبني ريفي تصوّره للعودة على تأمين ضلعَي حماية للنازحين في قراهم، من الجيش اللبناني على طرف الحدود اللبنانية، ومن الجيش الروسي على المقلب السوري. وعُلم أن ريفي حرّك مقترحه على مستوى تواصليّ مع جهات دولية أملاً في الوصول إلى خواتيم عملانية، فيما لا يعتبر أنّ اقتراحه بعيدٌ عن الجوّ الإقليمي. ويجده قابلاً للتطبيق إذا اقتنع “حزب الله” بالخروج من القرى السورية الحدودية المحاذية. ولم يتلقَّ النائب الطرابلسيّ ردود فعل مباشرة حتى اللحظة حول صيغة تنظيم العودة التي ضخّها إعلاميّاً قبل أيام، لكنّه يحاول مواكبة وجهة الحلّ الأوّلية التي يُعبّر عنها خارجيّاً. والجدوى من اقتراحه المقدّم، يقيسها ريفي من مسألتين: أولاً، عودة ما يقارب 10 في المئة من النازحين وتأمين حمايتهم الأمنية في قراهم. ثانياً، إقفال معامل الكبتاغون والحدّ من الآفة الخطيرة.

انتقال النازحين بحسب التصوّر المذكور، يمكن أن يتبلور من منطقة عرسال إلى القرى السورية المحاذية تدريجاً. وأن يصار بعدئذ إلى إعادة تنظيم حضور ما تبقّى من نازحين داخل الأراضي اللبنانية وتقليص أعدادهم في مناطق مركزية ما يخفّف ضغوط ظاهرة النزوح، كما ويقلّل الاحتدام الخطابي الحاصل من المناهضين لها. وثمة تساؤلات جلية مطروحة من نواب سياديين، حول إذا كان “حزب الله” يريد فعلاً عودة النازحين، طالما أنّ #النظام السوري لا يريد إعادتهم ويتعامل بعدائية مع الراغبين في العودة.

ماذا عن مدى تقبّل النازحين لفكرة العودة إلى بلادهم، انطلاقاً من عيّنة المتواجدين في مخيمات عرسال الذين يدور حولهم اقتراح أوّليّ؟ بحسب استطلاعات ناشطين لبنانيين متخصصين واكبوا علمياً ملفّ النازحين لسنوات ماضية، فإنّ الشهادات تتعدّد بين نماذج معبّرة عن خشية من العودة إذا تعذّرت الضمانات بحماية أمنية لها كونها شاركت في تظاهرات مطلبية ضدّ النظام السوري أو معارِضة لسيطرته على الحُكم. وهناك طابع آخر بارز لنماذج نازحين اختاروا العيش في لبنان لأسباب اقتصادية أو ما يعرف بمسمّى “الطابع الاقتصادي للهجرة”، وهؤلاء منهم لا يمانعون العودة إذا تأمنت لهم رعاية مادية تمنح لهم في لبنان. وهناك فئة كبرى أيضاً تتمحور مطالبها حول استعادة أراضيها ومنازلها في القرى المجاورة للحدود اللبنانية والتي تسيطر عليها حالياً تنظيمات عسكرية. وتعني هذه الاضاءات أن أعداد لا يستهان بها من النازحين المتحدّرين من قرى سورية محاذية للبنان، قابلة للعودة إذا تأمنت لها حماية أمنية أو لبعضها الآخر استمرارية مادية أو استعادة أراضيها.

في حديث الاحصاءات، تُقدّر السلطات اللبنانية أعداد النازحين المسجّلين لدى الأمم المتحدة بأكثر بقليل من 800 ألف نازح، في وقت تتعدد الاجتهادات حول غير المسجلين منهم، بين ما يقارب 600 ألف أو ما يزيد عن مليون نازح. وإذ تُحصى أعداد المتواجدين في مخيمات عرسال والقرى اللبنانية المجاورة بحوالي 190 ألفاً، فإنّ الصيغة التي يقترحها النائب ريفي تراهن على إمكان تأمين عودة 150 ألفاً من بينهم.

في محصّلة عامّة حتى يكون في استطاعة الدولة اللبنانية حيازة إحصاءات رسميّة، الناشط البيئيّ والسياسيّ المتابع لملفّ النازحين زياد أبي شاكر، يقول لـ”النهار” إنّ “معرفة الأعداد العلمية تحتاج مسحاً من البلديات وتقديم الإحصاءات على مستوى كلّ بلدة إلى الأمن العام. ومن جهة ثانية، في الإمكان تحديد عدد المستفيدين من التقديمات من خلال الـ “”UNHCR، لكنّ المعضلة تمثلت في ترك السلطات اللبنانية موضوع #النزوح السوري 10 سنوات مضت دون أيّ متابعة علمية، في وقت كان حريّ اتباع مقاربة الأردن الذي جمع النازحين في مخيمات حدودية كبرى (مخيم الزرقاء مثالاً يحتذى) تحت إدارة الأمم المتحدة. ما حصل في لبنان أنّ كُثراً من الساسة اللبنانيين، لم تكن لديهم مصلحة في إدارة الأمم المتّحدة لمسألة اللجوء، ما أدخل البلاد في مشكلة تنظيمية ليس في الإمكان حلّها بالطريقة الحالية على المستوى اللبنانيّ. وكان الأحرى أن يُترك موضوع إدارة النزوح للأمم المتحدة، وليس للساسة اللبنانيين الذين استفادوا من إدارتهم للملفّ”.

المصدر
مجد بو مجاهد - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى