محلي

الغارديان”: لبنان يواجه نهاية الزمان

في وقتٍ تعاني فيه البلاد من تضخم مفرط (نتيجة لزيادة عرض النقد في السوق؛ مما يؤدي إلى انخفاض قيمته الشرائية) ونقص في الوقود والإمدادات الطبية، يتزايد الضغط في الداخل والخارج للتعامل مع مستنقع الحكم الذي سقطت فيه البلاد.أعدَّ مارتن شولوف، مراسل صحيفة “الجارديان” في الشرق الأوسط، تقريرًا نشرته الصحيفة البريطانية بشأن الأزمات التي يعاني منها لبنان، وهل هناك مسار سياسي يمكن أن تجد فيه البلاد مخرجًا من المستنقع الذي غاصت فيه أقدامها؟وفي بداية التقرير يشير مارتن شولوف إلى أن “الأضواء خفتتْ، وأصبح لبنان أشد ظلمة خلال الشهر الماضي، بعد أوقفت باخرتان لإنتاج الكهرباء مولداتهما العائمة عن العمل، وكانت هذه المولدات تعزز شبكة الكهرباء في البلاد. وكانت النتيجة أن زاد انقطاع الكهرباء عن معظم المنازل لمدة ست ساعات إضافية في اليوم الواحد، أو اشتدت الحاجة إلى الوقود الذي تعمل به المولدات الكهربائية لمَنْ يستطيعون دفع تكلفته”.

واستدرك كاتب التقرير قائلًا: ومع ذلك هناك نقص أيضًا في إمدادات الوقود في تلك البلاد التي ضربتها الأزمة. وتكاد الطوابير العملاقة تُغلِق الطرق الواقعة بالقرب من محطات تعبئة الوقود، وتقتصر عمليات التعبئة على 20 لترًا فحسب؛ مما يجعل معظم رحلات الحصول على الوقود محفوفةً بالمخاطر.وخلال عطلة نهاية الأسبوع انتشرت قوات الأمن اللبنانية في مدينة طرابلس الشمالية، وحاصرت مؤسسات الدولة الرئيسة بعد ليلة من الاحتجاجات وأعمال الشغب ضد تدهور الظروف المعيشية؛ مما أدَّى إلى إصابة العديد من المتظاهرين و10 جنود. كما أن هناك نقصًا في الأدوية والمستلزمات الطبية أيضًا؛ إذ لا يتوفر العلاج للعديد من الأشخاص الذين يعانون من أمراض حادة.

ولفت التقرير إلى أنه وفقًا للعديد من اللبنانيين لم يزل هؤلاء الفاسدون القابعون في السلطة، الذين ينخرون في مفاصل الدولة كما ينخر السوس في لُبِّ الأشجار، أقوياء كما كانوا دائمًا، حتى بعد مرور 18 شهرًا على بداية ظهور العلامات الأولى للأزمة الاقتصادية. وفي ظل تفكك لبنان يُمعِن الدبلوماسيون والمسؤولون عن المساعدات، والمسؤولون العالميون، بل بعض القادة المحليين، النظر في مدى قدرة دولة ترفض الإصلاح – حتى لإنقاذ نفسها – على البقاء والاستمرار.وبعد مرور قرابة 11 شهرًا على الانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ بيروت في (آب) الماضي لم يكن هناك أي تقدُّم في محاولات تشكيل حكومة لبنانية، حتى في ظل التضخم المفرط، والنظام المصرفي المُعطَّل الذي أدَّى إلى تدمير مدخرات المواطنين، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتسارع هجرة العقول.

وتقول نجاة رشدي، نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة، ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان: إن “الانفجار… أدَّى إلى تسريع أمور كثيرة، وهذا أمر مؤكد. كما أدَّت الأزمة الاقتصادية، وانخفاض قيمة العملة اللبنانية (الليرة)، وكذلك الفراغ في الإدارة، إلى انهيار الخدمات العامة في وقت تشتد فيه الحاجة إلى تلك الخدمات”.

وارتفع معدل الفقر المدقع في طول لبنان وعرضها ثلاثة أضعاف منذ ظهور العلامات الأولى قبل نحو عامين على اقتراب الاقتصاد من حافة الهاوية.وفيما يخص عائلات لبنانية كثيرة تكاد تكون الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والكهرباء، والمياه، والإنترنت، والتعليم، حُلمًا بعيد المنال، لكن لم يكن لهذه الأوضاع أي تأثير يُذكر على السياسيين العازمين على حماية نظام المحسوبية الذي يعتمد على الروابط الطائفية التي قوَّضت الحكم الرشيد لعقود.

وأفاد التقرير أن السياسيين في البلاد ما زالوا غير قادرين على التوصُّل إلى حل يرضي جميع الأطراف بشأن الحقائب الوزارية، والحصص في مقاليد الحكم، ويُعد عنادهم بمثابة اختبار عملي للآمال المُعلَّقة على إمكانية إدارة الوزارات في المستقبل باعتبارها مؤسسات، وليست إقطاعيات.

ولكن عندما كانت الهيئات العالمية والحكومات الدولية مستعدة نوعًا ما لدعم لبنان خلال الأزمات الماضية، التي كانت أقل حدة من الأوضاع الحالية، يُنظر إلى الكارثة هذه المرة على أنها يمكن تجنُّبها إلى حد كبير؛ إنها قضية حكم رشيد أكثر منها قضية إنسانية. تقول نجاة رشدي: إن “تطوير لبنان مسؤولية اللبنانيين، وتنمية لبنان ليست مسؤولية المجتمع الدولي”.

وكان من الصعب تفهُّم مثل هذه الفظاظة التي تحلَّى بها قادة الحرب الأهلية والموالون لهم الذين ما زالوا يسيطرون على شؤون البلاد. وأبلغت فرنسا، المستفيدة على طول الخط من لبنان وما يحدث فيها، كبار المسؤولين مرارًا وتكرارًا أن المساعدات لن تبدأ في التدفق إلا بعد إدخال إصلاحات، مثل الشفافية، وإفساح المجال أمام البنك المركزي للتدقيق.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى