مقالات

لماذا لم تتجاوب القوى السياسية مع دعوة عون للحوار؟

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

يُسلم العام المنصرم 2021 العام الجديد 2022 المواضيع السياسية والقضائية الخلافية والأزمات على إختلاف أنواعها وأشكالها التي ترخي بظلالها القاتمة على اللبنانيين الذين فقدوا الأمل في نية أو قدرة السلطة الحاكمة على إيجاد الحلول الناجعة لها، خصوصا في ظل التعطيل المستمر الذي يحول دون إستئناف مهمة وقف الانهيار والتي بدأت مساحتها تضيق مع كل يوم تأخير إضافي.

 قبل أيام من نهاية العام، إنشغل اللبنانيون بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى طاولة حوار للبحث في اللامركزية المالية والادارية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي الاقتصادي..

وإذا كان بند اللامركزية قد أخذ حيزا واسعا من التحليلات والتأويلات والتفسيرات أفضت الى إتهام عون بالدعوة الى “فدرلة” مقنعة تمهد للتقسيم، ما إستدعى ردا توضيحيا من مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أمس نفى فيه هذا الأمر جملة وتفصيلا، فإن الدعوة بمجملها لم تجد حتى الآن أي تجاوب من القوى والأحزاب السياسية المعنية، في وقت حرص فيه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي على ملاقاة رئيس الجمهورية من باب الايجابية المطلقة التي يتعاطى بها في كل الملفات، حيث أضاف بند “النأي بالنفس وتمتين العلاقات مع الدول العربية لا سيما دول الخليج وعدم التدخل بشؤونها أو الاساءة إليها، وعدم التدخل بما لا شأن لنا به وخصوصا في اليمن”، ورفض بند خطة التعافي الاقتصادي كونها من صلاحيات الحكومة ولا علاقة لطاولة الحوار بها.

لماذا لم تتجاوب القوى السياسي مع دعوة عون الى الحوار؟

تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الدعوة الى طاولة حوار على مسافة عشرة أشهر من إنتهاء ولاية الرئيس عون وخمسة أشهر من إنتهاء ولاية مجلس النواب، هي لعب في الوقت الضائع، لذلك لم تجد أي تعاطي إيجابي من قبل المدعوين إليها لأسباب عدة أبرزها:

أولا: أن الرئيس عون هاجم المنظومة السياسية بكل أطرافها وإتهمها بالفساد والعرقلة وبتعطيل الاصلاح وحملها مسؤولية الانهيار وهو كان دعا الى تغيير المتحاورين في لقاء صحافي سابق مع نقابة المحررين، ثم دعا من إتهمهم بالفساد والعرقلة الى طاولة حوار واضعا نفسه في تناقض واضح وغير مبرر.

ثانيا: طرح الرئيس عون لثلاثة بنود لمناقشتها على طاولة الحوار وتجاهله السبب الرئيسي للأزمة السياسية وهو ملف المحقق العدلي في إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي لم يتطرق له خلال كلمته ولم يضعه بندا أساسيا للحوار، علما أن هذا الملف الخلافي بإمتياز، هو من يعطل عمل الحكومة، وهو من تسبب بمجزرة الطيونة، وهو من يضع البلاد على حافة الانفجار.

ثالثا: يبدو واضحا أن الأطراف السياسية المعنية بالحوار لن تبادر قبل أشهر من إنتهاء ولاية الرئيس عون الى تعويم عهده بطاولة حوار، أو الى اللقاء والتعاطي مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وإعطائه جرعة سياسية ومعنوية عشية الانتخابات النيابية.

رابعا: تأخر الرئيس عون في الدعوة الى طاولة الحوار، خصوصا أن ما يمكن التوافق عليه يحتاج الى قرارات من الحكومة المعطلة، والى تصديق من مجلس النواب المكبل بعدم دعوة رئيس الجمهورية الى فتح دورة إستثنائية، كما أن البنود المطروحة يحتاج التوافق عليها الى وقت، وهو لم يعد متوفرا لا لمجلس النواب ولا للرئيس عون.

خامسا: طرح الرئيس عون لبند اللامركزية المالية والادارية الموسعة بمفردها من دون التطرق الى ما يجب أن يترافق معها من إصلاحات جاء بها إتفاق الطائف، خصوصا أن اللامركزية تأتي ضمن منظومة متكاملة تتضمن إنتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي، وإنتخاب مجلس شيوخ لتمثيل الطوائف، وإلغاء الطائفية السياسية، ما يعني أن طرح الرئيس عون من شأنه أن يؤدي الى تشويه إتفاق الطائف لا الى تطبيقه.

من الواضح أن العام الجديد سينطلق على سخونة سياسية قد تؤدي الى تنامي الأزمات، لا سيما في ظل إستمرار التعطيل غير المبرر لحكومة من المفترض أن تتخذ قرارات بالملفات التي بات معظمها جاهزا من خلال الاجتماعات الوزارية التي يحرص الرئيس ميقاتي على أن يعقدها يوميا، إضافة الى قرارات تتعلق بالاستحقاق الانتخابي والتي كلما تأخر صدورها كلما كان التهديد أكبر بالاطاحة بالانتخابات..

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى