صحة

إلتهابات الأمعاء التقرحية ومرض الكرون


د. وسيم بكراكي

عند الحديث عن أمراض التهابات الأمعاء يتبادر إلى الذهن مباشرة مرض الكرون
Crohn disease
ومرض التهاب الأمعاء التقرحي الذي يسمى باللغة الانكليزية باسم
ulserative colitis.
وهما مرضين مختلفين سواء من ناحية الأعراض المرافقة أو من ناحية الأماكن المصابة في الأمعاء.
فمرض التهابات الأمعاء التقرحي يكون محددا بمنطقة الأمعاء الغليظة وبشكل متصل دون أن يترك بقع سليمة بين المناطق المتقرحة. بينما مرض كرون يمكنه أن يكون في أي جزء من أجزاء الجهاز الهضمي من بداية الفم وصولا إلى فتحة الشرج.
كلا المرضين لديهما أوقات يشتد فيها المرض وأوقات أخرى هادئة.
أ- التهابات الأمعاء التقرحية:
هي باختصار التهاب الطبقة الداخلية من الأمعاء الغليظة بشكل تكون متورمة ومتقرحة وملتهبة. عادة ما تكون هذه الإلتهابات التقرحية بنسبة 95 بالمئة تقريباً تبدأ من نهاية الأمعاء الغليظة أي من منطقة الريكتوم قبل فتحة الشرج مباشرة وصولا إلى منطقة بداية الأمعاء الغليظة.
وبسبب أن خاصية هذا المرض هو الانتشار بشكل متواصل، لا يمكنك مشاهدة بقع سليمة بين البقع المصابة بالمرض. علماً أن 80 بالمئة من الحالات تكون مقتصرة على منطقة الريكتوم أو في منطقة ريكتوسيغموييد أي المنطقة الأخيرة من الأمعاء الغليظة.
يأخذ مرض التهابات الأمعاء التقرحية عدة أسماء مختلفة بحسب المنطقة التي تعرضت للمرض فإذا كان المرض منتشراً في كل الأمعاء الغليظة يسمى بانكوليت pancolitis واذا كان في منطقة الريكتوم فقط يسمى التهاب المستقيم التقرحي ulcerative proctitis
على سبيل المثال.
ب- مرض كرون:
لتعريف هذا المرض بشكل مبسط هو التهاب منطقة أو عدة مناطق في آن معاً في المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة أو الغليظة أو في جميع هذه المناطق مجتمعة في آن معاً. وقد أخذ هذا المرض اسمه من الدكتور بوريل كرون الذي اكتشفه في العام 1932م.
يمكن لهذا المرض كما ذكرت أن يصيب أي منطقة من مجرى الجهاز الهضمي سواء على شكل تقرحات في الفم أو على شكل شقاقات الفيسور والفيستول في منطقة الشرج وكل ما بينهما…
وكما هو الحال في مرض التهابات الأمعاء التقرحية يشهد هذا المرض فترات من التأزم والهدوء.
فترات التأزم تعني عادة انتشار المرض في مناطق جديدة لم يكن قد وصل إليها من قبل وقد تتأثر الغدد اللمفاوية المجاورة له. ومما يجدر ذكره أن هذا المرض قد يكون على شكل سنتيمترات قليلة وقد يصل طول المنطقة المصابة إلى متر كامل. ولهذا قد يكون من الصعوبة أحياناً التوصل إلى تشخيص المرض حتى لو تم إجراء الاندوسكوبي والريكتوسكوبي وهو ما يدفع علم هندسة الأدوات الطبية إلى تطوير كبسولات يتم ابتلاعها لتحري في كامل المجرى وتصور هذه الأجزاء المختلفة لدراستها وتحديد أماكن الإصابة بشكل أفضل.
بعض الأماكن المصابة قد يؤدي إلى تضيق هذا المجرى بفعل التورم والالتهابات.

الأسباب:
مسببات كلا المرضين ما زالت غير معروفة ولكن يعتقد أن للعامل الوراثي والعوامل البيئية علاقة وطيدة بحيث أن مرض كرون مثلاً يزداد نسبة عند المدخنين ومدمني الكحول. كما أن استخدام بعض الأدوية كالأسبرين والمضادات الحيوية وبعض المسكنات وحبوب منع الحمل يزيد من شدة هذه الأمراض.
يعتقد أيضا أن هناك علاقة بين الاضطراب والضغط النفسي والحزن وبين كلا المرضين.
ولكن لم يتم إلى الآن تحديد أي مادة غذائية أو أي ميكروأورغانيزما مسؤولة عن حدوث هذه الأمراض. ولكن يعتقد أن بعض الإلتهابات لها دور في حدوث التهابات الأمعاء التقرحية.

تأثيرات التهابات الأمعاء على الجسم:
لكون الأمعاء هي المكان الرئيسي لكل عمليات الامتصاص للمواد المغذية والضرورية للجسم فإن هذه الأمراض تؤثر على مختلف أجزاء الجسم دون استثناء تقريباً حيث يمكن لمريض التهابات الأمعاء أن يتعرض لعوارض في العينين كالشعور بوجود جسم غريب في العين أو آلالام العينين والإنزعاج من الضوء، وضعف الرؤية أو حتى التهاب العينين.
الجلد أيضا يأخذ نصيبه من المرض حيث يمكن رؤية الحساسية والتشقق والجروح.
المفاصل أيضا قد تتعرض لالتهاب المفاصل artrit والآلام المفاصل المختلفة. بل وقد نشاهد مثلا “أصابع النادي” clubbing عند مرضى كرون.
الفم وتقرحاته والقلاع المتعددة يمكن مشاهدتها لدى مرضى كرون بكثرة.
التهابات المسالك البولية وحصى الكلى موجودة بكثرة لدى مرضى كرون.
وهكذا يمكن لأمراض الأمعاء الالتهابية أن تؤثر على مختلف مناطق الجسم بطرق مختلفة وهو ما يستدعي من الطبيب أن يضع هذه الأمراض نصب عينيه في مختلف الحالات التي تحدث بشكل متكرر ولا يجد لها تفسيرا واضحاً أو لا تستفيد بشكل مباشر من العلاج المعتمد.

عوارض التهابات الأمعاء التقرحية:

  1. آلالام البطن التشنجية
  2. الإسهال المترافق مع النزيف.
  3. إفرازات لإجراء مع البراز.
  4. الحاجة للتغوط بشكل متكرر.
  5. فقر الدم
  6. الإمساك لدى بعض المرضى.
  7. فقدان الشهية.

عوارض مرض كرون:

  1. آلام ونفخة في البطن.
  2. الإسهال أو الإمساك
  3. وجود الدم في الغائط
  4. التعب والإرهاق
  5. فقدان الشهية
  6. نقص الوزن
  7. ارتفاع درجة الحرارة
  8. جروح وخراجات وإفرازات في المنطقة الشرجية

العلاج:
يتم تحديد العلاج بحسب كل حالة بشكل منفرد.
يجب المتابعة من قبل أخصائي أمراض الجهاز الهضمي.
ممكن اللجوء إلى الحل الجراحي حسب حالة المريض في حال عدم الحصول على تحسن عبر العلاجات الدوائية. ويتمثل العلاج الجراحي باستئصال الجزء المصاب أو إذا دعت الحاجة استئصال كامل الأمعاء الغليظة في حالة التهابات الأمعاء التقرحية وفي حالة مرض كرون قطع وتوصيل الأمعاء بحسب المناطق المصابة اذا كان ذلك الأمر ممكناً.
أخيراً؛ قد نشاهد التهابات الأمعاء التقرحية عادة عند الأطفال في عمر سنتين ومن عمر 15 إلى 30 سنة . بينما مرض كرون ممكن أن يكون في أي مرحلة من مراحل العمر. ولكنه يكون أكثر حدوثاً في مرحلة العمر ما بين 15 إلى 30 سنة وفي المرحلة الثانية في العمر ما بين 60 إلى 70 سنة.
وكسؤال يطرح على الأذهان، لا يمكن اعتبار مرض كرون بأنه سرطان بحد ذاته ولكن تطور هذا المرض قد يؤدي إلى حدوث مرض السرطان ولهذا أحد أهم أسباب العمل الجراحي هو تفادي الوصول إلى هذه المرحلة.
نفس الأمر هو بالنسبة لمرض التهابات الأمعاء التقرحية بحيث تزداد نسبة حدوث السرطان 1 بالمئة كل عام لدى المصابين بهذا المرض.

الدكتور وسيم بكراكي

إختصاصي طب أطفال طبيب تركي لبناني رئيس جمعية الثقافة والصداقة اللبنانية ( توليب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى