الصحف

العقول اللبنانيّة المهاجرة… خسائر بالمليارات

تعتبر ظاهرة الهجرة من والى لبنان معقدة بمختلف معاييرها، فضلا عن تأثيراتها السلبية في البنية الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية بالنسبة لدولة صغيرة الحجم كلبنان. وللتقلبات الديموغرافية آثار عميقة على الاقتصاد والسياسة والمجتمع، يمكنها احداث تحول جذري في هيكل الوطن عندما تكون موجات الهجرة “رعّابة”، مما يجعل هذا البلد عرضة لتداعيات التغييرات الديموغرافية الكثيفة، التي تعصف به منذ أكثر من قرن.

ووفقا لدراسة أجرتها Lebanese Citizen Foundation فإن لبنان تعرض لصدمة هجرة مزدوجة، ان من خلال المساعدات المقدمة للنازحين أو التدفق الهائل للاجئين السوريين واستقرارهم فيه منذ عام 2012. وأشارت الدراسة الى “ان الانهيار الاقتصادي في عام 2019 دفع اللبنانيين الى الهجرة الجماعية، الامر الذي أدى الى تراجع الاستهلاك المحلي والاستيراد، مع زيادة التحويلات النقدية من خلالهم. وفي خضم الازمات المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية أصبحت الهجرة حلا غير معلن”.

وتناولت الدراسة في تحليلها نهجين رئاسيين:

  • نهج التدفق الديموغرافي، الذي يركز على تحركات السكان من خلال بيانات المطار غير المتوفرة بشكل متواصل بسبب تأثرها بأحداث عدة، وبالتالي أضحت غير كافية للاستناد عليها في هذه الدراسة.
  • نهج المخزون السكاني الذي يستخدم البيانات من إدارة الإحصاء المركزي، لاستنتاج المعلومات الديموغرافية التقريبية.

الجدير ذكره ان هذه الدراسة دقيقة ومعمّقة، حيث قامت بإعادة بناء هرم الفئات العمرية وصياغة السيناريوهات ذات الصلة، وتمكنت من تقديم تحليل دقيق ومرئي للسياق الديمغرافي وحركة الهجرة في لبنان.

حصيلة الدراسة
استندت Lebanese Citizen Foundation الى التقديرات منذ عام 2018 فكانت الحصيلة مثيرة للقلق، بحيث تظهر بيانات اللاجئين السوريين في لبنان انه بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وأربع سنوات، يبلغ عدد الأطفال السوريين أكثر من ضعف عدد الأطفال اللبنانيين؛ وبالمثل في الفئة العمرية من 5 الى 9 سنوات يتخطى السكان السوريون عدد السكان الأصليين لكلا الجنسين؛ كذلك الامر بالنسبة للفئة العمرية من 10 الى 14 عاما، في حين انه يتعادل قليلا مع أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما”.

نصف اللبنانيين خارج الوطن
واكدت الدراسة ان نحو ما يقارب 50% من اللبنانيين غادروا وطنهم، وتزداد حدة النمو الديموغرافي بسبب ارتفاع معدلات الهجرة الى لبنان. واظهرت الدراسة تخوفا من ان تصبح هجرة اللبنانيين الحل الوحيد للازمة الاقتصادية والنقدية الحالية. لذلك فإن البلد يدفع ثمنا باهظا من خلال تصفية ارثه المؤسساتي وثروته البشرية المنتجة، لافتة الى ان ممارسات التجاهل تؤدي الى تفاقم واضطراب الوضع الامني.

رئيس مركز السكان والتنمية : لبنان يخسر رأسماله!
وفي الإطار، بيّنت الدراسة ان التغيير الديموغرافي كان لافتاً في وصول السوريين ما بين العامين (2012 – 2015) والازمة الاقتصادية (2019 – 2023) وما بين 2004 و2018، لا شك ان اجمالي عدد السكان قفز بنسبة 46% (38% إذا اخذنا الرقم 1,200,000 للسوريين في عام 2018)، ثم انخفض بنسبة 7% في عام 2023. وكانت معدلات الاعالة قد ارتفعت بنسبة 13% ، وتراجعت نسبة اللبنانيين من مجموع السكان الى ما بين 20 و25% وأصبحوا تقريبا اقلية دون سن 15 عاما.

وخلصت الدراسة الى “ان التطورات الديموغرافية المحتملة من خلال دفع عملية التوقعات بدأ تنفيذها بالفعل بشأن المرحلة القادمة (2018 – 2023)، والتي تم استخدامها لتقييم الوضع الحالي، ثم تقييم خمسي حتى عام 2033 على 3 مراحل 2023 – 2028، 2028 – 2033 و2038”.

بالموازاة، شرح رئيس مركز السكان والتنمية الدكتور علي فاعور لـ “الديار” انه “يتبيّن بحسب المسح الأخير، الذي أجرته إدارة الإحصاء المركزي عام 2018، أن عدد السكان المقيمين في لبنان قد بلغ نحو 4,8 مليون نسمة (لا يشمل العدد المخيمات الفلسطينية ومحيطها، ولا يغطي الوحدات غير السكنية للنازحين)، بينما بلغ عدد اللبنانيين منهم نحو 3,8 مليون نسمة، يمثلون 80 % من مجموع المقيمين. يُضاف اليهم عدد اللبنانيين المقيمين في الخارج من المسجلين في سجلات قيد النفوس، ويُقدر عددهم بنحو2.5 نسمة، يُضاف اليهم عدد من غير اللبنانيين، من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين ( ويُقدر عددهم بنحو 3.5 مليون نسمة)، بحيث يمكن القول أنّ عدد السكان الذين يعيشون في لبنان عام 2020، بات يقارب سبعة ملايين ونصف مليون ساكن، وهذا الرقم هو الأعلى في تاريخ لبنان”. واشار الى “ان هذه الأرقام لا تغطي العدد الحقيقي لجميع المقيمين في لبنان من اللبنانيين، وغيرهم ممن يحملون جنسيات متنوّعة، من العرب والأجانب”.

المصدر
الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى