عربي ودوليمقالات

عشر ضمانات واستحقاقات أو “لا” انتخابات…!!

كتب رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية الدكتور أيمن نور

بين المقاطعة السلبية، والمشاركة الهزلية، خط فاصل وسؤال كبير هو :

هل هناك إرادة للتوجه نحو انتخابات حقيقية أم لا ؟!

وإجابة هذا السؤال ليست متروكة للنظام فقط، ولا يمكن اختزالها، في مجرد وعود وإعلان نوايا طيبة، فالإجابة من خلال إجراءات، وتعديلات دستورية وتشريعية واجبة، تحقق الحد الأدنى من ضمانات انتخابات حقيقية، وفقًا للمعايير الدولية، للانتخابات النزيهة والعادلة .. التي لن يقدم عليها النظام باختياره منفردًا دون ضغط من المجتمع ووعي وتوافق بين مكونات الجماعة الوطنية.

ويمكن اختزال “خارطة الطريق” لانتخابات رئاسية حقيقية في عشر نقاط وعناوين رئيسية وهي :

أولاً : إصلاح الحالة السياسية والحقوقية بما يوفر بيئة لانتخابات حقيقية
ثانيًا : توفير الضمانات لانتخابات “نزيهة” من خلال رقابة دولية شاملة
ثالثًا : إزاحة كافة القيود على الحق في الترشح والمنافسة العادلة
رابعًا : إزالة كافة العقبات أمام حق الانتخاب والاختيار الحر للناخب
خامسًا : إتباع المناهج الدولية المعتمدة لإقرار قواعد الشفافية والحياد
سادسًا : إعادة تشكيل المفوضية الخاصة بإدارة العملية الانتخابية
سابعًا : إزالة التشوهات الدستورية المتصلة بالانتخابات الرئاسية وتحديدًا المادة رقم 140 المعدلة في تعديلات إبريل 2019 والمادة رقم 141 والمادة رقم 142
ثامنًا : تعديل أحكام القانون 174 لسنة 2005 والتشوهات التي أدخلت عليه في تعديلات 2014 بالمخالفة لأحكام دستور 2014
تاسعًا : إضافة عشرة نصوص وأحكام مستحدثة لسلامة العملية الانتخابية 2024
عاشرًا : توفير حصانة قانونية للمرشحين والمراقبين أثناء قيامهم بدورهم أو بمناسبته


أولاً : الإصلاح السياسي والحقوقي     (3 أسئلة)

  • هل يمكن أن يكون لدي مجتمع غير حر، انتخابات حرة ؟!
  • هل يمكن أن يكون لدى نظام “موقف” سياسي ضد الحياة السياسية، ويكون له “مزاج” سياسي في إجراء انتخابات رئاسية حقيقية ؟!
  • هل يمكن أن تموت السياسة وتغتال الحريات في وطن يأمن فيه مواطن أن ينافس على السلطة ؟!

الإجابة : إذا توافقنا على إجابة الأسئلة السابقة بالنفي، فلابد من أن تكون الخطوة الأولى في أي عملية انتخابية حقيقية هي:

<<تهيئة المناخ العام>>

وذلك من خلال الخطوات الخمس التالية:

  1. طلاق سراح كافة المعتقلين على ذمة قضايا الرأي
  2. إصدار عفو عام عن كافة الصادر ضدهم أحكام في القضايا السياسية
  3. وقف التدخلات الأمنية البوليسية في الحياة العامة والحزبية
  4. تفعيل النص الدستوري المعطل الخاص بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية
  5. إطلاق حرية الإعلام ووقف الاستقطاب الإعلامي ورفع الحجب على المواقع الصحفية وتفعيل الحقوق الدستورية المتصلة بالحق في التعبير والحق في التظاهر والتجمع السلمي


ثانيًا : الرقابة الدولية والانتخابات

أعلن عبد الفتاح السيسي يوم 13 يناير 2022 في كلمته أمام مؤتمر الشباب، عن كامل استعداده لإجراء انتخابات رئاسية تحت إشراف كامل من الأمم المتحدة والبرلمان الأوربي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية

(مرفق رابط لكلمة السيسي : https://youtu.be/HH8XwIRp6f8  )

(ومن هنا نطلب أن تقدم مصر بوصفها دولة عضو بالأمم المتحدة لشئون المساعدة الانتخابية)

ولما كان الأمر كذلك فمن حق القوى السياسية والمجتمع المصري أن يتمسك بما عرضه السيسي شخصيًا ومن تلقاء نفسه “خاصة” أن مثل هذا الإشراف الدولي أمر جرى العمل به في الكثير من الدول التي تمر بمراحل التحول الديمقراطي وتحتاج لخبرة المجتمع الدولي في هذا المجال

كما أن مشاركة مصر في الرقابة على الانتخابات التي تجري في بعض الدول تنفي ادعاء البعض أن الرقابة الدولية والأممية تحمل شبهة التدخل في الشئون الداخلية

وهنا يجب التأكيد أن المقصود بالرقابة الدولية والأممية هي الإشراف الكامل على مجمل العملية الانتخابية وليس فقط العد والفرز، والجهات المقصودة هي مؤسسات دولية معتبرة وليس جماعات أهلية أجنبية


ثالثًا : إزالة القيود على الترشح

معظم الوثائق الدستورية في معظم دول العالم الحر تساوي بين الحق في الترشح والحق في الانتخاب فيكون من له حق الانتخاب له حق الترشح

إلا أن المشرع الدستوري المصري لجأ في مراحل تاريخية طويلة لإجهاض الحق في الترشح بأعباء وشروط مستحيلة على غرار نص المادة رقم 76 من دستور 1971 -قبل تعديل 2005- والتي كانت تشترط لقبول أوراق المرشح تزكية ثلث أعضاء البرلمان وهو ما لم يحدث أبدًا بطبيعة الحال

قبل ثورة يناير تم تعديل نص المادة رقم 76 من الدستور ليوارب الباب الذي كان مقررًا فتحه لإتاحة الفرصة أمام ترشيح نجل الرئيس في إطار مشروع “التوريث”، إلا أن ثورة يناير ودستور 2012 استمر في فتح الباب بإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية أن تقدم (تزكي مرشحًا لها) فضلاً عن حق 20 نائبًا في البرلمان في تزكية مرشح فضلاً عن شرط جمع توكيلات من المواطنين وهو الأمر الذي عجز أمامه كافة المرشحين حتى اللواء عمر سليمان مدير المخابرات الأسبق الذي تم استبعاده من انتخابات 2012 لعدم اكتمال توكيلاته

وقد أدخلت التعديلات الدستورية التي جرت في 2014 و 2019 مزيدًا من القيود المفصلة خصيصًا للتضيق على أي مرشح من خارج السلطة

كما جرت تعديلات أخرى على قانون الانتخابات الرئاسية عام 2014 أغلقت بشروط مفصلة كل أبواب المنافسة على الانتخابات الرئاسية

(مرفق رابط لدراسة أعدها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حول المآخذ على تعديل هذا القانون 174 لسنة 2005 https://acpss.ahram.org.eg/News/5379.aspx  )

وتشير الدراسة لمخالفة عدد كبير من مواد القانون للقواعد الدستورية المستقرة
ولما كان الأمر كذلك فالحديث عن انتخابات رئاسية حقيقية يقتضي وجوبًا تعديل ثلاثة مواد في دستور 2014، وكذلك قانون الانتخابات 174 لسنة 2005 وهو ما سنشير إليه تفصيلاً في البندين سابعًا وثامنًا في هذا المقال


رابعًا : القيود على الانتخاب

يبدو جليًا من تراجع نسب المشاركة في كافة العمليات الانتخابية -خاصة- الرئاسية منها له ارتباط واضح بعدم الشعور بجدية العملية الانتخابية ككل ويمكن أن نقرأ هذا بوضوح في الفارق الكبير بين نسبة المشاركة في انتخابات 2012 وما بعدها 2014 / 2018

وإذا كانت العقبة السابقة هي عقبة غير مباشرة فهناك عقبات أخرى مباشرة تتصل تحديدًا بتصويت المصريين في الخارج (قرابة 14 مليون) حيث تعمد النظام لحرمان قطاع كبير منهم من الحق في التصويت من خلال حرمانهم من تجديد أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم رغم مخالفة هذه الإجراءات للحق الدستوري الثابت في نص المادة رقم 62 و 92 والمادة رقم (6) من دستور 2014 ومخالفة هذا للمواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها مصر


خامسًا :القواعد الدولية للشفافية والنزاهة

يسهم وجود قواعد دولية مهنية ومجربة في وجود إطار واضح ومتسق وحاكم للعملية الانتخابية الأكثر كفاءة

ولا شك أن هيئة الأمم المتحدة التي خصصت منسقًا عامًا لشئون المساعدة الانتخابية وقد أصدر جيفري فيلتمان منسق الأمم المتحدة للمساعدة الانتخابية عدد من الوثائق التوجيهية عام 2014 في إطار ضبط أداء فرق العمل المحلية لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية في الدول التي تطلب مساعدة الأمم المتحدة

وعلى صعيد أخر يمكن اعتبار الإعلان العالمي لنزاهة الانتخابات الصادر عن البرلمان الدولي في باريس عام 1994 (أثناء رئاسة فتحي سرور له) هو أحد الوثائق الدولية ذات الحجية والأهمية في إجراء انتخابات نزيهة

وكذلك يمكن الاستفادة من قواعد العمل التي أصدرتها اللجنة المستقلة لانتخابات جنوب أفريقيا عام 1994


سادسًا : إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات

الهيئة المنوط بها إدارة العملية الانتخابية لها وجه قانوني ووجه سياسي كونها تدير عملية صعبة وحساسة سياسيًا ينبغي أن تحظى على ثقة مختلف الأطراف المعنية

ولا شك أن الثقة التاريخية في الهيئة القضائية المصرية تأثرت بدرجة ما في السنوات الأخيرة لتنامي إحساس قطاع من المواطنين بارتباط قيادات السلطة القضائية بعلاقات وثيقة برأس السلطة التنفيذية -خاصة- لدوره الأكثر تغولاً في اختيار رؤساء الهيئات القضائية

وبالتالي تجدر الإشارة هنا إلى أن لتعزيز الطمأنينة بشأن العملية الانتخابية ككل يفضل الانحياز لنمط الاختيار “المختلط” في اختيار أعضاء المفوضية بحيث يكون نصف أعضاء الهيئة من السلطة القضائية والنصف الأخر من الشخصيات العامة المستقلة، على أن يكون اختيارهم بالتشاور مع الأحزاب السياسية المعارضة الممثلة في البرلمان أو في إحدى غرفتيه


سابعًا : التعديلات الدستورية      (3 مواد)

تنحصر التعديلات الدستورية “الواجبة” والمتصلة بانتخابات رئيس الجمهورية في ثلاثة نصوص، هي المواد أرقام (140 المعدلة في 2019) والمادتين 141 و 142

  1. المادة 140 (معدلة)

أدخلت التعديلات التي أُجريت على دستور 2014 في 16 إبريل 2019 مغايرة لأحد أهم مكتسبات ثورة يناير، وهى مدة الرئاسة، حيث تم العودة لمدة الست سنوات، بعد أن تم تخفيض المدة لأربع سنوات في دستور 2012 و 2014، وهو ما يقتضي إعادة المادة لأصلها، خاصة وأن معظم دول العالم الحر تتراوح مدة الرئاسة فيها أربع سنوات وبحد أقصى خمسة (أمريكا – ألمانيا – تركيا – تونس – كندا – الجزائر – فرنسا ) .. إلخ

والنص البديل المقترح هو (المادة 140 البديلة)

“يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من ثمان سنوات متعاقبة، ولا يستفيد رئيس الجمهورية من أي تعديل يجري على هذه المادة خلال مدة رئاسته”

2) المادة رقم 141 :

“تنص المادة رقم 87 من دستور 2014 أن مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشيح” وهذا النص بذاته يمثل قاعدة دستورية متعارف عليها في معظم دساتير العالم، وهى المساواة بين الحق في الانتخاب والحق في الترشيح، فمن له حق الانتخاب له الحق في الترشيح، إلا أن نص المادة 141 وكذلك 142 يفرض شروطًا عقابية تحرم بعض المواطنين من حق الترشح لأسباب لا تتصل بأشخاصهم بالمخالفة لنص المادة رقم 95 من دستور 2014 والتي تنص على الآتي:

(أ) العقوبة شخصية
(ب) لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون

وإعمالاً لنص المادة رقم 227 من الدستور فجميع نصوص الدستور مترابطة وتتكامل في وحدة عضوية متماسكة

وهنا نجد أن المادة رقم 141 اشترطت فيمن يترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين -وهذا أمر منطقي- لكن المادة أضافت الآتي :- وألا يكون قد حمل أو والديه أو زوجه جنسية أخرى (!!)

وهنا يعاقب مواطن مصري من أبوين مصريين بالحرمان من حق الترشح إذا كان أحد والديه أو إحدى زوجاته قد حمل جنسية أخرى في أي وقت من حياته !!

وهو ما يتصادم مع مبدأ “شخصية العقوبة” والمبدأ الشرعي “لا تذر وازرة وزر أخرى” وهناك عدد من الأسئلة تفرض نفسها مثال :

  • ما ذنب مواطن مصري من أبوين مصريين إذا كان أحد والديه حمل جنسية أخرى؟
  • وماذا لو كانت الواقعة سابقة على هذا النص، فهل تطبق بأثر رجعي؟!
  • وماذا لو كان الراغب في الترشح متزوج من سيدتين مصريتين إحداهما حملت جنسية أخرى، ثم تنازلت عنها، فهل يتوافر له حق الترشح إذا ما قام بطلاقها مثلا (!!)

والنص البديل المقترح هو : (المادة رقم 141 البديلة)

“يشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين وألا يكون حاملاً جنسية أخرى، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية وأن يكون أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها قانونًا وألا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية”

وهذا المقترح يتوافق تمامًا مع نصوص الدستور الـ3 الآتية :-

1- المادة رقم (6) : “الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية”

2- المادة رقم (9) : تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز

3- المادة رقم (14) : الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة

3) المادة رقم 142

تنص المادة رقم (87) من دستور 214 على المساواة بين حق الانتخاب وحق الترشيح وهذا المبدأ الدستوري من المبادئ العامة التي أشارت لها معظم دساتير العالم
وقد عاشت مصر سنوات طويلة في حالة إعاقة لفكرة تداول السلطة أو حتى المنافسة عليها بفعل نص المادة رقم (76) من دستور 1971 والتي فرضت شروط مستحيلة التحقيق للمنافسة على مقعد رئيس الجمهورية من خلال الاستفتاء على أكثر من مرشح حيث نصت قبل تعديلات 2005 على شرط حصول المرشح لإدراج أسمه على ثلث أعضاء البرلمان وقد تم إلغاء هذا النص لتُجرى أول انتخابات رئاسية في تاريخ مصر يوم 7 سبتمبر 2005 بعد أن سُمح للأحزاب السياسية القائمة تقديم مرشحين بأسمها دون شرط أو قيد يتصل بتأييد عدد من النواب للمرشح أو حصوله على توكيلات من أعداد كبيرة من المواطنين

كما أُجريت انتخابات 2012 الرئاسية دون حظر على الأحزاب في تقديم مرشحين لها مع فتح الباب لأي مواطن للترشح شرط الحصول على عدد 20 ألف توكيل عجز عن توفيرها معظم المرشحين وفي مقدمتهم مثلاً مدير المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سليمان

المادة 142 [والتكليف بمستحيل]

ثم جاءت المادة (142) من دستور 2014 لتلغي حق الأحزاب السياسية في تقديم مرشحين للانتخابات الرئاسية كما زادت من أعداد التوكيلات المطلوبة لاستكمال إجراءات الترشيح إلى 25 ألف توكيل موزعين على خمسة عشر محافظة بحد أدنى ألف توكيل في كل محافظة، ووسط الأجواء الأمنية القمعية وخوف الجمهور والعامة من تأييد أي مرشح -غير مؤيد من السلطة- عجزت حملات لمرشحين بارزين مثل حملة سامي عنان وغيره في استكمال التوكيلات المطلوبة بفعل تعقب الجهات الأمنية لمحرري التوكيلات التي أصبحت في مقام التكليف بمستحيل

والنص البديل المقترح هو : المادة (142) البديلة :

“يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى طلب الترشح من أحد الأحزاب السياسية -غير الصادر حكم قضائي بحلها- أو من خمسة نواب منتخبين من مجلس النواب أو الشيوخ، أو يؤيد المرشح من ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في أكثر من محافظة”

ثامنًا : التعديلات القانونية

أ- القانون 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية (تعديل 2014)

في 11 مارس 2014 أصدر الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور تعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية المعروف بالقانون 174 لسنة 2005
وجاء القانون في 60 مادة مقسمة على 7 فصول أهمها الشروط الثمانية التي حددها القانون لقبول الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية

[الشروط الـ 3 غير الدستورية]

  1. أن يكون المرشح حاصلاً على مؤهل عال
  2. ألا يكون سبق الحكم عليه في جناية ولو كان رُد إليه اعتباره
  3. ألا يكون مصابًا بمرض بدني أو ذهني

[ تفنيد الشروط المعيبة ]
الأصل الدستوري هو المساواة بين المواطنين فمن له حق الانتخاب له حق الترشح

الشرط الأول :- ( المؤهل العالي )

[دستوريًا]
ينطوي شرط الحصول على مؤهل عال للترشح على شكل من أشكال التمييز وهو ما يتعارض مع نص المادة (9) من دستور 2014 التي تنص على “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز”

[عمليًا]
– محمد علي رائد نهضة مصر الحديثة لم يكن يحمل أي شهادة دراسية

– الملك فاروق لم يكمل تعليمه العالي

– لولا دي سيلفا الرئيس البرازيلي وقائد نهضتها التنموية هو ماسح أحذية لا يحمل شهادة عليا

– الرئيس الجزائري الأسبق بوتفليقة لم يكمل تعليمه والتحق بالجيش في عمر 18 عامًا

– عدد كبير من ملوك المملكة العربية السعودية لم يكملوا مراحل التعليم العالي

– عدد من المفكرين والأدباء ورجال المال لم يحصلوا على شهادات عليا أمثلة لذلك:

* محمود عباس العقاد لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية

* مصطفى الرافعي لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية

* إبراهيم أصلان عمل بوسطجي بشهادة دبلوم صنايع

* خيري شلبي تخرج من معهد المعلمين

* جمال الغيطاني – دبلوم صنايع

* بيل جيتس – لم يكمل دراسته العليا

* ستيف جوبز – مؤسس شركة أبل – ولم يكمل تعليمه الجامعي

* مارك زوكربيرج – مؤسس الفيس بوك – ترك الجامعة في العام الثاني

الشرط الثاني : سابقة الحكم ورد الاعتبار

طبيعي أن يُحرم الشخص الذي صدر ضده حكم في جريمة مخلة بالشرف من ممارسة حقوقه السياسية، لكن النص الذي تم تعديله في مارس 2014 أدخل حكمًا شاذًا ومخالفًا لكافة القواعد الدستورية والقانونية وهو حرمان من حُكم عليه ولو تم رد اعتباره قانونًا

والسؤال هو : أليس رد الاعتبار في القانون المصري، هو محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل، وكل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية، والحرمان من الحقوق السياسية، وسائر الآثار الجانبية ؟!!

فكيف يستقيم قانونًا أن يرد في نص القانون حرمانًا أبديًا من أحد الحقوق السياسية ؟!!

>>إننا أمام تزيد واضح وشرط مخالف لأصل البراءة وضع تفصيلاً لإقصاء بعض المعارضين<<

الشرط الثالث : (المرض البدني أو الذهني)

مع تزايد أعداد المرضى في مصر بالأمراض البدنية المزمنة بأنواعها وأشكالها المختلفة يعتبر هذا الشرط حائلاً وعقبة في مواجهة حق شريحة كبيرة من المواطنين المصابين بأمراض العصر، مثل السكر، والقلب، والضغط، وجميعها يمكن اعتبار المصاب بها مريضًا بدنيًا رغم أن هذه الأمراض مع التقدم العلمي لا يمكن أن تمثل سببًا لإعاقة المرشح عن العمل حال نجاحه، وكما قال مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في دراسة أعدها حول تعديلات هذا القانون في 2014 أن هذا الشرط هو من قبيل رغبة من أدخلوا هذا التعديل في استبعاد أسماء بعينها من المعارضين للنظام.

ومن اللافت هنا أن المادة رقم (6) من هذا القانون حددت 14 اختصاصًا للجنة الانتخابات من بينها تحديد الجهات المختصة بتوقيع الكشف الطبي على المرشحين والأخطر أنه جعل من نفس اللجنة هي الجهة الوحيدة التي يمكن للمرشح أن يطعن على قرار الجهة الطبية أمامها !! وكان من المفترض أن يكون الطعن على قرار الجهة الطبية أمام جهة طبية أعلى وليس أمام جهة إدارية هي ذاتها التي اختارت الجهة الطبية المطعون في قراراها..

[ بطلان تحصين قرارات لجنة الانتخابات ]

من أخطر نصوص قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 هو النص رقم (7) والمتعلق بمنح قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية حصانة إلهية، فقراراتها نهائية ونافذة بذاتها، وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق أو أمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض القضائي لقراراتها “الإدارية” بوقف التنفيذ أو الإلغاء

وكل هذا التحصين يتناقض مع صحيح الدستور الذي يحظر تحصين أي قرار أو عمل إداري من رقابة القضاء (المادة رقم 97 من دستور 2014)

ولا يجوز تبرير هذه المخالفة الدستورية بأن أعضاء اللجنة ينتمون لجهات قضائية أو أن اللجنة تقبل أن يتم الطعن على قراراتها أمامها فهى (الخصم والحكم) في آن واحد !! فضلاً أن التساند على وجود طعن على النتائج النهائية خلال يومين من إخطاره بها وكان الأفضل بطبيعة الحال أن يجيز القانون الطعن على قرارات اللجان الفرعية أمام اللجنة العامة خلال يوم، وأن يتم الطعن على قرار اللجنة العامة أمام المحكمة الدستورية خلال اليوم التالي وفقًا لاختصاصات المحكمة الدستورية العليا على أن تفصل في الطعون خلال سبعة أيام من تاريخ تقديمها

[ تجربة عملية مريرة ]

بعد صدور هذا القانون رقم 174 لسنة 2005، كان لي تجربة مريرة مع فكرة الطعن على أعمال اللجنة العليا للانتخابات
حيث تقدمت في أول لحظة لفتح باب الترشيح بأول طلب للترشح في أول انتخابات رئاسية في مصر .. وحصلت على رقم (1) واخترت رمز “الهلال” وقام المستشار ممدوح مرعي رئيس اللجنة بتسليمي ورقة تفيد كوني رقم (1) ورمز الهلال (مختومة بخاتم النسر وموقعة منه) وفي اليوم التالي وبعد إعلاني عن كوني رقم (1) ورمز الهلال قامت اللجنة بوضع أسم مبارك رقم (1) ومنحه رمز الهلال، وعندما قمت بالاحتجاج على هذا التلاعب الخطير طلب مني رئيس اللجنة تقديم تظلم للجنة ووعد بأن يشهد لصالحي إقرار بالحقيقة، لكنه للأسف بعد أسبوع كامل لا أعرف فيه رمزي أو رقمي قررت اللجنة رفض التظلم (الطعن) دون إبداء أسباب ومنحت مبارك رقم (1) ورمز الهلال رغم أنه لم يتقدم للآن -رحمه الله- بأوراقه للجنة الانتخابات !!

[ إنفاق وتمويل الحملات الانتخابية ]

رفع التعديل الذي تم على القانون 174 لسنة 2005 في عام 2011 سقف الإنفاق المسموح به إلى 20 مليون جنيه في الجولة الأولى، وخمسة ملايين جنيه في الإعادة، وحظر على المرشحين تمويل حملاتهم إلا من خلال تبرعات الأشخاص الطبيعيين المصريين على ألا يتجاوز كل تبرع 2% فقط من الحد الأقصى للإنفاق وهو ما يساوي تقريبًا 40 ألف جنيه قرابة (1100 دولار) وهو ما يجعل من توفير هذا العدد من المتبرعين -الأفراد- لجمع مبلغ الـ 20 مليون أمرًا مستحيلاً إلا على مرشح السلطة الذي يحظى بدعم رجال الأعمال اختياراً واضطرارًا فضلاً أنه بوضع قيد التبرع فقط من الأشخاص الطبيعيين يحرم المرشحين عن الأحزاب السياسية أن تساهم هذه الأحزاب في تكاليف حملاتهم الانتخابية !! وهو أمر متعارف عليه في كل بلدان العالم، بينما الحقيقة أن الحملات للمرشح الرسمي تحظى بكافة أشكال الدعم المالي والعيني المعلن والسري في ظل رقابة هزيلة من الجهاز المركزي للمحاسبات لاحقة للانتخابات وبالتالي هي لا تحقق أي ضمانة في مواجهة مرشح السلطة أو الرئيس الجديد الذي يغلق ملف تجاوزاته بطبيعة الحال بعد فوزه بالموقع


تاسعًا : نصوص وأحكام ينبغي إضافتها :-      [ 10 نصوص ]

ينبغي إضافة فصل ثامن على الفصول السبعة الواردة في القانون 174 لسنة 2005 تحت عنوان “ضمانات نزاهة الانتخابات” وليبلغ إجمالي مواد القانون (70 مادة) بدلاً من (60 مادة) المكونة للتشريع الحالي وهى كالآتي :-

  1. إضافة نص يلزم السلطة التنفيذية بوضع كاميرات للمراقبة في كافة اللجان الفرعية والردهات المؤدية إليها مع توصيلها بغرفة مركزية، أو أكثر، يكون من حق كل مرشح أن ينتدب ممثلين عنه في غرف المراقبة التلفزيونية
  2. إضافة نص يمنح المرشحين ومندوبيهم حصانة قانونية لمنع اتخاذ أي إجراءات ضدهم من قبل السلطة التنفيذية فيما يتصل بالمهام التي يقومون بها خلال العملية الانتخابية أو بمناسبتها ومنح ذات الحصانة للجان الرقابة “الأهلية” أثناء مراقبتها للعملية الانتخابية
  3. إضافة نص يقرر عقوبة الشطب لكل مرشح يثبت قيامه بالعنف أو التهديد باستخدامه أو يقوم بتقديم هدايا أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو الوعد بتقديمها مستقبلاً
  4. إضافة نص يلزم رؤساء اللجان الفرعية بتسجيل كافة ما يبديه المندوبين أو المراقبين من ملاحظات أو تحفظات أو مطاعن على سير العملية الانتخابية أو عملية الفرز في لجانهم
  5. إضافة نص ينظم مشاركة الرقابة الدولية على كافة مراحل العملية الانتخابية
  6. إضافة نص ينظم مشاركة مؤسسات المجتمع المدني المحلي في الرقابة على مراحل الانتخابات المختلفة
  7. إضافة نص يلزم المجلس الأعلى للإعلام بتخصيص إحدى القنوات التلفزيونية الرسمية والإذاعية المملوكة للدولة لتكون مخصصة -فقط- لتغطية متساوية وعادلة لمؤتمرات وأنشطة المرشحين خلال مدة الحملة الانتخابية وتوفير أسعار مخفضة للإعلانات الخاصة بالمرشحين في كافة القنوات
  8. إضافة نص يلزم السلطة التنفيذية والجهات الأمنية بتسهيل مهام الشركات المتخصصة بعمل استطلاعات الرأي العام في ظل الضوابط المهنية المتعارف عليها دوليًا ووضع القيود عليها
  9. إضافة نص ينظم إجراء المناظرات العلنية بين المرشحين
  10. إضافة نص يمنع رئيس الجمهورية من إصدار أي قرارات أو القيام بأنشطة يكون من شأنها التأثير على مسار العملية الانتخابية أو الرأي العام حال كونه مرشحًا في ذات الانتخابات الرئاسية


عاشرًا : وختامًا وأخيرًا
[منتهى الخبر]

لا تساورني شكوك في صدق هواجس من يقولون أن من يأتي بغير الصندوق لا يرحل بالصندوق، فالتاريخ الأسود للصندوق الانتخابي في مصر عبر سبعة عقود مضت، ترك ندوبًا وشكوكًا مبررة في نفوس الناس وقدرتهم على الحلم المشروع

ففي أول انتخابات رئاسية في تاريخ مصر أجريت -في 7 سبتمبر 2005- نجح الرئيس الذي لم يتقدم لها بأوراق ترشحه للآن !! وأعتقل منافسه لخمس سنوات ولم يكمل الرئيس مدته الأولى “منتخبًا” بعد 30 عامًا من البقاء في السلطة بغير انتخابات حقيقية

وفي ثاني انتخابات رئاسية اسفرت عن فوز أول رئيس مدني، تم الانقلاب عليه، وأودع السجن لست سنوات حتى وافته المنية في سجنه

واستمرت مهزلة الانتخابات في الانتخابات الثالثة لتصل ذروتها العبثية في الانتخابات الأخيرة 2018، التي نافس فيها الرئيس واحدًا من رجاله وأنصاره في مشهد عبثي أثار سخرية الداخل والخارج

إن مرارة التجارب الانتخابية المغشوشة، والمزورة، والزائفة لا يجب أن تحملنا لرفض فكرة الانتخابات من الأساس، بقدر ما يجب أن تحملنا للسؤال الكبير والمهم وهو : متى وكيف يكون لدينا انتخابات حقيقية، ومتى لا تكون هناك انتخابات أصلاً ؟!

وهل عبء الإجابة على هذا السؤال متروك للنظام -فقظ- أم أنها عملية سياسية من الواجب الاشتباك معها وطرح رؤيتنا لتطويرها، أو هجرها إذا أوصد النظام أبوابها أو تعامل معها بطريقة الأبواب الدوارة !!

أعرف أن الحالة المصرية قد تكون لها خصوصيتها، فلا تتشابه “كليًا” مع حالة “تشيلي” التي أزاحت بيونشيه بالصندوق، وهو الذي أتى للحكم عام 1973 بالدبابة، واستمر 16 عامًا.. وكذلك لا تتطابق مع حالة كوريا الجنوبية، التي فاز فيها -مؤخرًا- “يون سيوك يول” (مرشح المعارضة) على مرشح الحزب الحاكم، أو سيراليون، أو بنما، أو مانيمار وغيرها من الدول التي فازت فيها المعارضة بالصندوق على أنظمة لم تأتي أو تستمر بالصندوق

مصر قبل كل هذه الدول، وغيرها، من الدول الديمقراطية، عرفت السبل الديمقراطية، ومارستها، قبل غيرها، فمصر كان بها مجلس لشورى النواب عام 1866 (منذ 157 عامًا) قبل أن تعرف معظم دول العالم البرلمانات

مصر خرج شعبها في ثورة شعبية عام 1919 (منذ 104 عامًا) رافعًا شعارين ومطلبين هما : الاستقلال والدستور قبل أن تعرف الكثير من الأمم الثورات والدساتير، وها نحن نحتفل هذه الأيام -وتحديدًا يوم 19 إبريل 2023- بمرور 100 سنة على صدور أول دستور مدني عصري متقدم (دستور 1923)

إن السطور السابقة كانت مجرد محاولة لنقف أمام المرآة ونحدد نقاط الخلل وأسباب اليأس، وسُبل الأمل وأوجه الإصلاح المستحقة قبل فوات الآوان .. وبعد أن باتت المدة الفاصلة بيننا وبين الاستحقاق الانتخابي أقل من عام

د. أيمن نور

11/04/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى