سياسة

واوٌ مُضافة تُحَدِدُ هوية وطن …

لا شك أن للحُرية ضوابِطٌ وقواعِد أخلاقيةٌ وقانونية وللثقافةِ دورٌ هامٌ في تحديد مفهوم حرية الفرد فالحريةُ هي إنتقادٌ فردي مُجازٌ لأي مِنا مبني على رؤيتنا الشخصية لما ننتقد .والحريةُ عندما تكون إنتقاداً لأي مسؤولٍ حكومي أو تيارٍ سياسي لبناني أو عربي عبر مقالٍ أو برنامجٍ تلفزيوني أو تغريدةٍ فهي تنتقدُ ألأداء للرئاسة أو للحكومة أو للتيار أو للشخص وهذا حق مشروع عالمياً وخاصة في دستورنا اللبناني.والإنتقاد يكون أحياناً بنَّاءً فيُصَحِحُ مسارَ تيارٍ أو يُغَيِرُ وِجهَةَ نظرِه ويُصوبِها …وقد يكونُ أيضاً قاسياً ولكن ضِمنَ ضوابط الحُرية المُثقفَةِ الهادفة …ويكون أيضاً هداماً أو مأجوراً والهدفُ مِنهُ فِتنَةٌ أو إضاعَةُ الهدفِ الأساس عبر التركيزِ عليه وترك الأهم …وما على القضاءِ اللبناني إلا تمييزُ الإنتقادِ عن الإنتقاص .وعلى مَن ضجَت غُرفُ التحقيق في جهاز المعلوماتية ،وغُرفِ قضاةِ التحقيق بدعاويه القضائيه عبر قَمعِه لنُقادِه وما أكثرهُم ويتزايدون مِن جرَّاءِ تعاطيه الوزاري الفاشل أن يعود للتاريخ فيُرسي ما كان زعيمُهُ كما هو ينادون به وأن يتخلى عن تأليهِه منصِبِه الذي شَغَلَهُ غيرُه وسيعودُ لغيرِه ، وترك الناس بنقدٍ بنَّاء وإن كان ساخِراً تُعطي رأيها فهو راحِل ولكن حرية الرأي ستبقى وستولدُ مِن جديد بعد رحيله إن أماتَها بالسُلطَةِ الممنوحَةِ لَه .إن الحُريةُ الغالِبَةُ اليوم والتي هي الإنتقاصُ مِن القدْرِ الشخصي للشخص وليس نقدُ أداءه يجِبُ تصويبُها قبلَ أن تُحاكَم ويكونُ تصويبُها بالتوعية عبرَ برامِجَ تُثَقِفُ الناقِد قبل قَمعِه لأننا إن حاكمناها دون تصويبها سينتجُ بعيدَ الإفراجِ عنها عن آراءٍ متطرِفةٍ تحمِلُ شِعار وإسم الحرية كعنوان ولكنها بعيدَةُ كُل البعدِ في المضمون عن الحرية الفعلية والتي نستورِدُ أفكارها حتى مِن الخارِج …والمساواةُ في العِقاب حتى قبل التوعية هي بدايةُ التثقيفِ الحكومي للمواطِن فلا يُحاسَبُ صاحِبُ رأيٍ لأنه معارِض إلا إن تعدى حدودَ النقد أو بالأحرى قدَح وذَم ولا يُطلَب للتحقيقِ صاحِبُ رأي وخاصة في لبنان وذلك فقط لأنه ينتقِد العهد بمُمَثِليه والذين هم بذاتِهِم كانوا ينادون بالحرية بحقبةِ التسعينيات أثناء الوجود السوري إبّان ملاحقة محازبيهم ومحبيهم والتنكيل بهم أمنياً أم أن الحرية المنفى الإختياري تختلِفُ أثناء الحُكم فتُصبِحُ قمعاً ؟ ولا يُستثنى صاحِبُ رأيٍ لأنهُ إمتدَحَ ملكاً أو ولي عهد أو رئيساً أو وزيراً مقرَّباً في بلادِه لأن مَدحَهُ يخدمُ منظومَةِ سياسةِ الدولة ، ويُحاسَبُ آخرٌ لنقدِهِ ذاتَ الشخصيات خاصَةً إن كان الرأيان مُلتزِمان حدود النقد ولم يقدَح الناقِدُ أو يذُم سواءً كانَ النقدُ إجتماعياً أو سياسياً أو شخصياً .الحُرية ثقافَةُ إبداءِ الرأي بإحترام ولو هزلاً أو قاسياً والإنتقادُ المُثَقَف حقٌ مشروعٌ في بلدٍ يتغنى بالحرية .فلتُنشَر ثقافَةُ الحُرية أولاً وبعدها نُحاسِب وبقسوة لأننا قمنا بواجِبنا ونشرنا مفاهيمَ وضوابِط الحرية أما حِسابٌ دون توعيةٍ فهو تشويهٌ للحريةٍ بمِقدارِ جهلِ المتحدثينَ بها …وأخيراً وبظِلِ ما نراه وبغيابِ التوعية تأتي الواو الفاصِلة بسؤال واحِد : هل لبنان بلدُ الحُرِيات ام الحوريات ؟ هنا الواو تُحَدِدُ هوية وطن …

محمد طه صابونجي

مؤسس قناة شركة (SPI) للإنتاج الإعلامي ناشر ورئيس تحرير موقع (قلم سياسي)و(مجلة العناوين) مقدم ومُعِد برنامج شطرنج آرائي تعنيني ولا تُلزِمك فإما أن تقرأ وتناقش مع مراعاة أدب النقاش البناء أو لا تعلق

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى