محلي

عامر جلول: الثورة والثورة الحقيقية !!

خاص قلم سياسي

ملاحظة: هذا المقال هو قراءة نقدية ذاتية من باب العبرة والاستفادة من التجارب.

هذه الصورة إلتقطتها في 17-10-2022، أي يعني منذ يومين، حيث كانت ذكرى الثالثة ل 17 تشرين، فلقد سألني الكثير لماذا لم تحضر الى ساحة الشهداء؟

مرت ثلاثُ سنواتٍ على هذا الحدث الذي يُعتبر لحظةٌ مفصلية في تاريخ لبنان سواءً كنّا مع أو ضد، وكنت من الأوائل الذين شاركوا في هذا الحدث وكنت من المنظمين لكثير من اللقاءات والمسيرات والندوات، ولكن علينا أن نعترف أننا لم ننجح، لقد حوّل الكثير هذه الإنتفاضة المحقة إلى حفلاتٍ راقصة وصاخبة وإلى ساحةٍ يتباهى فيها من يتصور حتى وصلت الأمور إلى أن البعض كان يجلب معه مصور كي يتصور، للأسف بسبب هذه التفاهات فُرغت الانتفاضة من مضمونها، إضافةً إلى قلة الخبرة في السياسة وعدم قراءة تجارب الآخرين وذهاب البعض إلى السفارات كي يلتقوا بفلانٍ وفلان، ومنصاتٍ مشبوهة ومن عمل معهم وقبض الأموال، فهذه العوامل ضربت المصداقية إضافةً إلى تماسك السلطة السياسية وأحزابها وحنكتهم الطويلة.

كان جوابي على سؤال الأخوة عن سبب عدم تواجدي هناك هو أنني لم أعد أؤمن بهذه القضية، ولكن هذا لا يعني أنني لست مع التغيير، شخصيًا أؤمن بالتغيير وهي سنة كونية ثابتة وأناضل من أجلها منذ سنواتٍ طويلة، ولكنني مع التغيير الذي لا يتنكر للهوية ولا للقضية ولا للبيئة، وكنت صادقًا مع نفسي في بداية الثورة حيث إنسحبت من كل المجموعات التي لم تحقق طموحات الناس، وكنت صادقًا مع نفسي في الانتحابات لأنني لم أنتخب لائحة التغيير في بيروت لأنها لا تعبر عن التغيير الذي طالبنا فيه رغم وجود أشخاصٍ أكفاءٍ فيها، والتغيير ليس حكرًا على أحد، فإن كسر مفهوم إحتكار المصطلحات هي جزءٌ من معركتي في الحياة.

فنحن مع التغيير ولكننا لسنا مع التغييريين الحاليين.
نحن مع المقاومة ولكننا لسنا مع المقاومة الحالية.
نحن مع السيادة ولكننا لسنا مع السياديين الحاليين.

قد يخرج البعض من الأخوة الذين يؤيدون تيار الأزرق ويقول أنكم فقط أسقطتم الحريري ولم تستطيعوا أن تكملوا الطريق، أتفهم شخصيًا موقف الأخوة، ولكن أريد أن أقول لهم الحقيقة، أجمل شيء حصل في 17 تشرين هو سقوط تيار الأزرق الذي كان السبب الرئيسي في تدمير الطائفة، فهو السبب الرئيسي في إيصال ميشال عون إلى الرئاسة والموافقة على القانون الإنتخابي الأعور وتصحّر العاصمة والسنّة من القيادات، نعم لقد ساهمنا في إسقاط ذلك الكهنوت السياسي الذي كان عبئًا ثقيلاً علينا جميعًا.

إن الطائفة السنية مليئة وقادرة على إنتاج الكثير من القيادات ولكن هذا يحتاج إلى الوقت والمثابرة، وهذا شيء صحي وطبيعي، لسنا بحاجة إلى زعاماتٍ ومرجعياتٍ، لدينا رجالاتٍ قادرة على الاستنهاض والصحوة والإنطلاق مرة أخرى بمشروعٍ وطني لا يتنكر للهوية الدينية ويجمع بين الهوية الدينية والوطنية.

في هذه الفترة، نحتاج إلى قول الحقيقة، والحقيقة أننا في موقفٍ صعب ولكننا أقوياء وقادرين على النهضة مرة أخرى برؤية نموذجية وخطابٍ رصين ووسطي يحافظ على الهوية والثقافة ولكنه تغييري في المعنى السياسي. لن أكذب على نفسي، هذه الثورة لم تعد تمثل الوسطيين وشريحة كبيرة من الناس وإرهاصات النواب الجدد دليلٌ على ذلك بسبب عدم تكوين هوية ثورية واضحة وجامعة رغم أنني لست مع التهجم عليهم لأنهم ليسوا السبب في دمار البلد، لذلك بدل تضييع الوقت في الإنتقاد والتهجم، دعونا نعمل ونجتهد ونثابر ونناضل من أجل وطننا ومجتمعنا عبر ثورة ثقافية وفكرية تؤسس مستقبلاً حالة سياسية نموذجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى