إقتصادمحلي

بعد رفعه 6 أضعاف.. ما هي مخاطر زيادة دولار الـVAT في لبنان؟

موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تستعد لها الأسواق اللبنانية، مع دخول قرار رفع دولار ضريبة القيمة المضافة (VAT) حيز التنفيذ بدءاً من بداية مايو 2023.

فقد أصدرت الحكومة اللبنانية مؤخراً مرسوماً يقضي برفع سعر الدولار، الذي على أساسه يتم تحصيل ضريبة الـ VAT، من 15 ألف ليرة للدولار الواحد إلى السعر المعتمد على منصة صيرفة، والبالغ حالياً نحو 87 ألف ليرة لبنانية، أي بزيادة تقارب ستة أضعاف، وهو ما سينعكس غلاءً متوصلاً بأسعار مختلف السلع والخدمات.

ويأتي قرار الحكومة اللبنانية بهدف تحقيق عائدات إضافية، تمكنها من تأمين مداخيل جديدة لتمويل زيادة أجور وبدلات نقل موظفي القطاع العام التي أقرتها الشهر الماضي.

التضخم يسجل 263 بالمئة

وفي هذا الوقت يستمر مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان في بالارتفاع، حيث أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي اللبناني، ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك في البلاد خلال مارس 2023 بنسبة 263 بالمئة، مقارنة بشهر مارس 2022.

ويأتي هذا الارتفاع الكبير بأسعار الاستهلاك، مدفوعاً بارتفاع معدلات التضخم، الناتج عن استمرار انهيار الليرة اللبنانية، التي تراجع سعر صرفها في السوق السوداء من مستويات 24 ألف ليرة للدولار في مارس 2022، إلى مستوى يفوق 108 ليرات للدولار في مارس 2023، الأمر الذي أنتج حالة متواصلة من ازدياد أسعار السلع، مترافقة مع انخفاض القدرة الشرائية، ليأتي حالياً قرار رفع سعر احتساب دولار ضريبة القيمة المضافة من 15 ألف ليرة للدولار، إلى السعر المعتمد لمنصة صيرفة والبالغ حالياً نحو 87 ألف ليرة لبنانية.

زيادة كلفة المعيشة واتساع رقعة الفقر

ويقول الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية ألفونس ديب في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن موضوع رفع سعر الدولار الذي على أساسه يتم تحصيل ضريبة الـ VAT، له زاويتان الأولى هي أن الدولة بحاجة إلى إيرادات خصوصاً أن كل إيراداتها السابقة لا تشكل 15 بالمئة من حاجاتها الإنفاقية، في حين تتعلق الزاوية الثانية بتأثر أسعار الاستهلاك والخدمات، ما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة المعيشة برمتها في ظل وضع اقتصادي ومعيشي كارثي يعيشه لبنان منذ أربع سنوات، لينعكس القرار الجديد اتساعاً في رقعة الفقر متعدد الأوجه الذي تعاني منه البلاد.

مخاطر كبيرة للقرار

ويشرح ديب أن رفع سعر دولار ضريبة الـ VAT ، له محاذير ومخاطر كبيرة، حيث إن أخطر ما فيه هو أن الدول وخلال الأزمات الاقتصادية، لا تلجأ إلى زيادة الكلفة بهذا الشكل دون إجراءات إنقاذية، تتضمن برامج دعم وحماية اجتماعية، لافتاً إلى أنه في ظل الترهل والتفكك الذي تعاني منه مؤسسات الدولة اللبنانية، فإن القرار الجديد سينعكس مزيداً من التهريب والتهرب الضريبي، وسيؤدي إلى توسع الاقتصاد غير الشرعي على حساب الاقتصاد الشرعي، والذي يمثل 50 بالمئة من اقتصاد لبنان حالياً.

مزيد من طباعة العملة

وبحسب ديب فإنه من وجهة نظر الدولة، سيساعد قرار رفع سعر دولار ضريبة الـ VAT في تحصيل مزيد من الإيرادات لصالح خزينة الدولة، في الوقت الذي يستبعد الكثير من المعنيين بالاقتصاد اللبناني، بأن يحقق هذا القرار ما تطمح اليه الدولة، مشيراً إلى أن إفراط الحكومة في منح الزيادات والعطاءات لموظفي القطاع العام لا يتناسب مع إمكانياتها، وسيدفع الدولة مرة جديدة إلى اللجوء لمصرف لبنان لطباعة العملة الوطنية لتغطية النقص في الإيرادات، وتلبية النفقات المتزايدة، خصوصاً تلك الناتجة عن زيادة الأجور وهو أمر حصل في السابق.

لا عطاءات من دون إصلاحات

وشدد ديب على أنه يجب ألا يكون هناك أي عطاءات إضافية من الدولة دون القيام بإصلاحات واتخاذ خطوات تحقق نمواً اقتصادياً، فزيادة الرواتب والمعاشات بطريقة تفوق قدرة التحمّل للاقتصاد الوطني، ستؤدي حتماً إلى طباعة العملة وتضخم إضافي ومتسارع فتصبح هذه الزيادات بلا جدوى.

تمويل الرواتب من 35 إلى 120 مليون دولار شهرياً

من جهته يقول عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن القرار الأخير المتعلق برفع سعر دولار الـ VAT من 15 ألف ليرة إلى نحو 87 ألف ليرة، هو لتغطية كلفة تمويل الزيادة على رواتب القطاع العام، التي أقرتها الحكومة اللبنانية مؤخراً والتي قفزت مخصصاتها بأربعة أضعاف، وذلك من 35 مليون دولار شهرياً إلى 120 مليون دولار شهرياً، مشيراً إلى أن هذا القرار قد يستتبع بقرار آخر خلال الساعات المقبلة، يتعلق برفع سعر الدولار الجمركي من 60 ألف ليرة إلى 87 ألف ليرة وهذا ما سينعكس بشكل أو بآخر على أسعار الاستهلاك في لبنان.

زيادة 10 بالمئة على السلع والخدمات

واعتبر رمال أن رفع سعر دولار ضريبة القيمة المضافة بنسبة توازي ستة أضعاف، يعني أن الزيادة قد تتراوح بين 8 و 10 بالمئة في الحد الأدنى على سعر السلعة، إذ إن هذا الإجراء قد يعزز مالية الدولة اللبنانية، ولكنه يخلق القلق من توسع التهرب الضريبي، لافتاً إلى أن 50 بالمئة من الاقتصاد اللبناني بات “مكتوم القيد” أي يعمل دون التصريح عنه، ولا يتم استيفاء أي رسوم وضرائب عنه وذلك على حساب الدولة والمؤسسات الشرعية، ومن هنا يمكن القول إن رفع دولار الـ VAT سيشكل ضربة للاقتصاد والشركات الشرعية والمسجلة حسب الأصول، وسيدفع إلى زيادة عمليات التهرب، لتجد الدولة نفسها أمام عجز في تحقيق الإيرادات، لتعود وتلجأ لطباعة العملة لتغطية نفقاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى