د. علي لاغا: حتى لا نكون فتنة للكافرين ومضيعين للمسلمين

كتب رئيس الهيئة الإدارية للمؤسسة العالية للبحث العلمي الدكتور علي لاغا:
يقول تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام :
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم / سورة الممتحنة : 5
وفي آية أخرى :
فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين / سورة يونس : 85 .
إنه كي لا نزيد الكافرين كفراً ولا المسلمين ضياعاً وبعداً عن شرع الله تعالى ، لا بد من تحديد من يفتي في قضايا المسلمين المصيرية مع كل مكونات المجتمع وتحديد المرجعية في إصدار الفتوى .
إني لا أزيد على ما أعلنه سماحة مفتي عام الجمهورية العربية السورية أسامة الرفاعي عند قراءته لوصية الخليفة أبا بكر رضي الله تعالى عنه لقادة جيشه ،ولا أريد التطفل على علم فوق قدرتي ، بل إني ناقل وليس مجتهداً :
أولاً : إن الفتية ليست مستباحة لكلٍ ولا لمن اقتصرت معرفته على قراءة الكتب دون التجربة ومعرفة موضوعها بدقة متناهية ، لأن من لم يكن كذلك فمصيره الكذب ، غير المقصود ، كما جاء في مقدمة ابن خلدون .
ثانياً: ضوابط استخراج الأحكام من كتاب الله تعالى والسنة المطهرة :
جاء في كتاب فقه الميزان للعلامة علي القرةداغي ص : 131-132 بتصرف :
إذا قمنا بالتدبر في القرءان الكريم والسنة الصحيحة لتوصلنا من خلال استقراء كامل أن نصوصهما على نوعين :
الأول : ثابت ثبوتاً قطعياً من خلال التواتر اللفظي والمعنوي ، وهو القرءان الكريم كله ، وبعض الأحاديث المتواترة.
وهذا النوع يتفرع منه قسمان :
- قسم دلالته على الموضوع دلالة قطعية لا تحتمل معنىً آخر
- وقسم آخر دلالته عل الموضوع ظنية .
 النوع الثاني :
 ثابت ثبوتاً ظنياً مثل أخبار الآحاد سواء كانت دلالتها على الموضوع دلالة ظنية أيضاً ، أو قطعية .
 والأنواع الثلاثة : ظني الدلالة والثبوت وظني الدلالة مع قطعي الثبوت ، وظني الثبوت مع قطعي الدلالة ، فلا تدل على سبيل القطع على المطلوب ، ولذلك يخضع لميزات المتغيرات ، وهو ميزان يقوم على جواز الخلاف فيه ، وإن إنكار بعضه لا يترتب عليه الكفر والتبديع والتضليل أ.ه .
 إن كل هذه الأمور تنضبط عندما يكف كل من قرأ حديثاً أو حمل شهادة على تقديم الأوامر والتحريض والفتاوى .
 إن مجتمعاً الحياة السياسية فيه للوصول للسلطة قاتل أو مقتول ، جماهير تستقبل ( بالروح بالدم ) والغلبة هي السبيل للوصول للكرسي ، والمسيطرون الممسكين بغرفة التحكم يصطنعون الأزمات ويضعون الجماهير أمام حل لا بديل عنه ( معروف لا يحتاج لتوصيف ) فيأتي القادم على جداول من الدماء ويودع كذلك .
 إن مجتمعنا بحاجة لمن يوقف هذا المسلسل ويقر سلماً وعدلاً ويولي الحكماء وأهل الخبرة ويبعد من يُشَيِّع ويستقبل ، ويُفسد ويستغل ويضطهد ويُهجر .
 إن هذا الملف يجب أن يقفل وننتقل إلى حكم النص في الدستور الجامع المشترك لكل مكونات المجتمع ويترك لكل مكون خصوصيته في إدارة شؤونه دينية كانت أم مذهبية .
 وأما مايتعلق بتنفيذ الحدود في الشريعة فتترك للقضاء النزيه فعلاً وقولاً وأهلية ،
 وعندما تتضارب الاجتهادات يتم اختيار الأيسر كما جاء في حديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى أن رسول الله عليه وآله وصحبه الصلاة والسلام ما خُيِّر بين أمرين إلا اختيار الأيسر مالم تنتهك المحارم ، والقاعدة الفقهية : دع الخير الذي عليه الشر يربو .
 الخلاصة :
 لسلامة المجتمع ولديمومة السلام ولحصول الازدهار ، يجب إيقاف ما كان يحصل من قبل .
 ورجاء وكرماً من الجماهير والمتحمسين والغيورين الكف عما ليس من حقهم والانتقال من حكم وسيطرة الجماهير إلى حكم الحكماء والخبراء ممن ثبتت تجربتهم من الأسرة حتى أعلى موقع.
 إن مجتمعنا بحاجة ماسة للعدل والإنصاف والرضا عن حاضره ومستقبل أجياله .
 علي لاغا
 المؤسسة العالية للبحث العلمي
 12/12/2024
 
				 
					
