مقالات خاصة

الإنتخابات خدعة كل شيء فيها مباح والإستقالات وهمية

الافتتاحية بقلم مصطفى عبيد

يقولون في الحرب كل شيء مباح للوصول إلى تحقيق المبتغى، وفي لبنان تأتي الإنتخابات لتكون حرباً شرسة بين الأفرقاء اللبنانيين وتحديداً ضمن الطائفة المسيحية، فبينما أحزاب الطائفة الشيعية توحدت وقامت بتشكيل لوائح انتخابية كانت من أولى اللوائح، وبينما الطائفة السنية مشتتة بعد انسحاب قيادات الصف الأول وعدم تبلور لوائح انتخابية ذات أسماء ومشاريع وتاريخ معروف لحد الآن، تحط الحرب رحالها في عمق الطائفة المسيحية.
فأحزاب الطائفة المسيحية تتصارع فيما بينها في عمق الطائفة نفسها مناديةً بحقوق المسيحيين، كعنوان أبرز ووحيد لخوض الحرب، وتخطت الوسائل التي تستخدم فيها من شعارات وطنية وبرامج مستقبلية واضحة لتصل لحد التهديد والتجريح ونبش دفاتر الماضي وقبور الأموات ونكأ الجروح التي من المفروض أنها اندملت منذ زمن.
ولكن بما أن الحرب تستوجب استخدام كل الأسلحة من جميع العيارات، فلم تجد الأحزاب المسيحية رادعاً من العودة للماضي التي ربما قد تكون فتيل حربٍ مستقبلية، فالانتخابات ستحدد من سيكون رئيساً لهذه الجمهورية المنهارة بسبب هذه الأحزاب نفسها على مستوى الوطن.
وبعد أن قامت الثورة بخلط الأوراق الانتخابية مشكلةً حالة من القلق والترقب وعدم الثقة بمضمون الشارع وتوجهاته رغم كل الأساليب الملتوية المتبعة في الخطابات السياسية، كان لا بد من استحضار سلاح جديد لتشتيت الشارع المعني بالثورة وذلك لإخماد أصواته وبعثرة مشاريعه.
هذا السلاح الجديد يتمثل بالاستقالات الوهمية من الأحزاب السيادية، فقد كان لزاماً على الأحزاب المسيحية التي تقود البلد حالياً والتي ارتفعت في وجهها الأصوات المنددة، من أن تقوم بإيجاد خطة بديلة لتشتيت الثورة في الشارع المسيحي من خلال الاستقالات الوهمية لقيادات ضمن هذه الأحزاب بحجة خلافات داخلية وتفضيل المتمولين على المحاربين القدامى على أن يقوم المستقيلون بتشكيل لوائح انتخابية ذات خطابات رنانة يهاجمون بها أحزابهم السابقة لتحقق مصالحهم.
والخوف هنا من أن تنطلي هذه الخدعة على صفوف المجتمع المدني وعلى صفوف الشعب ضمن الطائفة المسيحية المستاؤون من الحزب المسيطر حالياً على مصير الطائفة المسيحية فيروا في هذه الاستقالات الوهمية مواقف وطنية وخطوة شجاعة فينضووا تحت راية المستقيلين ويشكلوا قاعدة انتخابية لهم وبذلك يكون الهدف تحقق بتشتيت أصوات المجتمع المدني بينما حافظ هذا الحزب على قاعدته الأساسية التي ستكون موجهة لإيصال زعيم هذا الحزب للمجلس النيابي ومنه إلى بعبدا لاحقاً، وفي حال نجح المستقيلون في الانتخابات يكونوا قد حافظوا بشكل غير مباشر على حصة حزبهم السابق النيابية والتي ستعمل مستقبلاً لتحقيق نفس الهدف.
الحرب طيلة هذه لم تكن لتطيير الانتخابات، بل كانت مجرد أوهام لإيقاظ الفتن ونكأ الجروح ونبش القبور تحضيراً لإشعال فتيل الحرب المتمثل بالانتخابات، والانتخابات خدعة كل شيء فيها مباح.

مصطفى عبيد

اسرة التحرير ، ناشط سياسي وإجتماعي، كاتب في عدة مواقع الكترونية، مهتم بالصحافة الإستقصائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى