مقالات خاصة

الوطن لم يعدْ كالأم.. !!

بقلم رولا العتري

عديد من الأقوال والأشعار والأناشيد والأغاني قِيلت في حب ووصف الوطن، ولعلّ أجملها كان تشبيه الوطن بالـ “الأم”، فالوطن ليس مجرد مكانٍ نعيش فيه، وليس هويةً وإنتماءً فقط، بل عشقٌ وحبٌ وتضحية لا نهاية لهم، هو الحضن الدافئ والقلب الكبير والملجأ الأخير والكثير الكثير من المعاني والأحاسيس، فالوطنية ترجمةٌ لحب الأم وتضحياتها وإخلاصها…

هكذا تعلمنا، وهكذا تربينا، لكن ذاك الوطن لم يعدْ كالأم، فوطني العزيز لبنان ضاق بأبنائه، وسلب منهم حقهم بالحياة، سرق منا ذاك الشعور الجميل بالأمان، ليحلّ مكانه الخوف والجوع والفقر والعوز، سرق منا ضحكات الأمهات وحلّت مكانها دموع الوجع والقهر على امٍ خسرت ابنها او ابنتها في إنفجارٍ كإنفجاري مرفأ بيروت والتليل العكارية، سرق آمال الأمهات اللواتي مات أبنائهم أمام المستشفيات جراء إرتفاع كلفة الإستشفاء، والعجز عن تأمين الأدوية المفقودة التي أصبحت تُباع في سوقٍ سوداء…

في وطني العزيز لبنان، أُدميت عيون الأمهات حين خرج الأبناء للمطالبة بحقوقهم تعبيراً عن رفضهم لواقعٍ معين، ليلاقيهم الوطن بالضرب والسلاح والسجن، صُدمت أمهاتنا حين تواجه الإخوة في وطنٍ واحد، أحدهم يحمل السلاح والآخر يحمل العلم، وكلاهما يدافعان عن ذاك الوطن، سُرقت أحلام الأمهات عندما توقف أولادهم عن متابعة الدراسة بعدما أصبحت المدارس والجامعات للأغنياء فقط، عجزت عيون الأمهات عن النوم حين فُصل أولادهم من اعمالهم بسبب تجميد التوظيف وإقفال معظم المؤسسات والمحال، حُرِمت الكثير من الأمهات من حاجاتهن الأساسية عندما فضّلن التخلّي عنها لتأمين الكهرباء والدواء والشراب والمأكل…

لم نسمع يوماً عن أُمٍّ تُبيّت أطفالها في العراء، وتمنع عنهم المأكل والمشرب وأحياناً الشمس والهواء، فالأم لا يُمكن ان تُعاقب أبنائها، ولا يُمكن ان تحرمهم من الأمان ومن حقهم في الحياة، لا يُمكن ان تسرق أحلامهم وآمالهم وضحكاتهم ومستقبلهم، الأم لا يُمكن ان تُضحي بأولادها لإرضاء ذلك وذاك، ولا يُمكن أن تسمح لأحدٍ بأن يُعاقب أبنائها حتى ولو كانوا خطائين، فكيف ان كان ذنبهم الوحيد انهم وُلدوا في هذا الوطن “لبنان”…

ختاماً… وطني لبنان لم يعدْ كالـ “الأم”، بل بات كـزوجة أبٍ قاسية تضرب أبناء زوجها ليلاً نهاراً، تحرمهم من أبسط حقوقهم، وتعتاش وتأكل وتشرب من أموال أبيهم التي تُحرّمها عليهم من أجل ذلك وذاك…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى