مقالات خاصة

ويلكم من التولي يوم الزحف

الافتتاحية بقلم مصطفى عبيد

يحتار السياسيون في لبنان في كيفية صنع المفاجآت للمواطنين، يجهدون أنفسهم في صنع الأفكار الخلاقة التي تصدم المواطن بشكل كبير قد يؤدي أحياناً لدرجة إصابتهم بشلل نصفي من هول المفاجأة، لا يرتاحون ولا يكلون ولا يملون من صنع الصدمات والأزمات واختلاق الأوهام وخلق موضة تلو الأخرى من الحجج، والظهور بمظهر الحمل الوديع والضحية وكمن يحاول التضحية بماله من أجل شعبه.

وجديد أجزاء هذه السلسلة الحزينة من مسلسل يوميات الحمل الوديع تقع أحداثه في قلب الطائفة السنية في لبنان حيث تصدر حلقاتها الرئيس سعد الحريري لفترة من الزمن عندما أعلن عزوفه عن الترشح للإنتخابات النيابية هو وكل من ينضوي تحت عباءة تياره الأزرق الذي بدأت تتهافت عليه الاستقالات لعدم التخلي عن الكرسي.

وما كان في الماضي القريب مجرد إشاعات وأقاويل فها هو اليوم يتحول حقيقة، وها هو الرئيس النجيب قد قرر السير على خطى زميله ومنافسه السابق في الانتخابات، وأعلن العزوف عن الترشح للانتخابات الحالية.

يبدو أن من كانوا يتنافسون سابقاً ليكونوا ممثلينا في القبة البرلمانية قد فهموا معنى الحياد بشكل خاطئ فاختاروا النأي بالنفس عن المراحل المصيرية القادمة على لبنان واختاروا التنحي والبقاء في الظل، وترك طائفتهم في مهب الريح بحجة إعطاء الفرصة للتغيير.

بينما يقوم الجميع بتجييش شعبه وطائفته وأهله لحربٍ ضروس، فالقوات والتيار العوني يلعبون على المكشوف ينادون بحقوق المسيحيين، ويتبادلون التهم مستخدمين أقذر الأسلحة من بيانات وتغريدات واتهامات، ويقومون باستغلال ماضي بعضهم البعض القذر ليشعروا شعبهم أنها المعركة الفاصلة التي فيها الخلاص والضربة القاضية التي ستبيد أعداؤهم بنو دينهم وطائفتهم وبنو وطنهم، اختار زعماء السنة الأباة الاختباء لا بل والاختفاء عن الساحة لحين انتهاء الحرب، سيلعبون في الكواليس منتظرين بينما أهل طائفتهم ضائعون.

وبينما تقوم قيادات الحزب برعاية إجتماعات في قلب الطائفة السنية لإعداد لوائح إنتخابية بمباركة إيرانية تكون دعماً لهم في المجلس النيابي وتكون حصة وازنة للحصول على ثلثي المجلس كي يكملوا صولاتهم وجولاتهم في قطع أوصال لبنان وسلخه عن محيطه العربي وعزل الطائفة السنية أكثر فأكثر.

يا شعب طرابلس وعكار والضنية والمنية وصيدا وبيروت وباقي المناطق ذات الأغلبية السنية، بينما كل هذا يحصل وبينما تحاك المؤامرات والمخططات لجذب الطائفة السنية لتكون جزءاً من هذا الفريق أو ذاك ويتم التضحية بها كمرتزقة، يبدو أن السعد لن يطل، وبما أن النجيب قرر العزوف عن الترشح عشية الإنتخابات فإن الطرابلسي أباً عن جد يكون قد اختار الهروب بوسطيته والنأي بنفسه تاركاً أهل مدينته وطائفته لمصيرهم على نية لطرابلس ربٌ يحميها!

ولكن أيها السعد والنجيب، ما زال لديكم الوقت للعودة عن خطأكم والتوبة والعودة لأهلكم لتقاتلوا معهم في جبهة واحدة كي يتمكنوا من العيش بكرامة في وطنهم آمنين، وأذكركم أخيراً بعاقبة من اختار التولي يوم الزحف، فهي من الموبقات وبدليل قوله تعالى: “وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”.

مصطفى عبيد

اسرة التحرير ، ناشط سياسي وإجتماعي، كاتب في عدة مواقع الكترونية، مهتم بالصحافة الإستقصائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى