طالما أنك لست غربياً و بعيون زرقاء فمن الطبيعي أن تكون لاجئاً…
الإفتتاحية بقلم غادة طالب
جميعنا تعاطفنا مع أوكرانيا و ما تتعرض له من غزو و إعتداء من قِبَل الجيش الروسي… لأننا و خصوصاً كعرب نعرف جيداً معنى أن تنقلب حياتنا رأساً على عقب و أن نهجر من بيوتنا و نفقد أهلنا و من نحب ، و نعيش في حالة رعب من صوت الطيران الحربي و القذائف و الرصاص …
جميعنا لا نتمنى أن يعيش أحد ما شهدنا و عشناه من ويلات حرب ، أو أن تسلب أرض أحد كما سلبت و لازالت تسلب أراضينا ، لذلك نتعاطف و نقف إلى جانب أي بلد يتعرض لأي إعتداء بغض النظر إن كان هذا البلد شرقياً أو غربياً ، ففي الإنسانية لا يوجد ما يسمى شرقي أو غربي ، في الإنسانية يوجد فقط الإنسان …
الإنسانية التي نتحدث عنها هنا و التي تفقدها وسائل الإعلام الأجنبية و تسيطر عليها عنصرية ليست بالأمر المفاجئ أبداً ، لكن المفاجئ فيها شدة وقاحتها …
فبرأيهم أنه طالما أنك غربي و أوروبي و من الدول المتحضرة و بعيون زرقاء و شعر أشقر فإنه من المؤسف ما تتعرض له و من غير الجائز أن تقتل أو أن تهجر و تصبح لاجئاً … فأنت لست سورياً و لا عراقياً و لا حتى أفغانياً لكي يعتبر الأمر طبيعياً ولا يهم أحد ، أو لنكون أكثر دقة و نوضح رأيهم أنه طالما أن الإعتداء و الغزو الممارس ليس من قِبَلِهم و ليس موجهاً تجاه العرب بالتحديد فهو أمر منافٍ للإنسانية بالنسبة لهم …
ليس بالأمر المستغرب ما تقوله وسائل الإعلام الغربية فلطالما كانت عنصرية و هذه العنصرية لن تتغير يوماً … و ليس بالأمر المفاجئ أن يعتبر الجلاد أن أعماله مبررة و طبيعية ، فبالنهاية لن يدين نفسه طبعاً …
لكن ما يجب أن تعييه جيداً هذه الوسائل التي إعتبرت قتل و تهجير شعوب الدول النامية أمر طبيعي … أن بلادهم هي من قامت بغزوها و قامت بقتل شعبها و تهجريهم … وأن عليها أن تنضج و تصبح متحضرةً في العقل و تفهم
أنه بغض النظر عن العرق أو البلد الذي تنتمي إليه فلا يجوز لأحد أن يُقتل أو أن يخسر أحبته و أهله و أرضه أو أن تلصق إليه صفة لاجئ من أجل أي شيء و خاصة من أجل صراعات عقيمة جميعنا نعلم أن الخاسر الوحيد فيها هو الشعب ..