مقالات

إلى سياسيّي لبنان… لا تصوموا!

كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv: 

يحلّ زمن الصَّوم لدى الطوائف المسيحيّة في العالم أجمع. في لبنان، اللبنانيّون من مُختلف الأديان في صومٍ دائمٍ. صومٌ عن الطّعام والتغذية، صومٌ عن الفرح والاستقرار، وصومٌ عن حياة كريمة يستحقّونها أخيراً، بعد جلجلة طويلة ومُؤلمة. 
 

صوم الشّعب لا يُشبه بأيّ شكلٍ من الاشكال صوم السياسيّين والحكّام، ففي وقتٍ يعيش فيه اللبنانيّون صوماً حقيقياً يُجسِّد معاني الألم بانتظار قيامةٍ منشودة، يصوم السياسيّون عن القيام بواجباتهم وتسيير شؤون البلاد والعباد ولو بالحدّ الأدنى.  

في لبنان، يصوم الحُكّام عن وضع حدٍّ للعبة الدولار القاتلة التي سوّلت كلّ لبناني غنيِّ وفقيرٍ، فيما أموالهم وأموالنا المسلوبة بأمانٍ في مصارف العالم وبعملات مُختلفة. 

في لبنان، يصوم الزّعماء عن المصلحة العامة وعن خدمة المواطن، بينما لا يزالون، وبالرّغم من كلّ ما يحصل، يمعنون في إعلاء مصالحهم الخاصة والضيّقة، ويبحثون عن وريثٍ هنا وعن قريب هناك ليخدموا مستقبله السياسي بحقيبةٍ وكرسيّ ومنصب. 

في لبنان، يصوم العدد الأكبر من النّواب عن التشريع والمساءلة والانحياز الى قضايا الشعب، ويظهرون بعد أربع سنوات من انتخابهم في مؤتمرات ومهرجانات انتخابيّة وهم يتحدّثون بفصاحة وشغفٍ عن وعودٍ جديدة قديمة لم يتحقّق منها أيّ شيء. 

في لبنان، يصوم الرؤساء عن الشّعور. والكلمة كافية ووافية بعدما فقدوا أدنى حسِّ بما يحصل على الأرض وهم يجلسون على كراسيهم وفي قصورهم التي لم تعرف البرد والتقشّف والفقر والبرّادات الفارغة.  

في لبنان، يصوم “وزراء الاختصاص” عن زيارة الفقراء والمرضى والمسجونين والتلامذة والأساتذة المنسيّين والعمال المُرهقين لمعاينة أحوالهم البائسة عن قربٍ وكَثب. 

في لبنان، تصوم معظم الأحزاب عن تنفيذ برامجها التي تطال حياة المواطن بشكلٍ مُباشر، وتتلهّى بالسجالات السياسيّة العقيمة وبالحسابات الفِئويّة والمذهبيّة، كما تصوم أيضاً مجموعات الثورة والمجتمع المدني عن الحضور والمواجهة لتحقيق ولو جزءٍ بسيط من الشّعارات الرنّانة التي رفعتها. 

نحن شَبِعناً صوماً، أمّا أنتم، فرَجاءً، لا تصوموا بعد اليوم… 

المصدر
mtv

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى