عربي ودولي

هل تُعيد أوكرانيا لبوتين سيناريو هزيمة السوفيات في أفغانستان؟

جاء في “القبس” الكويتية: 

لا يختلف اثنان على أن القوة العسكرية الروسية تفوق بمراحل قدرة اوكرانيا، كما أن المعطيات على الأرض تعكس ذلك عبر التقدم السريع للقوات الروسية وسيطرتها على مواقع ومدن وتدميرها منشآت عسكرية أوكرانية. إلا أن لكل معركة خسائر، ومهما كانت القوات الروسية قوية فهذا لا يعني عدم تكبدها قتلى وجرحى وخسارتها معدات عسكرية.

تتحدث كييف عن أن القوات الروسية فقدت نحو 4300 جندي و نحو 146 دبابة و27 طائرة و26 طائرة هليكوبتر. وإذا أخذنا في الاعتبار حاجة كييف الى تضخيم الدعاية لرفع الروح المعنوية وتشجيع مواطنيها على الصمود حتى آخر لحظة، يبقى لدينا معطيات أخرى لايمكن إنكارها تؤكد تلقي الروس ضربات مؤلمة.

فقد أظهرت مشاهد متداولة أسر جنود من الجيش الروسي في مدينة خاركيف. كما اظهرت فيديوهات كثيرة احتراق دبابات ومركبات روسية بعد استهدافها بصواريخ جافلين، كما شوهدت مروحيات أسقطها الاوكرانيون بصواريخ ستينغر. وفي فيديو آخر يظهر قيام العشرات من الأوكرانيين بالتصدي للمدرعات الروسية بزجاجات المولوتوف وإشعال النيران بها.

أسلحة غربية

دعمت الولايات المتحدة ودول غربية عديدة كييف بأسلحة دفاعية فتاكة، وكان أحدث تحرك في هذا الصدد إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز: “الهجوم الروسي يمثل نقطة تحول. من واجبنا دعم أوكرانيا بقدر ما نستطيع الدفاع عن أنفسهم ضد غزو جيش بوتين. لذلك سنقوم بتسليم 1000 سلاح مضاد للدبابات و 500 صاروخ ستينغر إلى أصدقائنا في أوكرانيا”.
وإذا كان مرجحا أن تستطيع روسيا احتلال كامل أوكرانيا رغم كل ماسبق من استعدادات فالثابت ان ذلك سيكون بثمن باهظ لموسكو، وبعد ان تضمن النصر يبقى عليها المحافظة على الارض والتعامل مع المقاومة الاوكرانية الشعبية بكل ما ستمتلكه من اسلحة يوفرها الغرب وقد تصنع مفاجآت تحرج موسكو وربما تعيد سيناريو طرد الاتحاد السوفياتي من افغانستان على يد المقاومة الدعومة غربيا. 

مخطط واشنطن

بعض المحللين يرون ان الولايات المتحدة هي من أعدت هذا السيناريو للإيقاع بغريمها فلاديمير بوتين، مستدلين على ذلك بالتهويل الاعلامي الكبير من قبل واشنطن قبل الغزو حتى وصل الامر الى تحديد اليوم الذي سيغزو فيه بوتين اوكرانيا، اضافة الى تخلي واشنطن عن كييف ومسارعتها الى الحديث عن احتمال سقوط كل اوكرانيا وتبرعها بانقاذ الرئيس فولوديمير زيلينسكي من قبضة الروس.

ويضيف المحللون ان هذه افضل طريقة من وجهة نظر الادارة الاميركية لتوريط بوتين وإضعاف روسيا لسنوات طويلة وتدمير اقتصادها بعقوبات غير مسبزقة قبل تفرغ أميركا للتنين الصيني.

ويذكّرون بأنه بعد هزيمته في أفغانستان انهار الجيش السوفيتي وتفكك الاتحاد وحُل حلف وارسو وأُزيل جدار برلين بين الألمانيـتـيـن وسرعان ما استقلت الجمهوريات المتعددة عن روسيا وسقطت الأنظمة الشيوعية في دول أوروبا الشرقية تباعا كأحجار الدومينو ليتم الإعلان عما أسماه نيكسون في كتابه الشهير (نصر بلا حرب).

بوتين أذكى

في المقابل، يخالف فريق آخر هذا الرأي معتبرين أن بوتين أذكى من أن يقع في هذا الفخ ويتساءلون: لماذا يقبل بوتين أن ينزلق لسيناريو الاستدراج هذا، ويقبل بسحبه الى مستنقع أوكرانيا؟ ويدعم ذلك الفريق وجهة نظره بما حققه بوتين لبلاده بعد أكثر من عشرين عاما من حكم روسيا والاوراق التي بات يملكها للضغط على الغرب مثل احتلال القرم والتدخل في جورجيا وسوريا وليبيا.

ويشير الفريق الى ان بوتين يعرف ألاعيب الكبار تلك ووضع  لروسيا سيناريوهات لإنهاء الحرب في أوكرانيا ظهرت في تصريحات ومواقف، كان من بينها دعوة الجيش الأوكراني لاستلام السلطة، بديلا عن الرئيس الأوكراني الموالي للغرب في نظر الروس، وهذا الخيار يمكّن روسيا من سحب الجزء الأكبر من قواتها بعد تأمين أوكرانيا وتطهيرها من النفوذ الغرب، وبذلك تتجنب روسيا سيناريو الاستنزاف.

غير ان الفريق المؤيد لرأي توريط موسكو يشير الى صعوبة تطبيق هذا السيناريو أي تنصيب حكومة موالية لبوتين، خاصة أن النظام الذي يحكم أوكرانيا هو نظام منتخب، مردفين ان العامل الحقيقي الذي يدفع بوتين للغزو رغم كل المخاطر هو شعوره بالقوة والهيمنة ورغبته في استعادة امجاد الاتحاد السوفياتي الذي كان شاهدا على انهياره.

وفي النهاية ستكشف الايام المقبلة ان كانت اوكرانيا فعلا مستنقعا للجيش الروسي وسيناريو آخر لأفغانستان أم لا.

المصدر
القبس الكويتية

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى