مقالات

التحالف بين “التيار” و”الثنائي” إلى الحسم…

“النهار”- ابراهيم بيرم

بدا “التيار الوطني الحر” في الايام الأخيرة اكثر استقرارا واطمئنانا الى ان تحالفاته وتفاهماته الانتخابية المنتظرة مع “الثنائي الشيعي” تتجه نحو أمرين: الاول ان ساعة هذه التفاهمات والتحالفات آتية ولاريب بعدما لعب “حزب الله” ببراعة لعبة الوساطة التي كانت هذه المرة اكثر حسماً وأقل ليونة، ما أفضى الى تدوير الكثير من الزوايا التي بدت يوما ما عصيّة على اي محاولة لتدويرها وتلطيفها.

والامر الثاني ان حركة “امل” نفسها التي تشكل الضلع الثالث والضروري في سيبة هذا التحالف الموعود بدت في الآونة الاخيرة تتعامل بواقعية وموضوعية مع “أمر واقع” مفروض عليها، مفاده انه مع إقرار التحالف الثلاثي ثمة نتيجة واعدة، ومن دونه ثمة نتائج اخرى غير مبشّرة.

وجاء ذلك في ظل تطورين مدوّيين: الاول تجلّى في انسحاب الرئيس سعد الحريري من معادلة الفعل السياسي طوعاً أو قسراً، ما ادى الى خلط لكل الاوراق وتشتّت كل الحسابات. والثاني ان ثمة من بدأ يتحدث، وإنْ بشكل هامس وخفر، عن ان فريق الصقور في “أمل” لم ينجح اطلاقا في ترويج وتسويغ فكرة تفاهم ضمني بين الحركة وحزب “القوات اللبنانية” وامتدادا الى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي بدا هو نفسه معانيا سلفا من مآلات المضيّ نحو تحالف ثنائي صرف بينه وبين حزب “القوات” خلافا للماضي حيث كان وجود “تيار المستقبل” ضلعا ثالثا في هذا التحالف مخففا لحدّة المشهد.

ولاريب ان في مناخات الشيعية السياسية من يتحدث عن تجربة اختبار حاول هذا الفريق (الصقور) إمراره سابقا وهو اظهار نائب “القوات” عن البقاع الشمالي أنطوان حبشي ضيفاً في القناة التلفزيونية الناطقة بلسان الحركة (ان بي ان)، ولكن برز اعتراض على هذا الفعل افضى الى الاعتذار من الضيف.

وعلى رغم المناخات الايجابية الظاهرة فان عضو تكتل “لبنان القوي” والقيادي المخضرم في “التيار الوطني الحر” النائب آلان عون يرى في اتصال مع “النهار” ان “علينا ان ننتظر بعض الوقت ايضا لكي يكون بامكاننا الاعلان نهائيا عن ولادة تفاهم انتخابي ثلاثي (“حزب الله” وحركة “امل” و”التيار الوطني الحر”) كامل ومتكامل يمكننا عبره ان نخوض غمار الاستحقاق الديموقراطي المقبل بعد اقل من ثلاثة اشهر. ولكن ما يمكننا الافصاح عنه حتى الآن هو ان ثمة دوائر انتخابية حُسم امر التحالفات فيها مثل دوائر بعبدا والبقاع الشمالي (بعلبك – الهرمل) وبيروت الاولى، في حين ان ثمة تباينات وتعارضات بشكل اساسي حيال التحالف في دائرتي صيدا – جزين والبقاع الغربي – راشيا. وعلى حدّ علمي فان باب الاتصالات لم يوصد بعد تماما بهدف ان تأتي ساعة ويُحسم السجال الحاصل تحت عنوان المصلحة الانتخابية الملحّة لكل الاطراف. ومع ذلك افترض انه إذا ظل التباين قائما حيال هاتين الدائرتين فان ذلك لن يحول دون نسج تفاهمات في الدوائر الاخرى”.

ورداً على سؤال قال عون: “اعتقد ان التيار الوطني الحر بات على قناعة اكبر من ذي قبل بان علينا ان نتعاطى بموضوعية مع الثنائي الشيعي كحالة واحدة، اذ من الخطأ والتوهّم التعاطي مع كل طرف منهما على حدة. وربما ان البعض تأخر ليقتنع بهذه النتيجة او ربما حاول نسج رهانات مختلفة”.

وعما اذا كان “التيار الوطني الحر” قد أقر بشكل نهائي اسماء كل مرشحيه الحزبيين والاصدقاء وحسم أمر تحالفاته الانتخابية في الدوائر ذات الثقل المسيحي، أجاب النائب عون: “لا مغالاة اذا قلت ان الامور على هذا المستوى هي عمليا في طور التصفية والغربلة الاخيرة، اي شارفنا على المرحلة النهائية. فنحن عمليا وكما صار معلوما انطلقنا منذ اكثر من سبعة اشهر في ورشة عمل ضخمة وحراك مكثف لبلوغ هذه الغاية. وقد اقتضى الحال منا جهودا استثنائية، وهذا سلوك، اعتقد انه طبيعي وبديهي، في كل التنظيمات والاطر السياسية التي عليها ان تشارك بقوة في الاستحقاق الديموقراطي”.

وفي الحصيلة، اضاف عون: “يمكننا القول ان هناك اسماء قد صارت محسومة وبعضها وجوه معروفة وذات تجربة عريقة في التشريع والعمل البرلماني، فيما اسماء اخرى مرهون أمر حسمها وتسميتها مرشحة بنتائج الاتصالات والحوارات مع الحلفاء والاصدقاء. والامر يتم بهدوء ورويّة وبعيدا من اي انفعال او ارتجال ادراكا من الاطر القيادية في التيار بان مروحة الخصوم ترفع شعار العمل على إلحاق الهزيمة بنا، وتراهن على تراجع حضورنا وضمور شعبيتنا وفق ما تزعم، وتبني على هذا الخطاب “عمارة توقعات” وتعمل على ترويجها. ولأنها تعيش حصراً على هذا الوهم فانه ليس في جعبتها اي مشروع آخر او اي خطاب ذي طبيعة مستقبلية او تطويرية”. وبالاجمال، يستطرد النائب عون، “فاننا نحتاج الى بعض الوقت لكي ننجز نقاشاتنا الداخلية وتُحسم كل الامور، ونكرر ان هذا طبيعي”.

وعن صحة ما يقوله بعض المقربين من “التيار الوطني الحر” انه يسلك في الآونة الاخيرة مسلك الواثق بانه استعاد زمام المبادرة مجددا بعد مرحلة من الضياع والارتباك، وانه يبني توقعاته على اساس انه ما انفك قادرا على الحفاظ على بعض مواقعه السابقة في المعادلة؟ اجاب عون: “بالتأكيد ان مسار الامور بالنسبة الينا صار في الآونة الاخيرة افضل بكثير، حتى ان الذين يضعون انفسهم في موقع النقيض والعدو لنا ورفعوا شعارا صريحا يشي بانهم يعملون على انهاء حضورنا قد خفّضوا اخيرا منسوب هذا الخطاب التهويلي والتحريضي علينا، وهو الخطاب الذي اطلقوه منذ زمن. ومع ذلك فاننا ما زلنا نرفض ان ننام على حرير التوقعات المطمئنة والواعدة، اذ ما زلنا نعتبر ان هذا الاستحقاق المفصلي سيجري في موعده المحدد مبدئيا، وان علينا ان نخوض غماره ونواجه كل ما يفرضه من تحديات انطلاقا من قناعة بان ثمة من يعتبر هذه المحطة مناسبة لشن حرب الغاء علينا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى