مقالات خاصة

لا تبرير لمُعنّف …

الإفتتاحية بقلم غادة طالب

ضجت مواقع التواصل الإجتماعي منذ أيام  بفيديو العروس المصرية التي تعرضت للضرب بعنف من قبل عريسها و هي بفستان الزفاف في وسط الشارع أمام  أهلها والمارة ، لتتحول ليلة العمر إلى ليلة الضرب …
لكن المصيبة ليست هنا فبعد هذه الحادثة إستكملت مراسم الزفاف بشكل طبيعي و رقص العرسان و كأن شيئاً لم يكن … ليتبع ذلك كارثة محاولة تبرير ما فعله العريس من تصرفٍ ينم عن جهلٍ و همجية بداية من تبرير العروس التي قامت  بإلقاء اللوم على نفسها بقولها أنها” عصبية وعصبته” ، ليليها التبرير المستفز أكثر من قبل الجاني بقوله بأن ” الضرب أمر عادي لديهم في الصعيد و أنها إبنة عمه فيحق له ضربها حتى قبل أن تصبح زوجته” …
لنستنتج التالي ، أن الأمر هو شيء طبيعي جداً لا بل و إنه من حقوق الجاني ، و بما أن الضحية قامت بإستفزازه فيحق له تأديبها و هو إبن عمها فلديه الحق حتى و لو لم تكن على ذمته .
لكن الأمر في الواقع لا علاقة له بأي شيء طبيعي ، فتحت أي ظرف و بأي صفة كانت زوجة ، أخت، إبنة ،إبنة عم كما يبررالجاني هنا  …  لا يحق لأحد أن يعتدي عليها ، لا علناً و لا سراً …
و إن فكرنا بالأمر بشكل منطقي قليلاً ، أنه في وضح النهار و أمام أهلها و المارة قام الجاني بالإعتداء عليها بهذا الشكل ، غير مبالٍ بأي شيء ! فكيف سيكون الأمر عندما تكون في بيت مغلق معه لوحدها؟!
شخص لم يبالي بأهلها و الناس فليس بالبعيد إن وصل إعتداءه يوماً ما إلى القتل …
الكارثة في هذه المجتمعات إعتبار فعل كهذا أمر طبيعي من قبل الزوجة التي تسمح له بتقليل إحترامها و إهانتها أولاً ، بل و تبرر فعلته و تلقي اللوم عليها و أنها من دفعته للقيام بذلك .
و من قبل الأهل و أهل الزوجة المعنفة بالتحديد الذين يسمحون لشخص بالإعتداء على إبنتهم إنطلاقاً من مبادئ لا تنم سوى عن جهل و عقلية متحجرة ، كعدم إرادتهم بترك الزوج إبنتهم كأن بقاءها معه و إمكانية رجوعها يوماً ما بكفن أفضل من رجوعها مطلقة … و أنها مرحلة و ستمر و ممكن أن يصبح أفضل . أو في أكثر الأحوال فخراً أن يكون الأمر كذلك عادي بالنسبة لهم و إعتمادهم أيضاً سياسة العنف في عائلتهم  .
ختاماً الأمر الذي يجب أن نفهمه و تفهمه هذه المجتمعات أن العنف هو أمر متخلف ، فالرجولة لن تكون يوماً بذلك ، و أن الضرب و الإعتداء ليس حلاً … و أن السكوت عنه كارثة و تبريره و إعتباره أمر عادي كارثة أكبر ، فعند سكوت الأهل و سكوت الزوجة عن ذلك فلتعتبر نفسها أنها وقعت على السماح بقتلها على يديه يوماً ما …

غادة طالب

اسرة التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى