مغامرة مدمّرة أو مناورة إختباريّة ؟

لا ضوء يمكن الاستعانة به لرؤية مسار الأوضاع في لبنان بعد دخول “مسيّرات” حزب الله على “قواعد اللعبة” مع إسرائيل، التي استعادت بدورها لعبتها القديمة: التحليق في الأجواء اللبنانية، واختراق طائراتها لجدار الصوت فوق العاصمة بيروت، وسواها من المدن.
وقد أتى هذا التطور الدراماتيكي بعد يومين من إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله عن التحول نحو إنتاج الصواريخ الدقيقة و”المسيرات”، فيما أطلقت إسرائيل منطادا ضخما لمراقبة الحدود مع لبنان وسورية، وسط الغياب المدوي للدولة اللبنانية، فالرئيس ميشال عون مشغول بمطاردة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذي يشكل بالنسبة إليه مشروع رئيس جمهورية، كما قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وكل شخصية مارونية قادرة على إزاحة النائب جبران باسيل من درب الرئاسة، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في ميونيخ مشاركا بالمؤتمر الأمني الدولي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري في القاهرة مشغولا بإعادة سورية إلى مقعدها في الجامعة، سعيا لإعادة فتح طريقه المقفل إلى العاصمة السورية.
ويقول بيان لحزب الله عن المسيرة “حسان”: “طارت فوق فلسطين المحتلة بعمق 70 كلم وعادت إلى قاعدتها سالمة”، وقد ردت إسرائيل بإرسال طائرتين حربيتين حيث اخترقتا جدار الصوت على ارتفاع منخفض فوق بيروت وكادتا تلامسان سطوح الأبنية في الضاحية الجنوبية، ما تسبب في دوي هائل.
تعليقاً على هذه التطورات، اعتبرت مصادر ما حصل تنازلا من “منظومة السلطة” عن القرار السيادي الأول، وهو قرار الحرب والسلم، بإقفال الآذان وإغماض العيون عن مغامرة يمكن أن تجر لبنان إلى حرب مدمرة، مرة أخرى، وبعضها الآخر رأى في ما جرى مناورة اختبارية، بل ومؤشرا لاقتراب مفاوضات فيينا النووية بين إيران ودول الغرب من حافة التوقيع.
الصمت المدوي أصاب الجميع، ومن دون أي استثناء، حيال تنازل لبنان الرسمي عن بعض حقوقه البحرية، إلى ما دون الخط البحري 23 المتعرج، والجديد فيما أعلنه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب من أن الخط 23 هو الأنسب للبنان، وان لبنان يريد 860 كلم ولن يقبل بأقل من هذا، معتبرا أن عرض الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إيجابي، إلا أنه لم يتطرق إلى ماهية هذا العرض وتفاصيله الحدودية أو السياسية، وهل من مقايضات بشأنه، وأن الخط 29 “لا يفيد” ونحن نريد أكل العنب لا ضرب الناطور.