مقالات

محاولات كر و فر لتعطيل الإنتخابات

في الظاهر يكاد خطاب الممانعة عن ضرورة وحتمية إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المقرر في 15 أيار يتفوق على خطاب وموقف السياديين في هذا المجال. لا بل أنه يلاقي الموقف الدولي وتحديدا الإدارة الأميركية التي أبلغت المعنيين  بحسب مصادر سياسية معارضة ل”المركزية” “بأنه سيتم إدراج إسم كل نائب يوقع على قرار التمديد للمجلس النيابي الحالي على لائحة العقوبات الدولية”.

إلا أن ثمة عوامل عديدة تؤشر إلى وجود قرار يجري التداول به في أروقة الصالونات السياسية الممانعة بتأجيل الإنتخابات أو تعطيلها على أن يتم ذلك وفق خطة ميدانية مدروسة. فهل تكون الترجمة في الشارع ام في الجو عبر حرب المسيرات؟

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي يقرأ المشهدية الإنتخابية عبر “المركزية” على وقع تصاريح الثنائي الشيعي وتيار العهد اليومية ويقول” مما لا شك فيه أن هذه التصاريح “المطمئنة” والتي تشدد على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها يمكن أن تحمل شيئا من المناورة السياسية لتغطية حقيقة رغبة حزب الله في الدرجة الأولى ومن ورائه التيار العوني في تأجيل الإنتخابات أو تخريب موعدها. وما يضمره الحزب يتظهّر أحيانا في زلات لسانه أو لسان الناطقين بإسمه وكذلك في خلفيات الإجراءات التي يقوم بها حليفه تيار العهد. فالحزب يركز على تحميل القوى الأشد رغبة وحماسة للإنتخابات أنها تريد التأجيل كما ذكر نصرالله في كلمته الأخيرة وهذا يشي برغبته في التأجيل وإلباس ثوب التعطيل لخصومه السياسيين خصوصا القوى السيادية في البيئة المسيحية. وليس رفع مستوى الجهوزية العسكرية القتالية لدى الحزب وإعلانه عن امتلاك القدرة على إنتاج الصواريخ الدقيقة والمسيرات سوى ضغط غير مباشر وتهويل بالقدرة على تغيير الموازين بالقوة العسكرية، كما أنه يضمر التغطية على التسليم بالحقول المائية اللبنانية من الخط 29 إلى 23″.

ولا تقل خطوات العهد عن حليفه لتطيير الإنتخابات وقد تجلى ذلك في أمرين بحسب الزغبي” شكوى رئيس الجمهورية من عدم وجود المال الكافي لإجرائها ومفاجأته في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بإعادة إحياء فكرة الميغاسنتر علما أن الجميع يدرك عدم القدرة المالية والجهوزية لتحقيقها في ما تبقى من أسابيع قبل الإستحقاق عدا عن التعقيدات التقنية ومنها صعوبة ضبط أمكنة الإقتراع. أما الحزب فيكاد يكون من أول المعترضين على هذا الطرح لسبب مكشوف ويتمثل بتفلت المقترعين الشيعة من سطوته المباشرة وعدم قدرته على توجيههم في أمكنة سكنهم”.

محاولات الكر والفر لتعطيل الإنتخابات ستبقى لكن السؤال الذي يطرح،من المستفيد تيار العهد أم الثنائي الشيعي سيما وأن فوز الأخير مضمون في جيبه على رغم التغييرات في مزاج البيئة الشيعية ؟ ويوضح الزغبي بأن “هذا التقاطع بين الضاحية وضاحيتها(أي الحزب وتيار العهد) مرده إلى دوافع ومصالح مشتركة. فالحزب الذي يظهر ارتياحا إعلاميا وإعلانيا بحسم عدد المقاعد في المجلس مع شريكه بري وحركة أمل ب27 ،إلا أنه يخشى من ظواهر داخل البيئة الشيعية قد تؤدي إلى خروق غير محسوبة ومنها على سبيل المثال في دائرتي بعلبك والجنوب إضافة إلى تخوف من انسحاب مشهدية انتخابات العراق على نتائج انتخابات 2022 حيث كشفت النتائج عن ضمور وتراجع في أحزاب الحشد الشعبي المؤيدة لإيران”.

على مستوى التيار ليست الهواجس بأقل حدية. فرئيسه النائب جبران باسيل يخشى ضمنا من ان تأتي النتائج بحصيلة كارثية فلا يستطيع الحصول على أكثر من ثلث تكتله الأول غداة انتخابات 2018 حيث وصل العدد إلى 30 نائبا”. أما اليوم يرجح الزغبي “ألا يتجاوز عدد نواب تيار العهد 13 نائبا كحد أقصى “وذلك بحسب المعطيات الراهنة والإستطلاعات” . ويتجلى هاجس التخوف بوضوح في تصريح باسيل  الأخير عندما قال”لا أترشح إلا في البترون. كذلك في قوله” عنا مقعد للتيار في البترون”وليس مقعد لي.  وفي ذلك إشارة غير واضحة إلى احتمال عدم ترشحه خشية سقوطه”.

يبقى العامل الأمني في نسف موعد الإنتخابات وهو الأخطر. إلا أنه بحسب الزغبي قد لا يكون تقليديا بمعنى إعادة تحريك الشارع بالأحداث الأمنية أو الفتن المتنقلة أو بفتح خطوط تماس على غرار حادثة الطيونة-عين الرمانة. ويوضح “الوسيلة الأمنية حاضرة في الغرف المقفلة التي تجمع بين الحليفين بحيث يتم وضع خطط ذات وجه سياسي قضائي وخلفية أمنية تماما كما حصل في الأيام الأخيرة من مطاردات أمنية لحاكم مصرف لبنان واستخدام ألأجهزة الأمنية لإحداث صدام في ما بينها”. وقد نشهد على سيناريوهات مماثلة في الأيام المقبلة لتحقيق المزيد من الترهيب بدل الترغيب في إجراء الإنتخابات فتنشأ حال من الشكوك لدى الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي للحصول على موافقتها على تأجيل الإنتخابات “. ويختم الزغبي” السباق محموم بين محاولات تخريب الإنتخابات واتجاه المجتمع الدولي إلى تسوية ما في مفاوضات فيينا. فإذا ما توصل الأفرقاء فيها إلى حل، وتم الإتفاق على الملف الإيراني النووي تسقط الذرائع الداخلية لدى حزب الله وحليفه، عندها نذهب حتما إلى الإنتخابات في موعدها. وإذا ما تأزمت، سيستغل الحزب الأمر ويستعيد خططه الجاهزة تحت عناوين قضائية وأمنية لخلق ظروف غير آمنة لإنتخابات. وهذا هو الأقرب إلى المنطق”.

المصدر
المركزية

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى