مقالات

الجواب الخليجي لن يأتيَ سريعاً

جاء في وكالة “المركزية”:

ضاع الملف الخاص بإعادة ترميم العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي في حمأة الملفات المفتوحة على اكثر من مستوى وصعيد. ونسي بعض المسؤولين الرسالة الكويتية – العربية – الدولية التي حملت اقتراحات بـ “إجراءات استعادة الثقة” التي حملها وزير خارجية الكويت الى بيروت في 22 و23 كانون الثاني الماضي بـ “الصفتين” اللتين عرف بنفسه عنهما بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الساعات الاولى لبدء الزيارة ” الصفة الوطنية كوزير خارجية دولة الكويت، والصفة الاخرى هي الصفة العربية كون الكويت ترأس المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية”. واضعا مهمته من “ضمن الجهود الدولية المختلفة كاجراءات لإعادة بناء الثقة مع لبنان الشقيق”.

والى “موجة النسيان” التي تميز بها المسؤولون اللبنانيون يبدو واضحا ان كثافة الملفات المفتوحة وحجم الأزمات التي تواجهها البلاد جعلت من بعضها مجرد عناوين على لائحة “القضايا الخلافية المؤجلة” الى امد. فالحديث الذي رافق تلك المرحلة عن الغاية من الزيارة الكويتية وما حملته من رسائل فرضت على لبنان مجموعة من الخيارات التي لا يستطيع القيام بها. وهو ما عبرت عنه “ورقة لبنان” التي حملها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الى “اللقاء التشاوري” لوزراء الخارجية العرب في الكويت ما بين 30 و 31 كانون الثاني وما حملته من التباسات نتيجة تجاهل السلطة التنفيذية واختزالها بالتشاور بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لصياغتها بطريقة حملت الكثير من التفسيرات المتناقضة التي لا يمكن أن تأتي بالإجابة الخليجية الحاسمة  في وقت قريب – كما جزمت مراجع ديبلوماسية مختلفة في حديثها الى “المركزية” والتي قالت انه ليس علينا انتظار اي رد فعل خليجي او عربي او دولي ايجابي  ما لم يقوم لبنان بما تعهد به من إجراءات غير تلك التي باشرها متشددا في مواجهة عمليات التهريب الى دول الخليج بعد موجات متعاقبة ربطت بين اكتشاف صفقات الرمان والبرتقال والشاي وصولا الى الشوكولا المخدر. وكل ذلك كان يجري بالتزامن مع الإجراءات اللبنانية التي قادت حتى الساعات الاخيرة الماضية  الى تعطيل مجموعة من اللقاءات والمؤتمرات التي نظمت لـ “المعارضة الخليجية” سعودية كانت ام بحرينية ام يمنية من دون القدرة الى ترطيب الخطاب السياسي الخليجي لـ حزب الله” وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي رفع من سقف الخطاب الى المدى الابعد معطلا جانبا كبيرا من التعهدات الحكومية اللبنانية والسعي الى إثبات النية الحسنة ان بامكان لبنان الرسمي ان يقوم الالتزام بتعهداته .

عند هذه المعطيات توقفت المراجع عينها لتقول لـ “المركزية” وتعترف من باب التوصيف للإجراءات اللبنانية، ان ما قام به لبنان منذ تلك المحطة اوحى بالحد الاقصى الممكن للقدرات المتاحة في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد وحجم الأزمات المتنامية التي تعصف بمختلف وجوه وحياة اللبنانيين. وان المطالبة بالمزيد بات على عاتق “الاجاويد” الخارجيين الذين ما زالوا يتحكمون بسياسات وتوجهات فريق من اللبنانيين عاهد النفس على خوض المواجهات الاقليمية الى درجة فاقت قدرات لبنان. وبعكس كل القراءات الداخلية والخارجية التي دعت الى تجنيب لبنان هذه الترددات فلم يعترف هذا الفريق بعد بان لبنان ليس قادرا على تحمل نتائجها المدمرة على البلاد وهو يمنن النفس بانتصارات اقليمية ودولية لا بد ان يتم تكريسها في لعبة التوازنات الداخلية ايا كان الثمن الذي عليه أن يدفعه حتى تلك اللحظة المنتظرة.

وعلى هامش هذه القراءة وما هو متوفر من معطيات فقد التقت المصادر على القول ان الأجوبة الخليجية ستتأخر. فالحركة الديبلوماسية التي تقودها هذه الدول قطعت أشواطا بعيدة ومتقدمة لاعادة ترتيب أوضاعها وتحالفاته بعدما فرضت عليها التطورات في حرب اليمن وحركة “الصواريخ الحوثية” التي تجاوزت الاراضي السعودية المحيطة بها الى عمق أراضي ومنشآت حيوية في دولة دولة الإمارات العربية المتحدة لتعيد ما فقد من تضامن بين هذه الدول والولايات المتحدة الأميركية التي اضطرت الى احياء مجموعة من الصفقات العسكرية التي تعزز قدرات المواجهة للسعودية والإمارات العربية المتحدة فعادت القطع البحرية الى المنطقة وتمركزت طائرات متطورة في مطاراتها وعادت الحرارة ال “الخط الساخن” بين واشنطن والرياض بعدما استخدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصاله بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بعد زيارات لديبلوماسيين اميركيين الى الرياض دون مستوى وزيري الدفاع او الخارجية.

والى هذه المعطيات نصحت المراجع الديبلوماسية بالتروي في الحكم على كيفية تطبيق إجراءات استعادة الثقة بين لبنان ودول الخليج العربي الى حين ان تنجلي هذه الموجة من الإتصالات الدولية والخليجية  لعلها تحمل تفاهمات اولية  يمكن ان تطال شظاياها المتعددة الاتجاهات ما يعني اللبنانيين بالرغم من انها مستبعدة في الوقت الراهن. والى تلك المرحلة فإن من اعتقد ان التجاوب مع مضمون “ورقة لبنان” بما فيها تشكيل اللجان المقترحة لترميم العلاقات مع لبنان واحياء الثقة المفقودة كان مخطئا. والاخطر ان بعض المسؤولين لم يقتنع بما عاد به وزير الخارجية من لقاءات الكويت من دعوة الى التريث وعدم انتظار اي خطوة فورية فالمسألة تحتاج الى اسابيع وربما اشهر عدة والى ذلك الحين ما علينا سوى الانحناء كالقصب حتى مرور العاصفة.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى