مقالات

إرتفاع جنوني لأسعار السيارات

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

مدار جدل وبحث قد يمتدّ الى ما بعد الانتخابات النيابية، في حال لم يحسم مجلس النواب الجدل، إلّا انّ رفع الدولار الجمركي بات أمراً واقعاً عاجلاً أم آجلاً، بالإضافة الى فرض رسم اضافي على السلع المستوردة، ما يجعل نسبة كبيرة من السلع المعمّرة محصورة فقط بالطبقة الغنية.

إذا كانت نسبة الفقراء حالياً قد تخطّت الـ75 في المئة قبل رفع الدولار الجمركي والرسوم والضرائب، فإنّ الـ25 في المئة من السكان الذين حافظوا على نمط عيش شبيه بالنمط الذي كان سائداً قبل استفحال الأزمة، ستنخفض نسبتهم الى اقلّ من 10 في المئة. وبالتالي، قد يصبح العديد من السلع المستوردة، خصوصاً الكماليات منها والسلع الفاخرة، في حال استمرّ استيرادها، حكراً على هؤلاء فقط.

أكثر السلع او القطاعات تضرّراً من رفع الدولار الجمركي هي السيارات المستوردة، التي سترتفع قيمة رسومها الجمركية حوالى 20 ضعفاً، في حال احتُسب الدولار الجمركي على سعر صرف الـ20 الف ليرة كما تمّ التداول به. علماً انّ الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة المستوردة الى لبنان تشكّل 50 في المئة من قيمتها، وهي تدرّ إيرادات لخزينة الدولة تقدّر بحوالى 10 ملايين دولار يومياً، مع احتساب قطاع قطع غيار السيارات، و3 مليارات ليرة يومياً لصالح مصلحة تسجيل السيارات.

هذه الإيرادات وفقاً لنقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس، ستتبخّر وستخسرها خزينة الدولة، إذ انّ المبيعات ستنعدم بعد رفع الدولار الجمركي 15 ضعفاً او 20 ضعفاً، حيث سترتفع اسعار السيارات 20 ضعفاً، «وسيصبح شراء سيارة بمثابة معجزة للمواطنين، حيث انّ الرسوم الجمركية على السيارات التي يبلغ سعر مبيعها حوالى 6 آلاف دولار، ستصبح حوالى 60 مليون ليرة في الحدّ الأدنى، أي انّ قيمة السيارة سترتفع من 6 آلاف دولار الى حوالى 10 ألف دولار بعد احتساب الرسوم والضرائب الجديدة». وأشار فرنسيس لـ»الجمهورية»، الى انّ الإيرادات المتوقعة لرفع الدولار الجمركي لن تتحقق، لأنّ استيراد السيارات المستعملة سيتوقف بالحدّ الأدنى لمدّة عامين الى حين نفاد مخزون السيارات التي سبق واستوردها اصحاب السيارات، «لأنّ سيارة مستوردة على دولار جمركي جديد، لن تجد من يشتريها، في مقابل وجود سيارات في السوق بأسعار اقلّ بكثير من المستوردة حديثاً»، مشدّداً على انّه لو تمّ رفع سعر السيارات المستوردة على الـ1500 ليرة، بنسبة 20 او 30 في المئة، فإنّ اسعارها ستبقى اقلّ بنسبة كبيرة من السيارات التي ستُستورد على دولار جمركي جديد.

كما لفت فرنسيس الى انّ منذ 21 عاماً، وخلال مؤتمر باريس 2، تمّ توقيع اتفاقية للتبادل التجاري بين لبنان والاتحاد الاوروبي تنص على فرض رسم جمركي بنسبة 5 في المئة على استيراد السيارات المستعملة، إلّا انّ الدولة اللبنانية تقوم منذ 21 عاماً بفرض رسوم جمركية تبلغ 50 في المئة على السيارات المستعملة، بشكل مخالف للقانون، وتسجّل تلك الرسوم في المرفأ كرسم جمركي بنسبة 5 في المئة منها، نسبة 95 في المئة منها كرسم استهلاك محلي، «علماً انّه لا يوجد بما يُعرف بالرسم الاستهلاكي داخل المرفأ». وقال فرنسيس، انّ مستوردي السيارات المستعملة لم يعترضوا يوماً على تلك المخالفة، «لكنّهم، وفي حال رفع الرسوم الجمركية سنتاً واحداً، سيلجأون الى رفع دعوى لدى الاتحاد الاوروبي لمخالفة لبنان اتفاقية التبادل التجاري الموقّعة بين الطرفين».

واعتبر فرنسيس انّ التوجّه لاحتساب الدولار الجمركي على سعر صرف الـ 10 او 15 او 20 الف ليرة، سيشكّل الضربة القاضية لقطاع معارض السيارات المستعملة الذي خسر 65 مؤسسة، اضطر أصحابها لإقفالها بسبب الأزمة الاقتصادية. اما المعارض المتبقية، فهي صامدة لأنّها تستورد السيارات على دولار جمركي عند 1500 ليرة، مع الإشارة الى انّ الشركات المستوردة للسيارات الجديدة لم تستورد منذ عامين السيارات.

وختم فرنسيس مشدّداً على انّ السيارات ليست من الكماليات كما يصفها معظم المسؤولين، لأنّ لا بديل ولا غنى عنها في لبنان في غياب النقل العام المشترك.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى