مقالات

الإرتجاجات الماليّة والإقتصاديّة : مرآة للواقع اللبناني المهترئ

جاء في “الراي” الكويتيّة:

لم يكن أدلّ على «عشوائية» المعالجات «التخديرية» للانهيار الشامل وتحوُّله بمثابة «المنشار» الذي يأكل «صعوداً ونزولاً» من «آخِر فلس» بقي في جيوب اللبنانيين، من انهماك بيروت أمس بارباكاتٍ كبيرة في القطاع المصرفي بفعل استمرار انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية وبلوغه مستوى أدنى من السعر الذي حدده مصرف لبنان لمنصة «sayrafa» التي يحاول عبرها ضبط إيقاع السوق ومداولاتها والتحكم بالسيولة النقدية بالليرة وامتصاصها.

وبعدما كان الهبوط الكبير في سعر صرف الدولار بأكثر من 14 ألف ليرة في غضون نحو 3 أسابيع (لنحو 19500 ليرة أمس) يُفترض أن يشكّل متنفّساً للبنانيين، إذ به يتسبّب بتحركات اعتراضية أمام عدد من المصارف، بفعل اعتراض موظفين ومتقاعدين على إلزامهم بتقاضي رواتبهم (هي بالليرة) بالدولار بعد تحويلها إلى العملة الخضراء، وفق سعر منصة «المركزي» الذي بات يتجاوز سعر السوق السوداء بنحو ألفي ليرة، ما يعني خسارة هؤلاء ما لا يقلّ عن 200 ألف ليرة في كل 100 دولار سيضطرون لصرفها لدى الصرافين لزوم يوميات عيشهم البائس أصلاً.

وبمعزل عن خلفيات هذا الارباك ومدى ارتباطه بآليات تجفيف السوق من الليرة ومدى قدرة «المركزي» والمصارف على تهدئة الفوضى التي سادت أمس بـ «هندسات نقدية» جديدة، فإن هذا التطوّر عَكَس وفق أوساط مطلعة واقع «الفقّاعة» في الوضع المالي، الذي كلما حلّق الدولار اقترب لبنان من الانفجار الاجتماعي، وكلما تراجع انكشفت الطبيعة «الوهمية» لتطوّر لا يحتسبه الخبراء تحسناً في الليرة ولا يلمس المواطنون تداعياته على صعيد مستويات التضخم التي عوض أن تنخفض بنفس مستوى هبوط الدولار إذ بها إما تحافظ في عدد كبير من السلع على أسعارها واما تسجّل انخفاضاتٍ غير متوازية مع السوق الموازية، وسط عدم قدرة السلطات على ضبط هذه الارتكابات التي تؤشر لـ «حِرفية» التجار في الاستفادة من كل الظروف وفي «تحايُلٍ» جاءت آخر «ابتكاراته» على شكل رفع أسعار بعض المنتجات بالدولار.

وفي رأي الأوساط أن هذه «الارتجاجات» المالية – الاقتصادية – النقدية، ليست إلا مرآة للأرضية المهترئة التي يقف عليها الواقع اللبناني برمّته والتي تزداد تصدُّعاتها الكبرى على وقع عجز بيروت عن رأب الصدع في علاقاتها مع دول الخليج عربي خصوصاً كما المجتمع الدولي، بفعل «الحمولة الأكبر» على التايتانيك اللبنانية التي تشكّلها وضعية «حزب الله» وأدواره في ساحات المنطقة، في موازاة محاولاتٍ شبه مستحيلة لفصْل المساريْن السياسي والمالي في أزمة «بلاد الأرز»، ولتحقيق إصلاحاتٍ تتطلّب إجراءات مؤلمة على يد الطبقة نفسها التي تغمّست يداها، وإن بنسب متفاوتة، في «نهش» الوطن الصغير وتحويله… أشلاء.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى