مقالات خاصة

الإنتخابات النيابية من يريدها يحاول اغتيالها

الإفتتاحية بقلم مصطفى عبيد

بينما الإنتخابات تقترب تزداد الشكوك أكثر فأكثر حول جدية وجدوى إجراؤها فجميع القوى السياسية في لبنان متخوفة من نتائجها ومما يمكن أن يحصل إن أجريت الإنتخابات، جميع القوى السياسية تحاول بث الطمأنينة والقوة بين جمهورها وفي نفس الوقت تحاول أن تؤكد لجمهورها أنها إنتخابات مصيرية، وأنها حرب وجود.

المضحك في الأمر أن جميع القوى السياسية التي تسببت وما زالت في إنهيار الوطن وفساد مرافقه وتدمير إقتصاده وتهجير خيرة شبابه، هي نفسها القوى التي تعتلي المنابر لتؤكد لجمهورها أنها ستقضي على الفساد وتحاسب الفاسدين وتعيد الأموال المنهوبة وتنعش الإقتصاد وتعيد صفة الدولة والوطن إلى هذا البلد الذي أصبح متهالكاً منهاراً، إن إنتم أيها الشعب المفدى أعدتموهم إلى الكرسي من جديد.

والواضح الجلي أن هذه الإنتخابات لن تكون معركة لزيادة الحصص في المجلس النيابي، ولكن اللعبة الآن والهم الوحيد هو من سيستطيع الحفاظ على حصته النيابية في ظل التغييرات التي حصلت في الثلاث سنوات الماضية، جميع الأحزاب الفاسدة تحاول أن تؤكد لجمهورها أنها من رحم الثورة وبأنها قوية وواثقة من حتمية نجاحها، وفي نفس الوقت فإن هذه الأحزاب ترتعد خوفاً من الثورة ومن أن يكون الناس فعلاً قد تحرروا من منطق العصبية الطائفية والمناطقية والإنتماء الأعمى للزعيم، وإن حدث هذا فستكون نهاية معظم الأحزاب وإنهيار التحالفات وفقدان الهيمنة على الشعب الذي كان تابعاً أعمى.

فهل سيستطيع الثوار الحقيقيون فعلاً توحيد صفوفهم وخوض الإنتخابات تحت راية لائحة ولدت فعلاً من رحم الثورة؟

وهل ستكون هذه الجماهير الغفيرة التي ملأت الساحات أيام الثورة وفيةً لثورتها وصادقة في انتمائها لها ومتحررة من التبعية العمياء لزعماء الطوائف والتعصب ولرجال الحرب الأهلية؟

إن راقبنا الخطابات السياسية الأخيرة نرى أن التصعيد والتجييش هما سيدا الموقف، والجميع يلهو بقنبلةِ يخشى من أن تنفجر فيه ويفضل أن تنفجر في الوطن وتتحول لحرب فتطير الإنتخابات عوض أن تنفجر فيه وحده في صندوق الإقتراع.

كل الوسائل مباحة لهذه المعركة، الخطاب الطائفي والتهديد والتصريحات المستفزة والتردود النارية والتكفير، كتلة المستقبل انسحبت من الصراع فهبت بعض الأطراف الأخرى تحاول ضم أصوات الطائفة تحت جناحهم وهم يظنون أن الساحة قد خلت وأن أصوات السنة التي هي بيضة القبان في لبنان باتت يتيمة وتبحث عن من يتبناها، فهب زعيم التيار البرتقالي ليتغزل بالحريزي ويواسيه ويعلن من قناة روسيا اليوم أن الصهر والحريري مصابهم واحد بسبب وطنيتهم، الصهر المنفرد في الحكم مدلل قصر بعبدا الذي يلعب بالأحداث السياسية بهدف الوصول لكرسي الرئاسة بالوراثة من عمه فخامة الرئيس أضحى فجأةً حملاً وديعاً وطنياً مصابه أليم وقدم نفسه ذبيحة إلهية على مذبح الوطن ليحيا لبنان، الصهر الذي لا يأبه للبنان وإنما همه تياره ونفسه يريد أن يقنع اللبنانيين أنه جزء من الثورة وأن العقوبات التي فرضت عليه هي بسبب تضحياته ومواقفه الوطنية.

من جهةٍ أخرى ها هو حزب آخر من بقايا الحرب اللبنانية يحاول أن يقدم أوراق إعتماده لدى الخارج بأنه يمتلك الأهلية والأفضلية لتبني أصوات الطائفة السنية بحجة أنه حليف سابق للحريري وأن الخلافات لم تقطع الود، ها هو حزب الحكيم يحاول أن يقنع أصوات الطائفة السنية أنه من رحم الثورة أيضاً وخارج ااسلطة الحاكمة الحالية التي تدمر على رأسها بقايا الهيكل المسمى لبنان، وبأنه الحصن المنيع الوحيد لجميع الأحرار الذي يريدون لبنان الوطن.

وفي ظل كل هذه الصراعات تبرز على الضفة الأخرى الوفود المتوجهة نحو دار الفتوى والخطابات التي ندعو المفتي دريان لعدم الدعوة للمقاطعة السنية للإنتخابات والحرص على تأمين ولي عهد جديد يحل محل الرئيس الحريري متمنيين أن يكون ولي العهد تابع لكل زائر منهم، فرأينا حزب الكتائب بكافة أركانه يزور المفتي ومن ثم توالت الزيارات لتكون الصدمة في زيارة رئيس الجمهورية للمفتي دريان مع ما حمله من تمنيات وتشجيع وثناء والتمني باستمالة الطائفة السنية نحو صهره العتيد، هي معانٍ خفية في طيات الزيارة التي حصلت.

ومع كل هذا يبرز الخطاب السياسي الناري التكفيري وسياسة الإلغاء بين الأطراف المتصارعة لإثبات وجودها في الإنتخابات القادمة وتدمير خصمها، وتظهر هذه الخطابات جليةً في الحرب الكلامية الحاصلة بين القوات والتيار من جهة وبين القوات والحزب من جهة أخرى، خطابات نارية مستفزة وغير مسؤولة وردودٌ تكفيرية تحمل في طياتها تهديدات بالغة الوضوح، وهذه التصريحات والردود والحرب الكلامية ذات النبرة العنصرية الطائفية تثبت أنه لا شيء مضمون بعد بشأن حصول الإنتخابات وبأن الجميع مستهتر ويحاولون تطيير الإنتخابات بشكلٍ أو بآخر مع أنهم يظهرون لجمهورهم أنهم يتحضرون لها وبأنهم هم الأقوى.

نعم كلهم يريدون تطيير الإنتخابات ولكن لا يريد أحدهم أن يحمل وزر تطييرها لوحده أمام المجتمع الدولي، فهل سيصل لبنان إلى شهر أيار وهو قادرٌ على إجراء الإنتخابات؟ أم ستنتصر الدويلات على منطق الدولة ولا يبقى من لبنان إلا مجرد إسم على الخريطة؟

مصطفى عبيد

اسرة التحرير ، ناشط سياسي وإجتماعي، كاتب في عدة مواقع الكترونية، مهتم بالصحافة الإستقصائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى