مقالات

هل هناك فرصة لإنقاذ لبنان؟

أمام وفد نقابة المحررين الذي زاره في بكركي الثلثاء، جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مطالبته بمؤتمر دولي لاعلان حياد لبنان. دعوة اطلقها منذ نحو عام وتحديدا في 27 شباط الماضي امام الحشود التي زارته في الصرح انذاك مؤيدة لطرحه الذي رحبت به ودعمته القوى السيادية المعارضة في حين رفضه الفريق المنضوي تحت محور الممانعة وحلفائه ونجح في سحبه من التداول لكثرة الهجمات التي شنها، توازيا مع استفحال الازمات المعيشية والاقتصادية التي حصرت الهمّ الشعبي بالبحث عن كيفية لقمة العيش لا اكثر.

مناسبة التذكير بالاقتراح البطريركي اليوم هي الورقة الخليجية التي قدمها وزير خارجية الكويت أحمد ناصر الصباح للمسؤولين اللبنانيين كإطار لاعادة ترتيب العلاقات المتوترة مع دول الخليج، متضمنة اثني عشر بندا عبارة عن “مقترحات لبناء الثقة وعلى الأشقاء في لبنان دراستها ومعرفة كيفية التعامل مع هذه الأمور والمضي قدما فيها”، بحسب تعبيره، يفترض ان يحمل وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب الجواب الرسمي في شأنها السبت المقبل خلال زيارة للكوي ، وايضا في خلال ترؤس لبنان دورة اجتماعات وزراء الخارجية العرب.

في متن البنود هذه كل المطالب البطريركية التي لا ينفك يكررها الراعي في عظاته كل احد ويلاقيه فيها متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة من التزام الطائف الى قرارات الشرعية الدولية التي قال عنها الصباح ردا عن سؤال عن مدى إمكانية لبنان لتطبيق القرار الاممي الرقم 1559 في ظل الانقسام السياسي الواضح، “هذا امر يعود الى اللبنانيين أنفسهم، وليس الى الكويت. لكن كل قرارات الشرعية الدولية ملزِمة لكل دول العالم”، الى تطبيق سياسة النأي بالنفس قولا وفعلا، حتى ان الورقة الخليجية ذهبت ابعد وسمت الامور باسمائها مشيرة في البند الخامس الى ضرورة وضع اطار زمني محدد لتنفيذ القرارات 1559 الخاص بنزع سلاح الميليشيات و1680 بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي والتأييد التام للحوار الوطني و1701 الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب وفق المبدا الاساس في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.

مصادر سياسية معارضة تقول لـ” المركزية”، بين النداءات المسيحية الروحية والورقة الخليجية الاثنتي عشرية ومطالب الفريق المعارض والقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية، بات لزاما على السلطة السياسية تحديد موقفها، اذ من غير الجائز استمرار تجاهل كل هذه الاصوات والقرارات ووضع لبنان في مواجهة العالم بأسره كرمى لحزب الله ومشروعه الاقليمي الذي هدم لبنان على رأس من فيه وتسبب بنقله الى جهنم التي بشّر بها الرئيس ميشال عون واحترق بنيرانها اللبنانيون.

وتدعو جميع هذه المكونات الى التواصل والتنسيق في ما بينها لانتشال لبنان من اللهب الممتد فيه نتيجة تداخل الصراعات الدوليّة والإقليمية مع العصبيّات المذهبية والإنقسامات الداخليّة، وادّخار كل الجهود والطاقات لوقف انزلاقه إلى هذا الحريق. واكدت ان طرح الحياد والنأي بالنفس الوارد في اعلان بعبدا يكاد يكون راهنا حاجة للبنان أكثر منه خياراً، ويحتاج شجاعة وصبراً، وفهما عميقا لثقافة الحياد، فهو ليس خياراً ناجماً عن ضعف أو يعني اللاموقف وسياسة النعامة التي تدفن رأسها في التراب كما يحاول ان يصوره البعض بل نتيجة فهم مشترك للمصلحة الوطنيّة اللبنانية والسياسة الخارجية المثلى التي تخدم هذه المصلحة، مشيرة الى أن حياد لبنان يجب ان يدعمه المجتمع الدولي الذي تقع عليه مسؤولية مساعدة اللبنانيين في التخفيف من وطأة تداعيات حالة اللااستقرار، وحماية السيادة اللبنانية في وجه التدخلات الإقليمية والامعان الايراني عبر حزب الله في نزع هوية لبنان التاريخية عنه وضمه بالكامل الى السياسة الفارسية رغما عن ارادة شعبه الحر.

واذ اكدت ضرورة تلقف الفرصة والتقاطها بأقصى سرعة في ظل الاجواء الاقليمية المؤاتية لهذا الطرح ، لا سيما انعدام المواجهات مع اسرائيل، اعتبرت ان المدخل قد يكون من بوابة تعديل دستوري يقضي لبنانيا بإضافة فقرة جديدة إلى مقدمة الدستور تنص على التزام مبدأ الحياد في جميع الصراعات الإقليمية والدولية، وتعديل ما يجب من اجل ازالة الموانع الدستورية والقانونية والسياسية ان لجهة العداء مع اسرئيل المثبّت في اتفاقية الهدنة او ميثاق الدفاع العربي المشترك ومعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق مع سوريا الذي يمنع الدول الكبرى من الإلتزام بضمان أي حياد للبنان…وما تبقى يدعمه به الخارج العربي والغربي.

المصدر
Al Markazia | وكالة الانباء المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى