سياسة

جنبلاط: نتجه نحو المجهول ولا مهرب من شروط صندوق النقد القاسية

لفت رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الى أن “زيارته إلى موسكو تأتي بعد إنقطاع أربعة سنوات بسبب الأحداث في لبنان وجائحة كورونا، حيث انجبرت على أن أحجر نفسي، كما وأتت أحداث سموها آنذاك “أحداث تشرين الأول” لكن لم يكن لدينا لينين هناك”.

وقال جنبلاط في حديثٍ لقناة “روسيا اليوم”: “اليوم نعيش في عالم فيه فوضى، سبق أن عشته في أيام الماضي منذ خمسين عاماً أو أكثر أو أقل، في الحرب الباردة حيث كانت قواعد اللعبة الدولية معروفة أكثر، أما اليوم فنحن نتجه نحو المجهول، قل لي أين هو المكان في العالم الذي ليس فيه مشاكل داخلية وخارجية وفوضى، وقل لي في منطقة الشرق العربي، أين هو البلد الذي ليس فيه مشاكل، إلا بعض البلدان الصغيرة أو الكبيرة مثل الخليج”.

ورداً على سؤال حول أحداث 17 تشرين في لبنان، قال جنبلاط: “أتت ظروف مختلفة أدّت إلى مزيد من الإنهيار في كل المستويات، ولا زلنا، والوضع السياسي متأزم، وهناك تقاسم للحصص في لبنان، ولا وجود لنظام لبناني إقتصادي منتج، بل مبني كان الاقتصاد ولايزال على اقتصاد ريعي (خدمات، سياحة، مصارف..)، وكل هذا إنتهى، لا بد اليوم من إعادة تفكير بالاقتصاد اللبناني بحيث يصبح منتجاً وبنفس الوقت لا بد أيضاً من الخضوع لشروط المؤسسات الدولية أي صندوق النقد الدولي وهي شروط قاسية، لكن لا مهرب منها”.

وأضاف: “في الطبقة السياسية هناك من يقرر فعلياً وهناك من يمشي، وليس كل الطبقة السياسية كما هو شعار الثورة “كلن يعني كلن”، لكن طبعاً هو الشباب الطامح لمستقبلٍ أفضل، ظن محقاً أن جميعنا نحن نتحمل مسؤولية، ثم دخلنا في حلقة الانهيار السياسي والانهيار الإقتصادي النقدي، ثم أوصلتنا الأمور الى أن نقبل بهذه الشروط، وأن ندق أبواب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي”.

واشار جنبلاط الى انّ “الظروف المعيشية أجبرت خيرة اللبنانيين على الهجرة، وعشرات الآلاف من اللبنانيين هاجروا، والفرصة اليوم هي في أن يستطيع هؤلاء الذين هاجروا أن يصوتوا في لبنان في الإنتخابات المقبلة، وربما قد يغيروا من الأمور بشيء، ربما إذا أتى هؤلاء أو ممثلو هؤلاء الى المجلس النيابي، هذه النخبة الجديدة قد تستطيع أن تضع شروطاً للبنان جديد مختلف عن لبنان القديم”.

ورداً على سؤال حول صعوبة طرح قضية إلغاء الطائفية السياسية في لبنان، أردف: “كسياسي مخضرم قديم، أعلم هذا، لكن لا تستطيع أن تقول للشباب والشابات وللجيل الجديد “ليس هناك إمكانية تغيير في النظام”، عليهم أن يدخلوا في المعمعة والمعركة، وهناك أساليب جديدة اليوم في النضال، ربما يستطيعون كسر هذا الحاجز الطائفي المذهبي”.

ورداً على سؤال حول أن اليسار اللبناني التقليدي أصبح خارج اللعبة، رأى انه “بغالبيته أصبح خارج اللعبة، إلا إذا أيضاً تجدد، وهذا ما أحاول أن أعمل عليه في الحزب الإشتراكي، قد أوفّق وقد لا أوفق، سنرى”.

وعن دخول التقسيم والتشرذم الطائفي في القاموس السياسي ومؤسسات الدولة، قال جنبلاط: “دخل؟ متى غاب؟ غاب عندما كانت الأنظمة الديكتاتورية تحكم بالقوة، ولا تستطيع إلا وأن تكون متحكّما بالمراحل، آنذاك مثلاً في عهد النهضة العربية، رجالات الثورة السورية بعد الإستقلال بين الـ1917 والـ1923 الرجالات التي رافقت الملك فيصل، كانت تؤمن بالتغيير المرحلي، لكنها كانت متقدمة عن الفكر اليوم، الشهبندر وغيره كانوا متقدمين”.

الى ذلك، اعتبر أنه “على الأحزاب اللبنانية والشخصيات أن تتجاوز كل الحسابات الضيقة والصغيرة من أجل المصلحة الوطنية العليا، ولا أدري ما خلفيات عودة الثنائي الشيعي للحكومة، لكن هناك رأي عام، وفي النهاية هذا الإنفجار (إنفجار مرفأ بيروت) لا يستطيع أن يمر دون محاسبة، لابد من الحد الأدنى من العدالة من أجل الرأي العام ومن أجل الضحايا، المئات من الضحايا والآلاف من الجرحى، ومن أجل العدالة”.

وعن التأخير في إعلان النتائج الأولية في انفجار مرفأ بيروت، اشار جنبلاط الى انه “يبدو أن هناك من قد يتضرر، من هو هذا؟ لست أدري، لأنه لم يصدر بعد القرار الإتهامي، ننتظر”.

واكد أن “عودة الثنائي وعدم إشتراطه ووضع شروط تبشر بالخير، على أمل أن يشارك هذا الثنائي الجميع في همّ اللبنانيين المعيشي، والجانب القضائي فلنتركه للقضاء، ولنترك القضاء جانباً، على الأقل فلتبقى هذه المؤسسة بعيدة عن التدخلات السياسية، يبقى الموضوع المعيشي، فلا بد من وضع برنامج إقتصادي إجتماعي بالتحاور مع صندوق النقد الدولي والإسراع في هذا البرنامج من أجل وقف التدهور، كي يخرج لبنان بعد سنتين أو أكثر من تلك الكبوة الهائلة”.

وعن الدور الروسي في لبنان، لفت الى انه “دائماً كان لروسيا دوراً إيجابياً في لبنان في الحفاظ على الإستقلال اللبناني وتأييده ومنع التدخل الخارجي، ولكن روسيا ليست لوحدها في لبنان ولا في الشرق، اليوم هناك صراع دول على كل منطقة الشرق”، موضحًا أن “هناك مبالغة في الدور التركي في لبنان، والمبالغات اللبنانية ستصل الى الحد بأن هناك جيش تركي في طرابلس، وهذا غير صحيح، هناك تأثير عبر الخدمات والمنح الطبية في شمال لبنان لأنه كان لهم وجود هناك قديماً على أيام السلطنة العثمانية، ولا مقارنة بين الدور التركي في لبنان والدور التركي في غير مناطق من العالم”.

وأضاف جنبلاط: “بالوقت الحاضر الدور الإيراني رائد في لبنان، وإن الإيرانيين، ربما لا يتفهمون أو يتفهمون، هذا لغز، ما هو لبنان، فلبنان المتنوع، لبنان الجامعات والإرساليات والمدارس، ولبنان الذي كان منارة العيش المشترك وبنفس الوقت منارة علم في الشرق العربي، ربما هناك دوائر لا تفهم هذا الأمر، ولا أملك علاقات مع الإيرانيين ولا صداقات قريبة معهم، والبعض من المسؤولين الإيرانيين قالوا “نحن نمتلك الساحة اللبنانية والعراقية واليمنية والسورية”، وهذه الطريقة ليست طريقة تخاطب، نعم نحن بلد صغير ومقسوم طائفياً ومذهبياً، لكن نحن بلدٌ موجودٌ وكيانٌ موجودٌ، وعليهم أن يكونوا أكثر حذراً في بعض التصريحات”.

واعتبر جنبلاط أن “ضربات الحوثيين على الإمارات العربية المتحدة أمر خطير واعتداء على أمن الخليج مجدداً، لكن باعتداء نوعي كبير ومخيف، ولا أدري كيف ستتطور الأمور”.

وعن تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي حول اليمن، قال جنبلاط: “إعذرني ولا تضعني بنفس المرتبة مع الوزير قرداحي، أساء لنا كثيراً الوزير قرداحي، والتصريحات الأخيرة لبعض القادة في حزب الله أساءت لنا أيضاً، هذا الذي لا يفهمه الإيراني، لماذا جعل لبنان ساحة صراع حول اليمن، وحول العراق ربما، وغيرها لماذا؟ استفادوا من الإعتداء على العراق في العام 2003 من قبل الأميركيين، نتيجة الغباء والتعجرف والتكبر من قبل صدام حسين، وإستمر الأمر، وهو مستمر”.

وحول الإنتخابات ووصول شخصيات جديدة، لفت جنبلاط إلى أن “حتماً ستأتي نوعية جديدة، ربما لا تستطيع أن تفرض الجديد الكامل، لكن حتماً ستأتي نوعية جديدة، لا بد، لست من الذين يتشاءمون، وعلى قدر ما الظروف تسمح سيكون لنا دور، لكن حتماً ستخرج إمكانات وطاقات جديدة، وهذا مستقبل الشباب اللبناني بالتغيير”.

وشدد جنبلاط على ضرورة أن تتمتع الدولة اللبنانية بـ”السيادة على كل المرافق اللبنانية وبخطة دفاعية، وقد وضعنا أسس تلك الخطة على أيام الرئيس ميشال سليمان، وقبل أيام دعانا رئيس الجمهورية ميشال عون، لكن آنذاك الخطة التي وضعناها رفضت من قبل حزب الله”. وتابع: “ربما نستطيع أن نضع شيئاً من المقارنة مع الوضع العراقي، ماذا ينادي مقتدى الصدر؟ ينادي بوحدة إمرة الدولة على السلاح، نفس الشيء مثل لبنان”.

وأشار إلى أنه “عندما نتحدث عن اهمية الدولة الموحدة السيدة، على الدولة ان تمتلك قرار السلم والحرب، انطلاقا من الدستور الدولة تمتلك هذا القرار، لكن بغير الدستور ليس الدولة”.

ورأى أنّه “نستطيع بهذه اللحظة المتأزمة معيشية واقتصاديا وضع قضية السلاح جانباً، وكما ذكرت سابقاً، نترك القضاء يستكمل التحقيق بالانفجار، ولنركز في كيفية البدء بالقيام بالاصلاحات من اجل التعاون مع المؤسسات الدولية وبعد ذلك سنرى الاولويات، واليوم الاولوية للوضع المعيشي”.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى