مقالات

من سيقود الطائفة السنية بعد قرار الحريري؟

بعيدا من طبيعة الموقف الحريري والسقف الذي وضعه لانكفائه عن الحياة السياسية وما اذا كان شخصيا ام عاما وتحديد الاسباب الموجبة التي سيعتدّ بها والاخراج الذي يعتمده ليقنع جمهوره بصوابية الخطوة، يقف الرئيس سعد الحريري على مفترق طرق خطير، ليس على المستوى الخاص فحسب انما لكون قراره هذا لا يقتصر على البيت الحريري تحديدا انما على واقع الطائفة اولا ومنها الى ما ستفرزه صناديق الاقتراع في ايار المقبل في ضوء غياب الزعامة السنية التي فرضت نفسها لاعبا اساسيا طوال عقدين من الزمن.

ما يجري داخل الطائفة بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية” لا يعنيها وحدها، انما كل من تعاون معها وتحالف مع الفريق الازرق نسبة لحجم حضوره السياسي والشعبي في مختلف المناطق والاقضية لا سيما تلك التي يتحكم بأصواتها في شكل كبير، اذ من غير الضروري التذكير بأن وريث الرئيس رفيق الحريري شكل لسنوات الرقم الصعب في المعادلة السياسية اللبنانية وكانت له اليد الطولى في ايصال الرئيس ميشال عون الى بعبدا من خلال التسوية الرئاسية التي عقدها مع التيار، بعدما عبّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الطريق من خلال تفاهم معراب وتبنيه ترشيحه، الامر الذي تعتبره المصادر مثابة “مصيدة” وقع فيها زعيم التيار الازرق فدفع غاليا ثمن التسوية التي اعتقد الحريري ابان ابرامها ان العماد عون آنذاك وحينما سيعتلي الكرسي الاول في البلاد سيلبي المطالب الوطنية المتصلة بموضوع حزب الله واعادته الى لبنان من الساحات العربية ونزع سلاحه او على الاقل انجاز الاستراتيجية الدفاعية التي اعد دربها الرئيس ميشال سليمان. بيد ان حسابات حقل الحريري لم تطابق حسابات بيدر عون، فتلقى الحريري صفعة قاسية دفع ثمنها من رصيد جمهور التيار الازرق الذي لم “يبلع” حتى اللحظة التسوية هذه وقد تبين سوء نتائجها والخطأ في التقدير والحسابات الحريرية وادى الى ما ادى اليه من انهيار الوطن وتسليم قيادة البلاد الى حزب الله.

الاكيد المؤكد، بحسب المصادر، ان انكفاء الرئيس الحريري اليوم هو نتيجة حتمية لسياسات الامس، وان المعركة الانتخابية التي يعوّل اللبنانيون الطامحون الى التغيير والى كسر المنظومة بقيادة ثنائي الحزب والتيار، لن تخدم الاهداف المفترض ان تصب لمصلحة المناهضين للعهد وممارساته، من هنا استغراب الخطوة هذه، خصوصا ان سنّة لبنان كان يفترض ان يكونوا اليوم رأس حربة في المعركة تزامنا مع ” الهجمة” الخليجية الجدية التي تجلت في بنود الورقة التي قدمها وزير الخارجية الكويتية أحمد ناصر المحمد الصباح الى المسؤولين في بيروت، ويشكلوا الى جانب القوى السيادية المطالبة بإنقاذ لبنان من الاحتلال الايراني ونزع سلاح حزب الله الذي يسيطر بفعله على الدولة السند الداخلي لاعادة لبنان الى موقعه العربي ونزع العباءة الفارسية التي البسه اياها عنوة الحزب. وتستغرب المصادر كيف ان الفريق السياسي المسيحي ورأس الكنيسة بات هو المساند للمطلب الخليجي الداعم تحرير لبنان عوض ان يكون السني يؤدي هذا الدور. ذلك ان الورقة الخليجية لاقت في مطالبها المواقف البطريركية لتشكل اطارا متينا لاي خطوة دولية قد يفرزها استمرار المشهد السياسي اللبناني على حاله.

ليس ايجاد الزعيم السني البديل تعجيزيا، تختم المصادر، فالساحة السنية يمكن ان تفرز شخصيات جديدة تقودها، لكن التوقيت في هذه اللحظة المصيرية غير مناسب، اللهم الا اذا كان ثمة من جرى تحضيره واعداده للمهمة بحيث يأتي موقف الحريري اليوم المشهد الاخير من سيناريو توزيع الادوار للمرحلة الجديدة.

المصدر
Al Markazia | وكالة الانباء المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى