مقالات

الإيرانيون يُحرِّكون أوراقهم : نحن هنا

كتب طوني عيسى في “الجمهورية”:

ثمة استنفار غير مسبوق للمعسكر الإيراني أطلّت ملامحه في آن معاً، في لبنان والخليج العربي. وقد تكون هناك فصول أخرى في مناطق أخرى. الخبراء لم يُفاجَأوا بالتوقيت. فالإيرانيون في فيينا بلغوا مرحلة حسّاسة والوقت ضاغط عليهم، سواء بفشل المفاوضات أو بنجاحها. ولذلك قرَّروا التذكير: لدينا أوراقنا الفاعلة على كامل الشرق الأوسط.

في الأسابيع الأخيرة، برز اتجاه في واشنطن يدعو إلى حسم المفاوضات مع إيران في أي اتجاه، انطلاقاً من كون المماطلة هي الخيار المفضَّل لدى الإيرانيين.

ففي اعتقاد أصحاب هذا الاتجاه، أنّ المماطلة تتكفَّل بالحدِّ من الضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران، وتتيح لها مواصلة التقدُّم في ملفّها النووي بعيداً من الأضواء. وفي هذه الأثناء، يبقى نفوذها مضموناً على امتداد الشرق الأوسط، بدءاً باليمن وانتهاء بلبنان، حيث تقف على تماسّ مع إسرائيل وتمسك بالبوّابة اللبنانية على المتوسط.

وهذا الاتجاه يلقى تشجيع الأوروبيين الذين يحبّذون العودة بالاتفاق النووي إلى ما كان قائماً قبل انسحاب دونالد ترامب منه. وطبعاً، هذه العودة كانت ملائمة جداً لإيران، إذ رفعت عنها العقوبات، وأتاحت لها استثمار المليارات المحتجزة، لتستكمل المسار النووي وتدعّم أذرعتها الحليفة في الشرق الأوسط. ولذلك، هي اليوم تناور في مفاوضات فيينا، حتى تتحقق لها العودة إلى هذا الحلّ.

لكن إدارة بايدن ليست متحمّسة لتسوية من هذا النوع، لأنّها ستكون بمثابة هزيمة لها أمام طهران، وسيرفضها الرأي العام في الولايات المتحدة. وحتى الذين اعترضوا على خطوة ترامب بالانسحاب من الاتفاق يومذاك، سيعتبرون العودة إلى الوضع السابق هزيمة غير مقبولة. والأرجح أنّ بايدن سيتشبَّث بتسوية «الخطوة مقابل خطوة»، بحيث يتمّ رفع الحظر بمقدار ما تتجاوب طهران مع الشروط الأميركية.

هذا الخيار يلقى تشجيع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. ومن الواضح أنّ هؤلاء وجدوا الظرف مناسباً لتقليص النفوذ الإيراني الذي يتهدَّدهم. وهذا تماماً ما يحصل في اليمن، حيث حقّق التحالف خطوات غير مسبوقة مع مطلع العام الجاري.

لقد تلقَّت طهران ضربةً سياسية في العراق، بالانتخابات. وفي سوريا، باتت الكلمة الأولى للروس. وفي غزّة، المواجهة خطرة مع الجانب الإسرائيلي لأنّها تفتح الباب للمجهول. لذلك، لا يزال أمامها سوى اليمن ولبنان.

وعندما تلقّت الضربة العسكرية في اليمن، أدركت أنّه لم يعُد أمامها سوى الاستنفار واستخدام كل الأوراق للدفاع عمّا بقي من نفوذها الإقليمي، واستثمار ذلك لدفع المفاوض الأميركي إلى القبول بأفضل الممكن في فيينا.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى