مقالات

إيران والحزب مأزومين وتماثيلهم تحترق

تكررت في الآونة الأخيرة مشاهد حرق الايرانيين في طهران وأنحاء مختلفة من البلدان تماثيل وصورا ومجسمات لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني الذي اغتيل بغارة اميركية في مثل هذا الوقت من العام 2020 في بغداد. والمشهد نفسه تكرر في العراق ولبنان. فهل اتخذت القيادة الايرانية والمرشد وحزب الله العِبر من هذه الخطوة ومن قيام معارضة شديدة في ايران ضد الحرس الثوري وسطوته على السلطة عبر المرشد الايراني علي خامنئي؟ وهل ما جرى له ابعاده في ظل اجتماعات فيينا حول المفاوضات النووية الايرانية؟

ترى اوساط سيادية عبر “المركزية” ان ما حصل يؤشر الى وجود مسار جديد على ايران سلوكه بعد اتفاق فيينا، معتبرة انه لا يمكن لايران الفوز بالاتفاق مع دول المجتمع الدولي وان تستمر في الوقت عينه في تصدير الثورة عبر المرشد والحرس الثوري، مؤكدة ان على ايران ان تلتزم الانتظام العام ووقف اعمال العنف والقرصنة وضمان سلامة الملاحة البحرية. وتشير الاوساط الى ان حزب الله يعي هذه المعطيات ولذلك يستعجل حسم موقفه في لبنان للحصول على مكاسب تترجم حال فائض القوة التي يعيشها. فهل تشهد المنطقة تغيرات في السلوك الايراني؟

مدير “معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية” الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” “ان القاعدة الشعبية أينما كان في العالم العربي وايران والمنطقة تطالب بحقوقها الاساسية الاقتصادية والاجتماعية، والشعوب تريد أن تحصل على أدنى حقوقها الحياتية. وقد شهدنا مظاهرات انطلقت في البصرة، حيث الشعب يطالب بالكهرباء والمياه واستئصال الفساد، وفي لبنان أيضا رأينا ذلك عام 2019، واليوم الشعب الايراني كذلك يريد حقوقه الاقتصادية والاجتماعية خاصة وان السياسات التي يقودها النظام وأذرعه في المنطقة هي سياسات مواجهة وحروب تؤدي الى مزيد من الضغط والعزلة والحصار الاقتصادي. وبالتالي عندما تقدم ايران وأذرعها للشعب بطولات لا علاقة لها بحاجاته الاساسية واليومية وبحقوقه الاقتصادية والاجتماعية، فإنه يقابلها بردة فعل رافضة تأخذ طابع العنف المشروع، إذا جاز التعبير، فالنزول الى الشارع وتمزيق صور وإحراق تماثيل، لا تعني ان الشعب يرتكب جرما بحق أحد بل هو يعبر بالوسائل المشروعة عن رفضه لواقع الحال”.

هل تغير ايران سياستها في ظل اتفاق فيينا؟ يجيب: “كل طرف يرى اتفاق فيينا من زاوية معينة، فالطرف الايراني يراه وسيلة لرفع العقوبات ولا يريد الحديث عن أي أمر آخر كما لو أنه يريد تكريس دوره في المنطقة وان يُبقي على سياساته التوسعية وزعزعة الاستقرار، ولا يريد ان يناقشه أحد فيها، ويتوصل الى رفع العقوبات فقط من خلال التفاهم على مسألة النووي. بينما الطرف الآخر، يقول لايران بأنه يود التطرق الى النووي وغيره من الامور”.

وهنا يضيف نادر: “حتى في مسألة النووي أصبحت هناك أزمة ثقة وبدأ الاتفاق يتفرغ من مضمونه. هذا الاتفاق أولاً تم توقيعه عام 2015 ويمتد حتى 2030 اي ان اقصى مدته تتراوح بين عشر وخمس عشرة سنة بالنظر الى مواده. وقد مر عليه الآن نحو 7 سنوات ولم يتبق أمامه فترة طويلة. وثانيا الولايات المتحدة انسحبت منه، كما انسحبت ايضا ايران، وهذا جانب لا يتم تسليط الضوء عليه. فايران تخصب اليورانيوم بنسبة 70 في المئة وراكمت خبرات وتكنولوجيا وأجهزة طرد جديدة وكوّنت معلومات وقدرات جديدة، وبالتالي اقتربت جدا من العتبة النووية، لذلك، مع مرور الوقت، أصبح من الصعب العودة الى اتفاق عام 2015. لذلك، لا اتوقع ان يحصل اتفاق حول النووي او إعادة إحياء الاتفاق النووي لأنه فُرّغ من مضمونه، وسبقه الزمن. والطرف الاميركي غير متحمس لأنه يريد التوسع من النووي الى الصواريخ الباليستية وسياسات ايران في المنطقة”.

ألا يجب على “حزب الله” مراجعة حساباته للحصول على مكاسب في لبنان في ظل كل هذه المتغيرات؟ يقول نادر: “علينا ان نرى الى اي مدى “حزب الله” مهتم بالأجندة اللبنانية، او ان لبنان أولوية بالنسبة إليه، وهنا لا بد من طرح بعض الاسئلة: اذا كان لبنان أولوية بالنسبة لـ”الحزب” وهمه الاساسي، لماذا توجه الى اليمن؟ والعراق؟ وما الذي يريده من السعودية؟ حزب الله هو ذراع من أذرع ايران في المنطقة ولديه اجندة مختلفة عن الأجندة اللبنانية ومتعارضة معها. هو يحاول اليوم التوفيق بينهما، لكنه لم ينجح لأن ثمة أجندة لبنانية قائمة بذاتها، ولبنان لديه مصالح مع جهات هي في مواجهة مع ايران سواء دول الخليج او الولايات المتحدة وحتى الاوروبيون في الفترة الاخيرة”.

ويختم نادر: “ايران مأزومة في المنطقة ومعها “حزب الله”، لذلك نجد ان خطابها يعلو وتلجأ الى خيارات راديكالية اكبر. فالاقتصاد الايراني منهار، ووضعها مأزوم في سوريا ايضا، حيث أنها، بعد سنوات من المعارك، لم تنتصر وأصبحت الكلمة الاولى والاخيرة اليوم للطرف الروسي ودخل الاتراك على الخط واصبح لديهم موقع اساسي، والاميركيون موجودون على الارض واسرائيل تستهدف الاجواء السورية بشكل شبه يومي. كذلك، في العراق حيث تراجع النفوذ الايراني مع خسارة القوى الداعمة له بشكل كبير في الانتخابات النيابية الأخيرة. أما في لبنان، فإن الوضع الاقتصادي المأزوم يؤثر على قواعد حزب الله الشعبية في المجتمع اللبناني أيضاً”.

المصدر
Al Markazia | وكالة الانباء المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى