مقالات

أهداف الإعتداء على اليونيفل وهذا ما يريده الحزب

بلهجة حاسمة قالها المتحدث بإسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك، “ثمة جناة مجهولون اعتدوا على دورية لقوة حفظ السلام في جنوب لبنان تابعة لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل). لقد تعرّضت آلياتهم التابعة للأمم المتحدة للتخريب وهناك أغراض رسمية سُرقت… هذا أمر غير مقبول وينتهك الإتفاق الموقّع بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية”. لكن على من تقرأ الأمم المتحدة مزاميرها؟ فالحكومة في موت سريري عميق، بدليل أنها حتى اللحظة لم تصدر بيانا يندد بالإعتداء ولم يرف جفن أي مسؤول على رغم اللهجة التصعيدية لممثل منظمة الأمم المتحدة الذي دعا السلطات اللبنانية “إلى إجراء تحقيق سريع وشامل ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم”.

حجة الجناة المجهولين أن العناصر كانوا يلتقطون صورا. فهل تصوير المواقع الطبيعية ممنوع، هذا إن صح أنهم كانوا يلتقطون الصور لمواقع ومراكز أمنية تابعة للحزب؟ وهل فكر “الجناة المجهولون” أن النقاط الأمنية المحظورة غير واضحة لعيون الأقمار الإصطناعية؟

حادث الإعتداء في الأمس ليس الأول ولن يكون الأخير. فمنذ العام 2006 والإعتداءات على قوات اليونيفيل تتكرر. لكنها المرة الأولى التي تصعّد فيها قوات “اليونيفيل” لهجتها وتصف الحادث بـ”الخطير” خصوصا أنه جاء بعد حوالى الأسبوعين على الإعتداء على عناصر في الكتيبة الإيرلندية في بلدة شقرا بالتزامن مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في لبنان في زيارة استمرت 4 أيام، أدلى خلالها بتصريحات “أغضبت” حزب الله، إذ طالب بتحوله إلى حزب سياسي مثل سواه من الأحزاب.

العميد المتقاعد جورج نادر انطلق في قراءته لتطورات الأحداث المتكررة ضد قوات اليونيفيل من الدور الإيجابي والفاعل الذي تؤديه على الساحة الجنوبية إن لجهة حفظ الأمن أو من ناحية تفعيل الحركة الإقتصادية في المنطقة وتشغيل اليد العاملة في بلدات وقرى جنوبية وضخ العملة الصعبة في الأسواق. وهذا ما يؤكد أن “الجناة المجهولين ليسوا حتما من الأهالي المستفيدين من وجود القبعات الزرقاء”. ويضيف: “لقد أراد الحزب توجيه رسالة مفادها أنه يريد أن تبقى حركة القوات الدولية محصورة بناء على الواقع وليس بموجب ما تقرره القرارات الدولية والنصوص المتصلة، إلا أن هذه الرسائل لا تعبر عن واقع القوة إنما عن ارتباك لدى الحزب جراء المشهد الإقليمي، وتضمين انتشار الحزب في المحادثات الدولية، فضلاً عن تزايد الكلام حول ضرورة تنفيذ القرارات الدولية وترسيم الحدود وغيرها”.

وإذ أعرب نادر عن قناعته بأن “الحزب تعمد نشر صور الإعتداء على عناصر الكتيبة الإيرلندية في بلدة شقرا”، أكد أن “هناك نية واضحة لدى حزب الله بإيصال الرسالة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن المنطقة تتحرك ضمن رؤيتنا، وبإعادة عقارب الزمن إلى ما كانت عليه قبل العام 2006”.

تطور وتيرة الإعتداءات يأتي بحسب العميد نادر نتيجة وضع الحزب “المأزوم” داخليا وإقليميا ودوليا ففي الداخل الحزب “مزروك” سياسيا، وهناك ضغوط عربية بسبب هجومه المتكرر على دول الخليج والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى العقوبات الدولية المفروضة عليه مما يتسبب بمزيد من الحصار على اللبنانيين لكنه غير آبه بمصير الشعب ولا حتى بأبناء بيئته الحاضنة. وهو يريد تنفيذ مشروع إيران في لبنان قبل فوات الأوان والسيطرة على القرار الدولي”. ويستغرب غياب الدولة إزاء حادث أمني خطير مماثل. “حتى اللحظة لم يصدر بيان من قبل الدولة اللبنانية يستنكر الإعتداء ولو كان يقتصر على عبارات التنديد والاستنكار. وحسنا فعلت الأمم المتحدة بمطالبتها بإجراء تحقيق شامل وموسع لأنها تدرك سلفا أن رجالات هذه الدولة خاضعة لسلطة حزب الله”.

“يؤسفني أن أرى شعب هذا البلد الجميل يعاني بشدة”، قالها الأمين العام أنطونيو غوتيريش في ختام زيارته الرسمية إلى لبنان في 20 كانون الأول الماضي… إلا أن دفء الشعب اللبناني وكرمه لا يزالان طاغيين ومتألقين.”فهل سيكررهذا الكلام في حال زيارته لبنان مجددا، وما هي الأهداف التي يصبو إليها الحزب من رسائله “المفخخة”  إلى اليونيفيل؟ “هدفان لا ثالث لهما يريد أن يحققهما حزب الله. الأول إحراج المجتمع الدولي بهدف سحب القوات الدولية، والثاني تطويعها بهدف استعادة القرار في الشكل والمضمون على أرض منطقة الجنوب وهذا حتما لن يتحقق”. إلا أن الخطورة بحسب نادر تكمن في إمكانية تحقيق الهدف الأول بعدما بدأ حزب الله يلمس خطورة الوضع المأزوم الذي يتخبط فيه سواء من ناحية بيئته الحاضنة أوالضغوط الإقليمية والدولية عليه، وهذا سينعكس سلبا على الأصوات في صناديق الإقتراع. وانسحاب القوات الدولية قد يفتح الباب أمام  حصول خربطة أمنية وربما ضربة إسرائيلية قد تؤدي إلى تعطيل الإنتخابات. وبذلك يكون قد ضرب عصفورين برسالة واحدة”، يختم نادر.

المصدر
Al Markazia | وكالة الانباء المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى