مقالات

المفاوضات باتت قريبة فهل الدولة جاهزة؟

يُرتَقب وصول وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان بين 15 و17 الجاري للبدء بالمفاوضات الرسمية مع الحكومة اللبنانية، على وقع التضارب في الخطط والأرقام وعدم توحيدها لا سيما في ما يتعلق بأرقام الفجوة المالية وكيفية توزيعها… فكيف التعويل على اتفاق مرجو فيما التضارب سيّد الموقف!؟

الخبير الاقتصادي سمير ضاهر يقول لـ”المركزية”: العمل المطلوب قد أُنجز، ولا يزال هناك بعض الاعتبارات والسيناريوهات التي نحاول اختيار الأنجع منها والمرتبطة بتوزيع الخسائر ما بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية، فيما ورقة الإصلاحات الهيكلية فهي مُنجَزة”.

ويشدد في هذا الإطار على أن “جميع الوزراء يعملون على قدم وساق كلٌ وفق قطاعه، إنما جلسات مجلس الوزراء المعطَّلة هي المشكلة في حدّ ذاتها”. ويُضيف: نعمل على الموضوع منذ اليوم الأول من تأليف الحكومة، وتحديداً على المواضيع الأساسية للمفاوضات الرسمية مع صندوق النقد، وهي:

– أولاً: المالية العامة: كالموازنة العامة، والدين العام وهيكلته، والإصلاحات الضريبيّة التي تُخرِج لبنان من دوّامة عجز الموازنات الناتج عن تراكم الدين العام. مع الإشارة إلى أن وزير المال قاب قوسين من إنجاز مسودّة مشروع موازنة العام 2022.

– ثانياً: القطاع المصرفي بشِقَيه: مصرف لبنان والمصارف التجارية، وتحديد الخسائر في هذا القطاع. هنا توصّلنا عبر العمل سوياً بين مصرف لبنان والحكومة بشخص نائب رئيسها سعادة الشامي، إلى رقم الـ69 مليار دولار كمجموع الخسائر في القطاع المصرفي. وطُرِحت اقتراحات عدة وسيناريوهات لا تزال قيد الدرس، لجهة كيفية توزيع الخسائر بين السلطة السياسية “الحكومة”، والسلطة النقدية “مصرف لبنان والمصارف”، وصولاً إلى تأثيرها على أموال المودِعين حيث التوجّه في الأساس إلى الحفاظ قدر الممكن على الودائع مع احترام الخصوصيّات وتوزيع الخسائر بإنصاف ضمن المودِعين بحيث يحتمل المودِع الكبير المقتدِر أكثر من الصغير والطبقة الوسطى.

– ثالثاً: الإصلاحات الهيكلية وإصدار القوانين الهادفة إلى تطوير القطاع الخاص وتنميته كونه يؤمّن فرص العمل ويُعطي زخماً للاقتصاد.

– رابعاً: قطاع الطاقة: المسؤول بشكل كبير عن تراكمات العجز.

– خامساً: إعداد الدراسات لتفعيل القطاع العام وذلك عبر إعادة هيكلته بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد حالياً.

– سادساً: البنى التحتية: تفعيل قطاع الاتصالات بما فيه الإنترنت – الحفاظ على البيئة بما يؤدّي إلى تنمية السياحة في لبنان – تنمية قطاع النقل المشترك خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في سعر صفيحة البنزين.

– سابعاً: توحيد سعر الصرف بهدف تثبيته.

– ثامناً: الموضوعان الأساسيان للتنمية البشرية: التربية والصحة.

– تاسعاً: الحماية الاجتماعية عبر إصدار البطاقة التمويلية التي سيستفيد منها حوالي 80 في المئة من اللبنانيين.

لا أموال بدون إصلاحات…

وعن مدى استعداد الحكومة للبدء بالإصلاحات للحصول على الدعم الدولي، يقول ضاهر: لقد تبدّلت منهجيّة المجتمع الدولي في مقاربته لدعم لبنان مالياً، حيث بات يشترط على الحكومة اللبنانية المباشرة بالإصلاحات أولاً قبل الحصول على الأموال… خصوصاً في هذه المرحلة قبَيل البدء بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فإن مَدّ لبنان بالمساعدات المالية من الدول سيرتكز على أساس الإصلاح الذي يقوم به.

ويتابع: الورقة التي سنتقدّم بها إلى صندوق النقد خلال المفاوضات، ستشكّل جوهر الاتفاق الذي سيحمل توقيعنا ويكون بمثابة “رسالة نوايا” تفنّد برنامج الحكومة الإنقاذي الإصلاحي، والذي ستعمل على تطبيقة على مدى أربع سنوات تقريباً، تتخللها اجتماعات تُعقد كل ثلاثة أشهر لمتابعة الخطوات المُتّفَق عليها، وعلى أساس ذلك يحصل لبنان من صندوق النقد على مساعدات مالية متتالية بعد كل خطوة إصلاحية، ويصل مجموعها إلى 3 أو 4 مليارات دولار.

ويُشير في السياق، إلى أن “الاتفاق مع صندوق النقد يُعيد المصداقية إلى السياسة الاقتصادية للدولة اللبنانية، الأمر الذي يُعيد الثقة بالواقع اللبناني ويجذب بالتالي الاستثمارات إلى القطاعات اللبنانية كافة، كما يفتح أمامنا أبواب المساعدات الباقية بما فيها أموال “سيدر” البالغة 11 مليار دولار.

ولم يغفل ضاهر التأكيد أن “الاتفاق الذي ستتوصّل إليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي، يستلزم موافقة مجلس الوزراء الذي سيرفعه بدوره ضمن مشروع قانون إلى مجلس النواب لإقراره، لأن الاتفاق هو مثابة قرض وبالتالي كل التزام مالي للجمهورية اللبنانية يتطلّب إصدار قانون.

ويعتبر أن “في حال بقي الوضع السياسي مأزوماً فسنقع في مشكلة محتَّمة… علماً أن جميع الأفرقاء السياسيين على يقين بأن أعمدة الاقتصاد تتهاوى وتنهار”

المصدر
Al Markazia | وكالة الانباء المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى