مقالات

عون : الكلام عن رئيسين في بعبدا كذب وقلة أدب

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”: 

من خلف مكتبه يستعرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مجموعة أوراق ضمّنها انجازات عهده، يعددها ولا يفوت شاردة او واردة الا ويفصلها تفصيلا ويقول لمن يتهمه بالتقصير “فتش عن صلاحيات رئيس الجمهورية”. بالمباشر ومن غير مواربة ومن فحوى مواقفه يتهم عون رئيس مجلس النواب بالتعطيل في مكامن كثيرة، معارضته “الحقت الضرر” بالبلد وفق قوله، يرجع بالخلاف الى يوم اتُّخذ القرار بانتخابه وأبلغه بري صراحة انه سيكون معارضاً لوصوله الى سدة الرئاسة الاولى، والمعارضة استمرت وتظهرت في اكثر من مناسبة وصولاً الى المواقف والاتهامات التي خرج بها وزير ماليته السابق النائب علي حسن خليل ليقول، ان ما تحدث عنه في مؤتمره الاخير “كذب وافتراء” نافياً ان يكون وتياره أيّدا التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

لا يظهر حماسة للمواقف التي خرج بها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تجاه السعودية، وهو الذي تقصّد اصدار بيان ملطف في اعقابه ويقول في دردشة مع “نداء الوطن”: “كان يمكن للأمور ان تكون اهدأ في الخطاب تجاه السعودية، من مصلحة لبنان اليوم ان تكون علاقته جيدة معها ولذا يجب تخفيف اللهجة حيالها”. وعما اذا كان يتوقع مزيداً من الخطوات التصعيدية من السعودية تجاه لبنان قال: “أقسى ما لديها سبق وان مارسته منذ العام 2017 ولغاية اليوم”. يدرك ان الخلاف مع المملكة له امتداداته الاقليمية وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرب في اليمن، ومتى توقفت هذه الحرب العلاقة السعودية الايرانية ستتحسن حكماً وسيكون لذلك انعكاسه على لبنان.

أما داخلياً وإزاء الاجواء المتشنجة والسجال السياسي المتبادل بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” فيرى عون “ان الحلحلة يجب ان تبدأ من مكان ما وقد يكون الحوار هو المؤدي الى هذه الغاية”، رافضاً اعتباره “حواراً في الوقت المتبقي من عمر العهد”، ويراه “ضرورة في سبيل تهدئة الاجواء الداخلية تمهيداً لحث الدول الخارجية على مساعدة لبنان”. يتلقف بايجابية كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الدعوة للحوار “ولو ان من يدور في فلكه لا يزال متردداً”، معتبراً ان رفض بعض القوى “انما هو تهرب من المسؤولية”.

عبّر عون عن بالغ قلقه على مصير الحكومة وتوقف عمل مجلس الوزراء “تعطيل الحكومة خطأ جسيم ولا يحق لأي طرف ذلك، ووزراء الرئيس بري يرفضون المشاركة في الجلسات”. منذ بداية عهده صارح بري عون انه سيكون معارضاً لعهده ويروي ذلك عون قائلاً: “قبل ان انتخب قمت بزيارة الى رؤساء الكتل النيابية فزرت بري الذي بادرني قائلاً: “انا لا اؤيد وصولك للرئاسة انما اؤيد سليمان فرنجية. فقلت له انت حر واحترم رأيك وافهمك”، مضيفاً: “لكن معارضة بري مضرة للبلد وعطلت قوانين في مجلس النواب كنا تقدمنا بها ومنها قانون الشيخوخة وقانون آخر عن تنظيم الاجهزة الامنية”. اما عن موقع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ودوره في الدعوة لعقد جلسة حكومية فيقول عون: “يتخوف ميقاتي من ان تؤدي الدعوة الى مجلس وزراء الى استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة. دستورياً يمكن للحكومة ان تعقد جلستها رغم غيابهم، ولكن لست انا في وارد تخطي الميثاقية”.

يرفض الحديث عن ان عهده سينتهي من دون تسجيل انجازات معتبراً ان انجازات عدة تحققت كان اولها والاهم “انجاز استخراج النفط والغاز برغم القرار الكبير بايقافه”، قائلاً: “اتصلوا بي ليقولوا انهم وجدوا نفطاً خلال اعمال التنقيب في البلوك رقم 4 فطلبت اليهم التروي لاعلان الامر في اليوم الثاني، وما كانت الا ساعات حتى عادوا وابلغوني انها ليست كميات تجارية كبيرة” بعدما تبين وجود “مانع دولي”، كاشفاً ان الجلسة الاخيرة مع الوسيط الاميركي كانت جيدة ولكنه ذهب الى اسرائيل على امل العودة الى لبنان ولا نزال ننتظر عودته”.

ويأتي في الانجازات ايضاً “استئصال الارهاب وتفكيك الخلايا النائمة استباقياً، الانتظام المالي بعد طول غياب، وقطع الحساب والتشكيلات الديبلوماسية التي اعادت لبنان الى الساحة الدولية والاستقرار الامني، وقانون الانتخاب الذي حقق توازناً بين الطوائف وداخل الطائفة الواحدة لتمثل الاكثرية والاقلية، منتقداً خطأ مجلس النواب بإسقاط القانون بأقل من 65 صوتاً ثم سقوطه في المجلس الدستوري في اللاقرار”.

ينفي عون رواية التمديد لحاكم مصرف لبنان ويقول: “كان في نيتي تغييره لانه أمضى في موقعه سنوات طويلة ولكن وزير المالية علي حسن خليل هو من اقترح التمديد له وطلب ادراجه على طاولة مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، ولم يخضع الموضوع للتصويت آنذاك هذا فضلاً عن عملية التهويل التي قادتها جمعية المصارف بالقول ان عدم التمديد له سيعرض الوضع المالي للمخاطر”. وقال: “هناك اشياء تقال تفوق القدرة على استيعابها وتبعث على الغضب حين تسمعها”. وتابع معلقاً على كلام حسن خليل “ولا كلمة صحّ كلّه كذب وافتراء. وزير المالية علي حسن خليل هو من طلب مني التزاماً بصلاحياتي كرئيس للجمهورية عرض الموضوع على جلسة الحكومة من خارج جدول الاعمال”، وتابع: “لم يصوتوا على تغيير سلامة اصلاً، ثم زارني وفد جمعية المصارف متمنياً عدم تعيين بديل عنه لاننا في بداية الازمة وهو الوحيد القادر على معالجتها، وكذلك كان رأي الهيئات الاقتصادية. جميعهم نصحوا بعدم تغييره مع بداية العهد”، ما يعني وفق عون “ان التمديد لحاكم المركزي انطلق من قبله بما يمثل وما يمثل وبناء على اقتراحه تم عرضه على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال”.

وحول الاتهام بوجود عهد من رئيسين في بعبدا قال عون: “مثل هذا الكلام انما هو كذب وقلة ادب بحق رئيس الجمهورية”. وتابع: “انا رئيس الجمهورية ولست رئيس التيار وقد تخليت عن رئاسة التيار عام 2015 اي قبل الرئاسة بسنتين لكنهم هم لم يعترفوا بجبران باسيل، وكلما ارادوا منه شيئاً قصدوني لأتدخل في امور تعنيه كرئيس تيار ورئيس اكبر كتلة نيابية وكنت اقول لهم راجعوا جبران، حتى ركّبوا لي قصة قوم بوس تيريز”. متابعاً: “كل القصة انهم لا يريدون الاعتراف بجبران كرئيس اكبر كتلة نيابية ويشتكون منه عندي فاقول راجعوه ولا تراجعوني. انا رئيس جمهورية ادير شؤون البلد وجبران رئيس تيار يدير شؤون الحزب والشؤون السياسية في البلاد. يريدون الخلط بين رئيس الجمهورية ورئيس التيار لتحميله المسؤولية”.

وهل صحيح انه يمهد الطريق لرئاسة باسيل للجمهورية ويزيل العقبات من طريقه؟ يقول: “العقبات ازيلها من طريق كل لبناني وليس من امام جبران”، متابعاً: “لأي كان الحق في ان يطمح للرئاسة ومن هو الحزب الذي لا يتحضر لرئاسة الجمهورية، واذا كان صحيحاً اني امهد لجبران طريق الرئاسة فيعني اني فاتحت الكتل السياسية بذلك وانا لم افعل، واذا كان باسيل طامحاً للرئاسة فيجب ان يكون كفوءاً ولكنهم يخافون منه لانه تربيتي ولا يقايض”. وهل يعتقد ان باسيل سيبقى رئيساً لاكبر تكتل نيابي في الانتخابات المقبلة؟ قال: “ان كل الاحزاب شهدت تراجعاً في شعبيتها ورغم ذلك فالتيار سيكون الاول بينها وسيحافظ على حضوره القوي بينها”.

وعما اذا كان قلقاً على تفاهم مار مخايل، أعاد عون التأكيد على دور التفاهم في تقريب المسافات مذكراً انه “كان اول من مهد للمصالحة بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” بعدما كانت القطيعة واقعة بينهما”. لكنه استعاد بالمقابل قول باسيل بأن “على حزب الله ان يختار اليوم بين مار مخايل الذي حقق الاستقرار للبلد والطيونة والكل يعلم ماذا يعني بالطيونة”.

يرفض الحديث عن فشل عهده “فحين نقول العهد فشل يجب ان نعرف مسبقاً ما هي صلاحية رئيس الجمهورية وهي صلاحيات محدودة. لم يلبوني في كثير من الامور لكنهم لم يطوقوا العهد فالعهد يقترب من نهايته بل كبلوا البلد واوقعوا الضرر فيه”، محملاً المسؤولية في ذلك الى “رؤساء المنظومة” ومنهم “الحاكم المركزي المسؤول عن حماية العملة الوطنية لكنه الحق الضرر بالوضع المالي”، متطرقاً الى التدقيق الجنائي والعراقيل التي توضع في طريقه منذ عام ونصف قائلاً: “اذا لم ننجح بتحقيقه فسأعلن للناس عن الاسباب المعرقلة وحينها سيكون الرئيس احد المواطنين الذي سيقف في صف المودعين وسيسمي من سرق اموال الشعب”. هل لا يزال يتأمل بتحقيق خطوات على مسافة اشهر من نهاية عهده يجيب رئيس الجمهورية خاتماً: “هناك فرق بين السلحفاة والارنب فقد يحصل ان تسابق السلحفاة الارنب اذا لم يسرع خطواته، وهكذا نحن اليوم فاذا ما بدهم يشتغلوا ويحققوا اي شي بيهربوا وهذا هو حالهم، ولكن يمكننا ان نفعل في الاشهر العشرة المتبقية، يكفي ان تجتمع اللجان النيابية ثم مجلس النواب لاقرار جدول الاعمال ليكون ذلك انجازاً من الانجازات”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى