مقالات

الحريري على موقفه ومبادرة بري مستمرة حتى “آخر قطرة”

كتب عمر حبنجر في الأنباء الكويتية:

“البيانات النارية”، أحرقت الجسور بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وبالتالي قطعت آخر ما تبقى من خيوط التواصل بين طرفي التسوية الرئاسية التي اوصلت عون الى بعبدا.

الجزء الظاهر من جبل الأسباب، تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين، اما الباطن والأصل، فمردودان الى تباين الحسابات الرئاسية المقبلة، بين الحريري و«رئيس الظل» جبران باسيل، الذي اعاد الرئيس فؤاد السنيورة الى ذاكرة اللبنانيين يوم عطل الرئيس عون تشكيل الحكومة ستة اشهر عام 2014، «كرمى لعيون الصهر»، ومن اجل تعيينه وزيرا، والآن يرى السنيورة ان الرئيس عون يمارس التعطيل من موقع الرئيس، وهذا برأيه، ما أوصل لبنان الى الانهيار الحقيقي، وقد توجه بالدعوة الى «فخامة الرئيس كي يتوقف وينظر ماذا حقق على مدى الخمس سنوات الماضية، غير اللاشيء.

السنيورة يرى ان حزب الله يتلطى خلف رئيس الجمهورية ومنسق «التجمع من اجل السيادة» نوفل ضو، يشبه الطبقة الحاكمة في لبنان الآن، بحكومة الماريشال فيشي في فرنسا التي صنعها الاحتلال النازي، وحيث لا سيادة، لا حرية ولا اقتصاد. لكن الرئيس عون وفي حوار مع مجلة «الأمن العام»، اكد انه «حتى آخر لحظة من ولايتي الدستورية سأسعى مع من تبقى من خيرين في هذا الوطن الى استعادة الدولة ممن عاثوا فيها فسادا وتهديما». وقال: «كفانا انجرارا اعمى خلف طائفيتنا والزعامات التي فشلت الى اليوم في بناء الدولة»، ودعا اللبنانيين إلى «السعي الى ولادة طبقة سياسية جديدة تحقق الدولة المدنية الحديثة». وقال: ان التغيير في صناديق الاقتراع. واضاف: «انا قدمت كل التسهيلات اللازمة لتأليف الحكومة لكن الرئيس المكلف لم يراع مبدأ الشراكة الوطنية. التنازلات مطلوبة اليوم من الجميع وما نحتاجه هو وقفة ضمير، وفرنسا تسعى عبر رئيسها ايمانويل ماكرون الى ايجاد ارضية مشتركة للتفاهم على الانقاذ في لبنان».

البطريرك الماروني بشارة الراعي، خرج من لقائه مع الرئيس عون في بعبدا أمس الاول، بفكرة «حكومة اقطاب»، ومن قبيل «اعطاء القوس باريها» اي حكومة رؤساء كتل واحزاب، على أمل أن تأتي بالانقاذ. وامام استهجان البعض سارع الراعي الى التوضيح بأن حكومة الأقطاب، ولدت من لحظتها، وهي من بنات افكاره، وبالتالي ليس مرحبا بها من أحد، مستشهدا بحكومة الأقطاب الرباعية التي شكلها الرئيس فؤاد شهاب بعد احداث العام 1958، وكيف نجحت في احتواء ارتدادات تلك الأحداث وبنيت المؤسسات وأعادت لبنان إلى مصاف الدول المزدهرة والمستقرة، متجاوزا الاختلاف الكبير في الظروف والاشخاص، إضافة إلى هيبة الدولة، فرئاسة الجمهورية التي لم تستطع جمع الأقطاب على طاولة حوار في بعبدا، كيف سيكون بوسعها جمعهم حول طاولة مجلس الوزراء؟ وأي حكومة أقطاب ضمنها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، كممثل افتراضي لحزب الله ممكن أن يتقبلها المجتمع الدولي والعربي، الواعد بإخراج لبنان من هذه اللجة؟

المصادر السياسية المتابعة، تمنت لو أن هذه الفكرة لم تطرأ على أفكار البطريرك الراعي، الذي ربما أدرك ذلك، في ضوء التوضيحات التي صدرت لاحقا عن مصادره، لأن مثل هذا الطرح، الآن كمثل طرح فكرة طاولة الحوار، هدفهما إعادة وضع جبران باسيل على مضمار السباق الرئاسي، عبر إدخاله من خرم ابرة الأقطاب، او طاولة الحوار، بحيث بدأ كالمستجير من الرمضاء بالنار.

المصادر عينها، تمنت لو لم يتناول الراعي بيان تيار المستقبل، الذي وصفه «بالمهين» حتى ولو أنه أخفق في إقناع سعد الحريري باللقاء مع جبران باسيل، فيما تبنى المستقبل مختلف مبادرات بكركي، بحيث تساوى غبطته مع القصر الجمهوري بالنزول إلى مستوى الرد على بيان التيار.

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الآن: أين أصبحت مبادرة الرئيس نبيه بري الذي حدد اجلها بأسبوعين وانتهى منتصف الليلة الماضية؟

مصادر حزب الله تقول إن مبادرة بري هي آخر المبادرات، والثنائي الشيعي، يعمل على ترميمها كلما أصابها وهن، كما أن الرئيس بري مستمر في مسعاه حتى آخر قطرة مع التأكيد بانه لم يعدم الوسيلة بعد. ولفت أمس انتقاد قناة المنار لوسائل التخاطب عبر البيانات، بل والاهانات كونها لا تبرر أن لا يكون لدينا حكومة. وطبيعي بنظر المصادر أن يؤيد حزب الله حكومة أقطاب سيكون عضوا حكميا فيها.

المصادر المعنية تؤكد لـ«الأنباء» بأن الرئيس المكلف على موقفه: حكومة مستقلين، وبدون ثلث معطل، مع مواصلة الرهان على مبادرة الرئيس بري.

وإذا لم تحقق مبادرة بري الغرض؟ يقول عضو كتلة المستقبل النيابية سامي فتفت لقناة الجديد: استقالاتنا من مجلس النواب جاهزة!

بري مدرك لما يحصل، ولهذا يحصر اتصالاته وضغوطه بحزب الله، ولسان حاله، كما يقول المتابعون ان البلد أصبحت بلا حكم ولا حكومة، وبقي مجلس النواب، لن نسمح بانهياره.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى