مقالات

٢٠٢٢ سنة الحسم بين لبنانَين

كتب نادر حجاز في موقع mtv: 

تطوي سنة ٢٠٢١ صفحاتها الأخيرة من دون ذكرى خير لدى اللبنانيين، لا بل ربما تكون الأسوأ. بلد متروك لقدره من دون مجلس وزراء على طاولته عشرات الملفات والاجراءات والقرارات العالقة، مفاوضات مفصلية يجب ان تنطلق اليوم قبل الغد مع صندوق النقد الدولي لوضع خطة تعاف اقتصادي تنشل الاقتصاد من ركوده وانهياره، آبار نفط مقفلة تنتظر اللحظة الدولية المناسبة لاعلان اتفاق ترسيم الحدود البحرية، سوق سوداء وتطبيقات وهمية تتحكم بلقمة عيش اللبنانيين وأدق تفاصيل حياتهم في الفرن والمدرسة والمستشفى والسوبرماركت وعند كل استحقاق.

كل هذه الملفات وسواها ترثها سنة ٢٠٢٢، من دون أي روزنامة واضحة، فالعبور بين العامين غير آمن على الاطلاق ومن دون حزام أمان يقي البلد مخاطر الخضات والاستحقاقات التي تنتظره.
فالحكومة قد لا تجتمع بعد اليوم متحولة بطبيعة الحال الى حكومة انتخابات، مهمتها شبه الوحيدة اجراء الاستحقاق الانتخابي في شهر ايار. هذا اذا حصلت الانتخابات، وان كانت كل المؤشرات باتت تؤكد حدوثها الا اذا حصل ما هو غير متوقع أمنياً او سياسياً لتطييرها. لكن الضغط الدولي قد يكون أكبر من كل محاولات عقد الصفقات التي تنشط على اكثر من صعيد في الكواليس. 

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حتى وان انطلقت بشكل رسمي مطلع العام، الا ان مفاعيلها ستكون مجمدة، فكل الجهات المانحة كانت واضحة بأن لا مساعدات ستصل الى لبنان قبل الانتخابات النيابية، وان لا دعم فعّال للبنان من دون دول الخليج، وهذه نقطة بحد ذاتها لا تزال تشكل عقبة كبيرة وأساسية.

 فصحيح ان اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس نجيب ميقاتي، في حضرة الأمير محمد بن سلمان، قد كسر القطيعة الكاملة مع لبنان، الا أنه بقي يتيماً، وحتى الساعة أي من سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لم يعد الى بيروت، لا بل ان المؤتمر الأخير للتحالف بقيادة السعودية حول دور حزب الله في اليمن جاء ليؤكد أن الأزمة أعمق بكثير وأكبر من قدرة لبنان الرسمي على علاجها. 
واذا كان ماكرون الرئيس الوحيد في العالم المهتم بلبنان، فانه نفسه يخوض هذا العام الاستحقاق الانتخابي ومَن يدري اذا ما كان سيبقى في الاليزيه أصلاً أم ان رئيساً جديداً سيختاره الشعب الفرنسي. 

وأما المحطة المفصلية في ٢٠٢٢ فستكون ليلة ٣١ تشرين الأول، اخر يوم في عهد الرئيس ميشال عون، غير القابل للتمديد، باعلان شخصي من عون الذي أكد انه سيغادر قصر بعبدا حين انتهاء ولايته، وبحكم واقع الخريطة السياسية والمواقف المعلنة والرغبة الدولية.

في هذا الوقت يكثر الحديث عن حراك دولي ناشط على خط الأزمة اللبنانية، والبحث في الكواليس عن ضرورة عقد مؤتمر دولي حول لبنان، تكون مهمته تأمين الخروج من الواقع الحالي والانهيار والافلاس التام الذي وصل اليه. مؤتمر سيحتاج الى نقطة انطلاق، قد تكون هي الانتخابات النيابية ومن بعدها انتهاء الولاية الرئاسية، لتكون المنطلق لأي حل شامل يبنى على سلة متكاملة.
والى حينه، ستكون مؤشرات مفاوضات فيينا النووية اوضح لناحية الاتفاق او الصدام، الأمر الذي سيترك اثره الواضح على أي اتفاق لبناني محتمل.
ستكون ٢٠٢٢ سنة الحسم، بين بداية انفراج سياسيّة واقتصادية أو الغوص اكثر في وحول الأزمة اذا ما تُرك لبنان فريسة للفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي والنقدي الأكبر.  

سنة ٢٠٢٢ التي ستكون مؤلمة معيشياً على اللبنانيين كثيراً، وهي التي تنطلق في ظل فراغ حكومي ودولار أسود مرشح للارتفاع أكثر وقطاعات مهددة أكثر بالانهيار والشلل، لكنها قد تكون فعلاً سنة حاسمة.. لكنها حينها ستكون حكماً سنة الفصل بين لبنانَين، الأول نعرفه وانتهى والثاني لا نزال نجهله.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى