محلي

الراعي : نعيش بحالة اللا نظام

إعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن، “الشر يجعل النفس في الظلمة وولادة المسيح منشأ الشعب المسيحي”.

الراعي وفي رسالة وجهها إلى اللبنانيين بمناسبة الميلاد أضاف، “العالم بحاجة الى نور المسيح وليس ميلاد يسوع عيداً محصوراً بالمسيحيين بل يشمل كل انسان يتوق الى خبر جديد وعهد جديد ينقله من واقع مؤقت الى رحاب الفرح والنجاح والديمومة”.

وأضاف، “لسنا الشعبَ الوحيدَ الذي اختلف على ماضيه. كلُّ الشعوبِ اختلَفت وتقاتلت. أين حروبُنا من حروبِ أوروبا وأميركا وآسيا؟ وسواها لكنَّ تلك الشعوبَ قَـبِلت تاريخَها المختلِف وتَصالَحت وتَعلَّمت من تجاربِها وانطلقَت نحو مستقبلٍ مُشرِق. أما نحن، فلا نزالُ نَجتَـرُّ خلافاتِنا، ونسير إلى الوراء، ونهدم ما بناه رجال الدولة عندنا”.

وتساءل، “متى نستعيد الضميرَ الوطنيَّ وتَستذكرَ مجدَ دولةِ لبنان وعظمةَ هذا الشعبِ المؤثِّرِ في الحضارةِ العالميّة، علّنا نَنجحُ في وقفِ المسارِ الانحداريِّ لوجودِنا؟. فإذا كانت الشعوبُ العربيّةُ تَـمنَّت في مرحلةٍ معيّنةٍ تَغييرَ أنظمتِها، فنحن نطالب باستعادةِ نظامِنا الديمقراطي لأنّنا نعيش منذ سنواتٍ في حالةِ “اللانظام”، وباستردادِ دولتِنا لأننا نعيش خارجَ سقفِها، وهي تعيشُ خارجَ شرعيّتِها ودستورها وميثاقها، وتخضع لفرض إرادة أحَديّة عمدًا على المؤسّسات الدستوريّة حتى تكبيلها وتعطيلها”.

وتابع، “لو كانت المحبّةُ موجودةً في حياتِنا الوطنيّة وفي قلب المسؤولين لما بلغنا ما بلغناه، ولما كان الشعبُ يَرزحُ تحت أكبرِ مأساةٍ في تاريخِه. حبّذا لو يسيرُ المسؤولون بين الناس، ويَطوفون في الشوارع، ويَزورون أحياء المدن والقرى، ويَدخُلون إلى البيوت، ويتكلّمون مع الآباء والأمّهاتِ، ويَستمعون إلى أنينِ الموجوعين، وصراخِ الأطفال، وألآم المرضى، ويَستطلعون عددَ الّذين ينامون من دونِ طعام، وعددِ الّذين يَفتقرون إلى القِرش، وعددِ الّذين لا مأوى لهم، وعددَ الفتياتِ والفتيان الذين لم يُسَجلّوا في المدارس والمعاهد”.

وأردف، “ولو أنّهم نظروا إلى ما عليهم من مستحقّات تجاه المستشفيات، والمدارس المجّانيّة، والمياتم، والمؤسّسات الإنسانيّة لذوي الحاجات الخاصّة، والمحاكم الروحيّة المسيحيّة منذ سنتيتن وثلاث وأربع، لخجلوا من نفوسهم، واستقالوا من مناصبهم. ولكن رغم كلّ ذلك نرى أهل السلطة غارقين في صراعاتهم ويبحثون عن حيلٍ وتسويات ومساومات للانتقامِ من بعضهم البعض ولإبعاد أخصامهم وتعيين محاسيبهم، والتشاطر في كيفيّة تأجيل الإنتخابات النيابيّة والرئاسيّة عن موعدها الدستوري، لغايات في نفوسهم ضدّ مصلحة لبنان وشعبه.

وقال: “لكنّ شعبنا المقهور يتطّلع إلينا، ويضع آماله فينا وبحقّ، لنساعده ونكون بقربه ونعضده في حاجاته، ونشدّده. فإنّنا وكما نحن فاعلون بتعاوننا وتنسيق خدمتنا في الأبرشيّات والرعايا والرهبانيّات والأديار، ومؤسّساتنا التربويّة والإستشفائيّة، ومع رابطة كاريتاس، جهاز الكنيسة الرسميّ الراعويّ الإجتماعيّ، ومثيلاتها من المؤسّسات الإجتماعيّة الخيريّة والإنسانيّة ومع المحسنين الأسخياء، نستطيع أن نؤمّن حاجات شعبنا بكرامة، بانتظار عبور ظلمة الجوع والبطالة والغلاء واستهتار المسؤولين في الدولة بشعبها. فلا نخافنّ لأنّ العطاء بقلب محبّ تقابله جودة الله السخيّة. وهذا اختيار نعيشه كلّ يوم”.

وأكّد، أنه “مرّة أخرى نكرّر أنّ باب الإنقاذ والخلاص الوحيد هو إعلان حياد لبنان الإيجابيّ الناشط، تنفيذًا للميثاق الوطنيّ الرافض تحويل لبنان مقرًّا أو ممرًّا لأيّ وجود أجنبيّ، وحمايةً للشراكة والوحدة وإفساحًا في المجال لحسن تحقيق دور لبنان. عندما نقول لا تستقيمُ الشراكةُ والوِحدةُ من دون حيادِ لبنان، لا يَعني أننا نحن مَن يَشترط ذلك، بل هي طبيعةُ لبنان الجيوسياسيّة التي تحتِّمُ التزامَ الحيادِ من أجلِ الشراكة والوِحدةِ. لبنانُ من دون حيادٍ يقف دومًا على شفيرِ الأزَماتِ والانقساماتِ والحروب، بينما لبنان الحيادِ يعيش في رحابِ الوِحدةِ والسلامِ والاستقرار والإزدهار .

وأوضخ، ” أنّ لبنان لا يستطيع أن يكون حياديًّا إزاء ثلاثة: إزاء إجماع العرب إذا حصل، وإزاء إسرائيل، وإزاء الحقّ والباطل. في إجتماع الإثنين الماضي سلّمت أمينَ عامِّ الأممِ المتّحدةِ السيّد أنطونيو Guterres مذكّرةً احتوت مواقفنا المعهودةَ من الحيادِ والمؤتمرِ الدولي الخاصِّ بلبنان ووجوبِ تنفيذِ جميعِ القرارات الدُوليّةِ دون استنسابية وتجزئة، لاسيّما وأن دولةَ لبنان وافقت عليها تباعًا. وأكدنا للأمينِ العام ضرورة أن تَتحرّك الأممُ المتّحدةُ قبل سواها لبلورةِ حلٍّ دوليٍّ يَعكِسُ إرادةَ اللبنانيّين”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى