مقالات

يفاوضون بإسم الشعب

كتب فادي عبود في “الجمهورية”:

مرّت قضية محاضر اجتماعات صندوق النقد الدولي مرور الكرام ، فلم تستفز احداً، وكأنّها قضية سطحية لا تستحق تحرك الشعب والثورة والمعارضين.

الموضوع باختصار نقلاً عمّا ورد في الإعلام، انّ الرئيس ميشال عون ارسل كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يتمنّى فيه تزويده بكلّ المستندات اللازمة والمتعلقة بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي. فأجاب نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي حين سُئل خلال مقابلة: «ما حدا عندو محاضر. لا أنا عندي محاضر، ولا رئيس الحكومة، ولا أيّ حدا… ما فينا نضلّ نكتب محاضر لأنّ هيدي بتاخد كتير وقت». كنا نتمنى من حكومة جديدة ووزير متمرس بالاقتصاد، الّا يعتبرا المحاضر مضيعة للوقت في بلد مشكلته الأساسية غياب الشفافية.

عذر أقبح من ذنب، اي انّهم يفاوضون باسمنا نحن الشعب، ويقدّمون ارقاماً ويخطّطون لقروض ويبحثون بمصيرنا، ولكن لا يحق لنا الإطلاع على المحاضر والتفاصيل.

نحن لن نكتفي بمحاضر مكتوبة تكون بعهدة رئيس الجمهورية حصراً، هذه المعلومات هي ملك للشعب اللبناني كله، يجب ان تكون الجلسات مسجّلة وعلنية، بالإضافة الى المحاضر وكل الارقام والتفاصيل التي يتمّ تقديمها للبنك الدولي، كي نعرف ماذا يتمّ التخطيط لمستقبلنا من نفس السلطة التي اوصلتنا الى التعتير.

دون شك، انّ صندوق النقد الدولي يملك كل التفاصيل، ولكنهم يستخفون بنا في لبنان، لأنّ أداءنا بعيد كل البعد عن المهنية والشفافية.

كما تمّ التصريح في الإعلام «إنّ المسؤولين اللبنانيين اتفقوا على تقدير حجم خسائر القطاع المالي في البلاد بما يتراوح بين 68 و69 مليار دولار، لكن الرقم يستند إلى بعض الافتراضات التي قد تتغيّر».

هذه مسخرة، كيف نسمّي افتراضات ما حصل في الماضي؟ هذا يجب ان يكون مدققاً وواضحاً، الافتراض يكون للمستقبل، لقد طالبنا مراراً بهذه الارقام ولم يتحرّكوا، فليتفضلوا بالإطلاع على التفاصيل ويطلعونا عليها قبل التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

عذر آخر أقبح من ذنب، المسؤولون اللبنانيون أنفسهم الذين أفلسوا الدولة يقدّمون ارقاماً عشوائية لصندوق النقد الدولي بناءً على افتراضات، يخطّطون مستقبل شعب بأكمله بناءً على افتراضات.

ونسأل: كيف قدّروا هذه الارقام، ماذا يعنون بخسائر؟ كيف خسروا هذه المبالغ؟ ما هي الارقام الحقيقية؟ أين التقارير المدققة من شركات تدقيق عالمية على مدى سنوات طويلة والتي كلّفتنا مبالغ كبيرة؟ فلماذا دفعنا مبالغ لقاء هذه الخدمات؟

أعذار أقبح من ذنوب! أعذار خطيرة تنبئ بالأسوأ، السلطة نفسها لا تزال تخفي الحقائق وتحاول إدخالنا في قروض جديدة لتطمس ما قامت به على مدى سنوات. والشعب غائب عن المطالبة بما هو حق له، أي الحقائق الكاملة.

المطالبة بحقيقة ما حصل هي اهم من المطالبة بالرغيف والبطاقة التمويلية، هذه الحقائق هي ما يتمّ التخطيط لنا كشعب، التعهدات والارقام والتفاصيل التي يناقشونها اليوم مع صندوق النقد الدولي ستحدّد شكل حياتنا للسنوات الكثيرة المقبلة. علينا كلنا ان نرفض الاستمرار في هذه المسخرة، فالغموض أوصلنا الى التعتير والانهيار.

واضح اننا لم نتعلّم شيئاً بعد عن أهمية الشفافية المطلقة. هذا اكبر دليل على انّ غياب الشفافية واعتماد الغموض يهدّدان مصير شعب بكامله، فيناقشون مصيرك ويلهونك بأمور ثانوية ويسكتونك بدعم مؤقت مثل البطاقة التمويلية.

يجب ان يكون التغيير حاسماً في الانتخابات المقبلة، وان يكون قانون الشفافية المطلقة هو معيار انتخاب النواب. فرفض الشفافية هو تعبير عن سوء نية. ونقول للشعب، اذا لم تطالبوا زعماءكم ونوابكم بتطبيق الشفافية الكاملة، لا تشتكوا لاحقاً اذا اوصلوكم الى تعتير اضافي.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى