مقالات خاصة

بين حجة النفقات ورهاب الإنتخابات…فرع جهنمي للجالية

كتب مصطفى عبيد لموقع ” قلم سياسي

لبنان هو اكبر بلد مصدر!!!
قد يتبادر إلى أذهاننا أن هذا العنوان خاطئ جملةً وتفصيلاً، فالمعروف والمتعارف عليه أن لبنان هو من أول البلدان المستوردة والمستهلكة لجميع أنواع الصناعات والإنتاجات وحتى الخدمات، فكيف له أن يكون أول بلد مصدر.
ولكن الحقيقة هي نعم، لبنان أكبر بلد مصدر للقدرات البشرية وللأيدي العاملة المتميزة التي انتشرت في جميع بقاع الأرض وفي شتى البلدان، وبحسب إحصاء تم إجراؤه في العام ٢٠٠١ يقدر عدد الجالية اللبنانية حول العالم حتى تاريخ هذا الإحصاء بما يقارب التسعة ملايين لبناني والذي يمكن أن يكون قد تضاعف عددهم حتى يومنا هذا، وإن بحثنا في بلدان العالم سنجد أن هذه الجالية العظيمة قد تركت بصمات لبنانية متميزة في جميع المجالات ومختلف القطاعات وعلى كافة الأصعدة، هذه الجالية التي رغم تميزها وتألقها لم تتخلى يوماً عن لبنان وطنها الأم، إن من خلال مساعداتهم وتحويلاتهم المالية إلى وطنهم أو من خلال إستثماراتهم وزياراتهم له وفي كلا الحالتين يساهم هذا اللبناني المغترب المنبوذ من سياسيي بلده في إنعاش الإقتصاد وأن يكون صلة وصل وشهادة مشرفة وخير ممثل لكل لبناني شريف بقي في هذا البلد سواء أكان مرغماً على البقاء لعدم قدرته على الرحيل أو ما زال مؤمناً بوطنه ويأبى تركه للطبقة الحاكمة الفاشلة التي تفتك به.
هذه الجالية بقيت وفية لوطنها بالرغم من أن سياسيي هذا الوطن قد تخلوا عنها وحتى قد عرضوها للخطر وتركوها في مهب الريح بإرتكابهم الحماقات وإدلائهم لتصريحات مهينة ضد الدول التي يعيش قسم من هذه الجالية الكبيرة والمشرفة فيها.
وها هم رجال قيادتنا الحكيمة المتمثلين بكل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزرائنا العتيدين يطالعوننا اليوم بفصل جديد من فصول تقطيع الأوصال وسلخ اللبناني المغترب عن هويته ووطنه من خلال مسرحية جديدة عنوانها خفض النفقات القنصلية والديبلوماسية بحجة خفض الهدر، هذه النفقات التي تشكل صلة وصل اللبناني بوطنه، هذه النفقات التي تقوم بضخ ال “فرش دولار” من الخارج إلى خزينة الدولة التي اهترأ داخلها بفعل المحاصصة والفساد ولعبة تصفية الحسابات السياسية على حساب اللبناني الفقير.
وها هو رئيس حكومتنا العتيدة يقوم مؤخراً بعقد إجتماع مهم جداً، إجتماع لم يجد رئيس حكومتنا ما هو أهم منه لعمله في ظل كل ما نعانيه داخلياً من إنهيار وتخبط وإفلاس ونحن نقترب أكثر فأكثر إلى الجحيم الموعود.
ولكن رئيس الحكومة فضل عقد إجتماع أكثر أهمية بنظره مع وزير الخارجية بحجة خفض نفقات البعثات الخارجية والتمثيل الديبلوماسي ورفع قيمة الرسوم المستوفاة من البعثات الديبلوماسية في الخارج.
والجدير بالذكر أن الديبلوماسي في الخارج لا يحصل لا على امتيازات ولا على معاشات أبدية ولا على مرافقات أمنية تستمر للأبد والتي تكبد خزينة مصاريف باهظة تصرف على الحماية الشخصية وخدمة الديليفري بدل من أن تصرف على حماية الحدود وضبط الأمن ووقف التهريب.
هذا الديبلوماسي يحصل على معاش يقوم بصرف معظمه على تكاليف الحياة من إيجارات وتأمين صحي ومدارس لأبنائه وبقية المصاريف التي يتمتع بها السياسي والوزير والنائب بشكل فوري ومجاني وأبدي داخل لبنان، ولكن الفرق هو أن الديبلوماسي هو صلة وصل الجالية اللبنانية بوطنها الأم وصوتها وحاضنها بينما سياسيو الداخل أمعنوا في إذلال ناخبيهم واستغلالهم وإيهامهم بامتيازات هي في الواقع حقوق سلبوها منهم.
أليس الأجدر أن يقوم كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بعقد الإجتماعات وبذل الجهود لإنقاذ الحكومة المخطوف قرارها من فريق أمعن في خطف البلد نحو المجهول لخدمة سياسات خارجية؟
أليس الأجدر بهم عقد جلسات حكومية شاملة لإنقاذ البلد ومنعه من الإنهيار وإعادة الكهرباء وتأمين المياه ومعالجة الوضع المعيشي والصحي والأقتصادي المتردي؟
وهل الهدف فعلاً هو خفض النفقات؟ أم هو محاولة لتطيير الإنتخابات ومنع المغترب اللبناني من الإدلاء بصوته وسلبه المزيد من حقوقه لأن البعض منكم خائف من صدى أصواتهم وقوته، البعض الذي ربما سيقوم بسلب وتزوير أصوات اللبنانيين بالداخل إن بالقوة كما اعتادوا أو بالوعود الطائفية الفارغة.
أم الهدف هو أن تعاني الجالية اللبنانية كما تعاني الجالية السورية في بلدان الإغتراب من مشقة وتكاليف ورسوم باهظة الثمن لإجراء أية معاملة أو عند تجديد جواز السفر ويفتح باب السرقات والرشاوي على باب جديد ولعبة جديدة؟

مصطفى عبيد

اسرة التحرير ، ناشط سياسي وإجتماعي، كاتب في عدة مواقع الكترونية، مهتم بالصحافة الإستقصائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى