سياسة

الإنتخابات ورقة مقايضة بين الحزب والتيار

جاء في “المركزية”:

تستعد الساحة المحلية لاستقبال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش غدا. ومع ان المنظومة “قوطبت” على الزيارة فوَضَعَتها في اطار الاهتمام الدولي بالبلاد، وقد بدا رئيسُ الحكومة نجيب ميقاتي مرتاحا امس الى “حرص دولي يمنع سقوط لبنان”، فإن الرّجل لن يأتي الى هنا حاملا هذا الموقف لينام أهلُ الحكم على أمجادهم، بل سيُشهر في وجهِهم عصا غليظة، تحثّهم على الاقلاع عن مناكفاتهم لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وأوّلها مجلس الوزراء، جدّيا وبالطاقات القصوى، قبل فوات الاوان.. فاذا كان الخارج يحتضن لبنانَ – الصيغة والتنوّع والحريات والقضاء المستقل، ويحرص على حقوق شعبه وقد حُرم أبسطُها وتحوّل فقيرا ذليلا، فإنه اي الخارج، لا يحتضن بل “يرذل” كلَّ مَن يدفع بلاد الارز في الاتجاه المعاكس، ويستعدّ، وفق الرياح الآتية من واشنطن وباريس، لمعاقبة هؤلاء إن هم ذهبوا أبعد في سلوكهم التدميري التعطيلي.

رسائل غوتيريش: بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن أرفع مرجع أممي سيلتقي خلال زيارته “التضامنية مع الشعب اللبناني”، التي تستمر حتى الاربعاء المقبل، الرؤساء الثلاثة وعددا من القادة الدينيين وممثّلين عن المجتمع المدني. كما سيقف دقيقة صمت في مرفأ بيروت “تكريماً لأرواح الضحايا” ثم يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد. ثم يزور الجنوب لتفقد قوات “اليونيفيل” والقيام بجولة على الخط الأزرق. ومحطاتُه هذه تشكّل في حد ذاتها، اشاراتٍ الى الرسائل التي سينقلها الى السلطات اللبنانية. فهو سيشدد على ان الشلل الوزاري لا يمكن ان يستمر لأن اي اتفاق مع صندوق النقد، والاصلاحات المطلوبة بإلحاح دوليا، يحتاجان حكومة فعّالة. كما سيؤكد ان تطيير الانتخابات ممنوع، وترهيب القضاء ممنوع ايضا سيما في قضية انفجارالمرفأ. والاهم، تضيف المصادر، هو انه سيذكّر المنظومة بأن القرارا الدولية وُجدت لتُطبّق، وأبرزها الـ1701 والـ1559: فلبنان لا يمكن ان يصمد كدولة، في ظل وجود جيشين على اراضيه ولا في وجود فريق مسلّح ينشط عسكريا على حدوده وفي الداخل، ويسلخ لبنان عن محيطه العربي.

نحو رد الطعن؟: هل ستلقى هذه النداءات التي حرص غوتيريش على نقلها “شخصيا”، آذانا صاغية؟ الامر مستبعد تضيف المصادر، نظرا الى التجارب السابقة. ذلك ان كل النداءات الدولية للانقاذ والاصلاح وترك القضاء يعمل وفكّ اسر الحكومة، وآخرها أتى على لسان الموفد الفرنسي بيار دوكان، بدت كضربة سيف في ماء. وحتى الساعة، اذا لم يتم التوصل الى تسوية سياسية – قضائية – انتخابية شاملة، بين العهد من جهة والثنائي الشيعي من جهة ثانية، وبينهما ميقاتي، فإن مجلس الوزراء سيبقى معطّلا حتى اشعار آخر… في السياق، تشير المصادر الى ان ثمة اتصالات جارية في الكواليس لمحاولة انضاج حلّ ما، غير انها لم تُحرز اي تقدّم بعد. ويبدو ان انطلاق المساعي التسووية بشكل فعليّ، ينتظر القرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري في الطعن المقدّم امامه في تعديلات قانون الانتخاب، من قِبل تكتل “لبنان القوي”، والذي سيصدر الثلثاء على أبعد تقدير. وقد علمت “المركزية” انه يتجه نحو ردّه.

مقايضة بعد “الدستوري”: فعلى موقف المجلس، سيبني عليه “الثنائي”، سيما حزب الله، لفتح باب المقايضة بينه والتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل. فهو، اي الثنائي، قد يرضى بالتصويت لصالح تأخير موعد الانتخابات ولصالح الدائرة 16، إن وافق باسيل على إما تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في جريمة المرفأ، او تفعيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء واحالة المستَدعين من هؤلاء في قضية 4 آب، للمحاكمة امام المجلس العتيد، فيتم تكبيل يدي المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار ويتمّ انعاش مجلس الوزراء. غير ان وحتى اللحظة، يرفض التيار هذا “الديل”، ويرفع سقفه مطالبا بهدايا أثمن كتطيير حاكم مصرف لبنان…

التيار والقرار الظني والطعن: هذا في الكواليس. اما في العلن، وفي موقف متقدّم من قضية البيطار، فقد رأت الهيئة السياسيّة في “التيّار الوطنيّ الحر” بعد اجتماعها الدوري أن “الاستنسابيّة التي تشوب التحقيق العَدلي في إنفجار مرفأ بيروت والتأخير في إنهاء التحقيقات والمراوحة الحاصلة، تزيد المخاوف من عدم كشف الحقيقة ، مؤكدا أن الوقت حان لكي يصدر المُحقّق العَدلي القرار الظنّي ويرفع الظلم عن الموقوفين المتهمين  بمعظمهم بالإهمال الإداري. اما حكوميا، فحذر التيّار من ان يكون تقاطع المصالح السياسية وراء التعطيل المُتعمّد للحكومة،  واعتبر ان رئيس الجمهوريّة على حَقّ في عدم القُبول بالموافقات الاستثنائيّة طالما ان الحكومة القائمة كاملة الأوصاف الدستوريّة. واذ حملت مجددا على حاكم المركزي معتبرة ان “ممارساته تدعو إلى أكثر من الرَيبة وتؤَكّد الشكوك بأهليته ونواياه، ممّا يستدعي كفّ يده فَوراً ومحاسبته”، قالت في الشأن الانتخابي، ان “التيّار يجدد ثقته وأمله بأن المجلس الدستوري سيبتّ بالطعن في التعديلات والتي تشوبها عُيوب قانونيّة ودستوريّة وميثاقيّة وكيانيّة فاضحة”. وشدد على أهمية أن “يصحح الدستوريّ الممارسة التشريعية التي الغت الدائرة الانتخابية للمنتشرين وحرمتهم الحقّ في أن يتمثّلوا  بـ6 نواب من بينهم”، مؤكدا رفضه “أيّ مقايضة على هذه الحقوق وأيّ تعطيل لمؤسسات الدولة بالابتزاز”.

خلاصنا بيدكم: وسط هذه الاجواء الملبدة التي تضع الانتخابات برمّتها في دائرة الخطر بما ان “ورقتها” جزءٌ من “البازار” المفتوح بين العهد والثنائي، اكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان “الواقع الحالي يتخطى كل المقبول والمعقول فـ”البلد فلتان”، مشيرا الى “ان الحل يكون فقط، في الانتخابات النيابية، فهي فرصة لن تتكرر للخروج من هذا الواقع الأليم، فإما يأخذ المواطن القرار الصائب واما يعمّق الازمة”. وأشار الى ان “نظرية “في لبنان التغيير مستحيل”، غير صحيحة، فالتغيير وارد في كل لحظة ولكنه يعود للخيارات الصحيحة التي على اللبناني اتخاذها متجنبا التقليد السياسي والمحسوبيات والزبائنية والرشاوى والا ستبقى النتيجة هي ذاتها. وتوجه جعجع  للبنانيين بالقول “خلاصنا بيدكم، خلاص البلد بيدكم، إذا اخترتم بشكل صحيح سنخرج من جهنم اما إذا كان قراركم خاطئا ففي جهنم باقون. إمكانية التغيير موجودة في كل لحظة، والقوات ستكون لديها لوائح في كل المناطق بحثا عن التغيير المنشود”. وسأل جعجع “عما يريده حزب الله اليوم؟ هل سيستمر بهذا الأسلوب حتى موت آخر لبناني في البلد؟”، معتبرا ان “تعطيل الحكومة ابعد من السياسة بل بات مرتبطا بتحقيقات انفجار المرفأ، التي ولأجلها يعطل البلد بشكل عام، كما لم يعجبه التحقيق في أحداث الطيونة فخرج بنظريات أظهر التحقيق انها خاطئة ومزيفة”.

واشنطن وباريس: دائما على خط دور حزب الله وادائه، فإن كل شيء يدل غداة قمّة جدة السعودية – الفرنسية وبيانها، على أن الضغط الخارجي على “الحزب” سيشتد. في هذه الخانة، يصب بيان الخارجية الاميركية امس، والتي انتقدت فيه اداء الحزب سياسيا وحكوميا واقتصاديا و”اقليميا”. واذ اشارت باريس امس ايضا، الى انها تشارك واشنطن القراءة نفسَها للملف اللبناني، ذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن أمراً واحداً تحاول الولايات المتحدة التأكد منه هو الا يكون هناك المزيد من الدول الفاشلة في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً الى أن الدول الفاشلة تؤدي الى فراغ، وهذا الفراغ لا يملؤه المعتدلون، بل المتطرفون من كل الجوانب ويصبح هناك نوعًا من المعارك بالوكالة من قبل القوى الإقليمية. وأكد أن لبنان كان لديه كل الدلائل التي تشير الى دولة فاشلة محتملة. وقال: عملنا بجد وبهدوء تام، لكن دوروثي شيا، سفيرتنا في بيروت تعمل مع فرنسا وآخرين – بالإضافة إلى فرض عقوبات على أفراد فاسدين في النظام السياسي اللبناني.

مولوي: وفي اطار محاولات الدولة تلميع صورتها “خليجيا”، قال وزير الداخلية بسام مولوي اليوم في حديث لقناة الحدث “طلبنا لائحة بأسماء المشاركين في مؤتمر “الوفاق” البحرينية لقناعة لبنان بعلاقاته الراسخة مع الدول العربية”، مضيفا “انزعاج أيّ طرف من ترحيل أعضاء “الوفاق” لا يمنع تطبيق القوانين”.

الانهيار يشتد: وسط هذا الشلل، الانهيار يصيب كلّ شيء من العملة الوطنية الى الاوضاع المعيشية والوبائية والصحية، وصولا الى التغذية بالتيار الكهربائي وواقع الاتصالات. في السياق، صدر عن مكتب وزير الاتصالات جوني القرم بيان جاء فيه:  جواباً على الحملة المبرمجة التي يتعرّض لها وزير الاتصالات، يهمّ مكتب الوزير جوني القرم التأكيد على التالي، للذين يهمّهم أن يطّلعوا على الحقائق والحقائق فقط:  حقوق الموظفين هي قناعة شخصية راسخة عند الوزير القرم قبل تسلّمه المسؤولية الوزارية وخلال تسلّمه هذه المسؤولية وبعد انتهائها. – حسن ادارة المال والاعمال هي من ميزات الوزير القرم، وهي سبب مهم وأساسي لنجاحه قبل ان يكون وزيراً، وهي كذلك حتى بعد انتهاء مهامه الوزارية  – حقوق الموظفين وعيشهم الكريم يتأمن من خلال شركات وضعها المالي سليم وليس من خلال شركات وضعها المالي مأساوي وتُدار وتتأثّر بالسياسة. وختم ” انطلاقاً من أن البلد برمته وبكامل قطاعاته ومجتمعه يمرّ بظروف قوة قاهرة (Force Majeure)، لذلك يجب أن يكون هاجس الجميع اليوم، والوزير في مقدمتهم، وقف التدهور المالي لشركتي الخلوي بغية اعادة الشركتين الى وضع مالي سليم، ما ينعكس على استقرار وضع الموظفين ويتجه نحو تحقيق نهضة في قطاع الاتصالات والحؤول دون تراجعه وتعثّر خدماته، وكلّ ذلك يتطلّب حسن ادارة للمال العام وترشيد الانفاق وزيادة المداخيل ووقف الهدر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى