مقالات

ما الذي يجمع بين الوطني الحر والحزب ؟

كتبت صفاء درويش في موقع mtv: 

لطالما سعى حزب الله لتوحيد صفوف حلفائه، إلّا أنّ هذه الجهود لم تصب هدفها بالشكل المطلوب سابقًا وقد لا تصيبه اليوم. وبعيدًا عن التفصيل الانتخابي، يبدو جليًا أن كل فريق من الحلفاء يغنّي على ليلاه في ما خصّ نظرته للواقع السياسي، حيث لا يجمعهم مشروع ولا يتفقون في ما بينهم على النظرة إلى لبنان. 

المُفاجئ في قراءة المشهد هو أن الحزب نجح طيلة سنوات في ايصال اكثرية نيابية عبر “تشريكة” تحالفات نسجها، ليتبيّن لاحقاً أنّ الحزب اوصل أكثرية ظرفية، وفشلت مرّات عدّة في تقديم النموذج الصحيح، حتى باتت تنهش من نفسها ويبحث اطرافها عن نسج تحالفات خارجها.
وبوضوح، ظهر أكثر من خلاف في الفترة الأخيرة بين الحزب والتيار الوطني الحر، عمّق التباين بوجهات النظر وباتت المجاهرة بهذا التباين لا تشكّل احراجًا لأحد لا سيّما التيّار. ما اختلف اليوم عن مرحلة ما بعد ١٧ تشرين هو أن الخلاف حول آلية تطبيق مشروع مكافحة الفساد لم يعد الخلاف الوحيد بين الحزب والتيار الوطني الحر، اذ بات ملف القاضي طارق البيطار المرتبط بمسألة اجتماع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يشكّل إلى جانب مسألة العلاقات مع الدول العربية، ملفّي خلاف واختلاف كبيرين بين حليفي مار مخايل.
ورغم أن هذه الخلافات لن تفسد في ودّ ورقة التفاهم قضية في المدى المنظور، إلّا أنّها باتت تمتّن لدى الرأي العام فكرة أن حزب الله بات عائقًا أمام الحلول بنظر الرأي العام العوني، وليس مسهّلًا إليها كما ظهر سابقًا. وإن فكرة انتقاد الحزب من قبل حليف قوي له كالتيار الوطني الحر، تجمعهما مصالح مشتركة، يدعم بلا شك الحملات التي قامت من أخصام الحزب عليه ولو كانت تحمل بعض المبالغات أو حتى التجنّي في مكانٍ ما. 
قد يصوّر البعض أن انتقادات مسؤولي التيار وحتى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للحزب تأتي في إطار جذب الشارع المسيحي قبل الانتخابات النيابية المقبلة. هذا الأمر غير المستبعد لناحية التوقيت، لا ينفي بتاتًا أنّ ما يُحكى هو حقائق ساطعة من ملف البيطار وصولًا إلى العلاقات مع الخليج.
الأمر نفسه ينسحب على العلاقة بين حركة أمل والحزب، رغم أن الأمور أكثر ضبطًا لجهة عدم خروجها إلى العلن. 
أداء حزب الله ونبرته العالية تحديدًا في ما يخص قضية التحقيق في انفجار الرابع من آب اضافةً لموضوع الهجوم على الدول العربية ولّد لدى جماهير حلفائه، وتحديدًا جمهور التيار الوطني الحر، نفورًا كبيرًا. 
أما جمهور الحزب نفسه، والذي لا يزال أكثر انضباطًا من غيره ويكاد يكون موافقًا على كل سياسة الحزب الخارجية، فهو يملك داخليًا عتبًا كبيرًا في ما يخص مسألة مكافحة الفساد. هؤلاء يؤمنون أن معظم العناوين التي طرحها التيار الوطني الحر كان من الأفضل للحزب أن يسير بها، كون عملية مكافحة الفساد كانت لتوفّر الكثير على بيئة صامدة ولكنها تئنّ. هذا التبنّي لعناوين التيار لا يعني أنّ هؤلاء يوافقون على خطاب قيادة التيّار، والتي يعتبرونها جنحت نحو الخطاب الطائفي الذي لا يشبه ميشال عون الـ2006.
أمّا حزب الله، ورغم عدم مجاهرته بذلك، يبدو واضحًا من خلال أدائه أن سياسة الصبر الطويل جدًا هي المتبّعة لديه. فحصار سنتين وثلاث وخمس لا يهزّ تنظيمًا صمدت مرجعيته أمام حصارٍ دوليٍ لأربعين عامًا كاملة. يعلّق أحد منظّري السياسية هنا أنّ الحزب لم يراعِ، حتى الآن، خصوصية لبنان، رغم تحمّله لمسؤوليات اخلاقية واجتماعية في توفير بعض المواد الاولية للطبقات المحتاجة، وهنا يكمن لبّ الاختلاف بينه وبين التيار وربّما حلفاء آخرين.
يأتي كل هذا علاوةً على عدم قدرة الحزب حتى الآن على تذليل الرفض المتبادل بين حليفيه الأساسيّين أي حركة أمل والتيار الوطني الحر. فعلى مشارف الانتخابات هناك من يعتقد أن الحزب، إن شعر أن هذه الانتخابات ستحصل في موعدها، قد يضرب يده على الطاولة فارضًا على الجميع التوافق. وجهة نظر قد تكون اكثر منطقيةً وهي أن الحزب سيرتدي عباءة أبو ملحم رغم انتهاء صلاحيّتها.
كل ما تقدّم يمكن لحزب الله ان يعتبره تمرير وقت، ريثما تسنح الفرصة للبنان للخروج من المظلّة الغربية نحو سياسة اكثر سياديّة. هذا الوقت يدفع ثمنه لبنان واللبنانيون، حيث يرى التيار الوطني الحر أن الفرصة سنحت اكثر من مرة للشروع ببدء مكافحة الفساد والضرب بيد من حديد، إلّا أن الحليف لم يكن على قدر اندفاعة التيار للمعركة!

الملحّ اليوم هو المشروع، فمن حصل على اكثريّة حكمت لسنوات من دون اي نجاح، لا يمكن له أن يعيد الكرّة في مثل هذه الظروف، والمشروع يقتضي مؤتمراً جامعاً او افتراقاً طبيعيّاً.
فلو كنّا في معهد دراسات علميّة، لفُرض على معظم حلفاء الحزب التفتّت والالتحام بمعسكرات تشبه طروحاتهم لعلّ المشروع المنتصر يفرض كلمته للاجابة على سؤال “اي دولة نريد؟”. أسلوب حزب الله في جمع الحلفاء على “حبّه” فقط لن يبني دولةً.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى