مقالات

بري : بيطار متآمر ويتلقى التعليمات

جاء في “الراي” الكويتيّة: 

رغم الدلالاتِ المهمّة لتثمينِ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جولةَ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخليجية و«التأكيد الثابت خلال الجولة على دعْم لبنان واللبنانيين»، فإن هذا الموقف لم يبْدُ أكثر من «إعلان نيات» بلا «وزن سياسي» سواء على مستوى الداخل المحكوم بـ «موازين قوى» بات مجلس الوزراء نفسه، كما مجمل الواقع اللبناني أسيرها، أو على صعيد معاودة تطبيع العلاقات مع دول الخليج العربي وفق «شرعةٍ سياسية» واضحة باتت هي الإطار الناظم لمقاربة هذه الدول الموقف من «بلاد الأرز» ومدّها بالدعم المالي.

فميقاتي، الذي مَنَحَه ولي العهد السعودي إبان زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون للمملكة «فرصةً» بكسْر الصمت مع لبنان الرسمي قبل أن يبلور البيانُ المشترك السعودي – الفرنسي الركائز الإصلاحية والسياسية – السيادية لطيّ الصفحة الأكثر تأزُّماً في علاقات بيروت مع الرياض، حرص في ختام جولة محمد بن سلمان الخليجية على التغريد، مثمناً إياها «والمساعي المستمرة لتعزيز أُطر التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون، والدول العربية كافة، ولبنان من ضمنها»، مضيفاً «وأقدّر التأكيدَ الثابت خلال الجولة على دعم لبنان واللبنانيين، وأن يكون منطلقاً لخير الدول العربية».

ورأت أوساطٌ واسعة الاطلاع أن رئيس الحكومة بنفسه أضاء على القطبة التي لم يَعُد خافياً عجز ميقاتي وأياً من المسؤولين عن مقاربتها بما يلزم، ودائماً وفق معادلة «الرغبة وإن وُجدت لا تعني القدرة»، معتبرة أن العبارة – المفتاح في «تغريدة الثناء» كانت «أن يكون لبنان منطلقاً لخير الدول العربية»، ومشيرة إلى أن هذا المنطلق بمفهوم دول مجلس التعاون صار مرسوماً بوضوح كامل وبات عنواناً مشترَكاً بين هذه البلدان وتحديداً لجهة حصْر السلاح بيد الدولة ووقف «الأعمال الإرهابية» والقضاء على آفة المخدرات.

وإذا كان هذا «المنطلق» عبّر عن نفسه على امتداد جولة محمد بن سلمان الخليجية، فإنه كان الأكثر اكتمالاً في البيان المشترك الكويتي – السعودي لجهة تسمية القرارات الدولية ذات الصلة بسلاح «حزب الله» إذ أكد «ضرورة إجراء إصلاحات شاملة تضمن للبنان تجاوزه لأزماته وحصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية وفق ما جاء في قراري مجلس الأمن 1559 و1701 وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة ومصدراً لآفة المخدرات المهددة لسلامة المجتمعات في المنطقة والعالم».

وإذ ترى الأوساط أن ميقاتي ومنذ تشكيل حكومته قبل 3 أشهر كان أعجز من عقد أكثر من 3 جلسات لحكومته المعطّلة منذ شهرين بالتمام والكمال رغم هدير الانهيار الشامل وتسلُّل متحور «أوميكرون» إلى لبنان الذي أكد تسجيل أول إصابتين مع شكوك في 6 حالات أخرى، فإنها ترى أن اندفاعة رئيس الحكومة لملاقاةٍ «مخفَّفة» للمضامين اللبنانية لجولة ولي العهد السعودي تُنْذِر بالمزيد من «المتاعب» له في الجانب المتصل بمحاولات إحياء جلسات مجلس الوزراء المعلّقة على معركة الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري لإقصاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، والتي تبقى «الفالق» الأساسي الذي يُنْذر بـ «زلازل» سياسية تضع الحكومة برمّتها في دائرة السقوط الذي لا يريده رئيسها.

وفي حين كانت ترتسم معالم «حرب خافتة» بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي حول صلاحية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، فإنّ الأوساط المطلعة ترصد تفاعلات البيان الذي صدر أمس عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي انعقد برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان وحضور رئيس الحكومة.

ولم يكن عابراً على وقع تَمَدُّد «المتاريس» بين مكوّنات الحكومة أن «يشتدّ عصف» ملف بيطار، الذي أطلق إشاراتٍ مباشرة إلى عدم اكتراثه للسقف الأعلى الذي اعتمده بمواجهته رئيس البرلمان عبر «مضبطة اتهام» لم تخْلُ من تصويبٍ «مشفّر» على فريق عون الذي لم تنفكّ أجواء الثنائي الشيعي، تعتبر أنه يوفّر «الحماية» لمسار بيطار بخلفية استهدافات سياسية – انتخابية.

فعلى وقع كلام نُقل عن بري بلغة التحذير من «اللعب بالنار» بعد وصفه بيطار بـ «المتآمر وينفذ الأوامر ويتلقى التعليمات التي ضربت مسار التحقيق»، مؤكداً أنه سيبقى على موقفه «حتى قيام الساعة»، ومصوّباً على الناشطين في «الغرف السوداء التي تحرك بيطار»، انبرى المحقق العدلي في أول قرار له بعد استئناف عمله وسقوط الدعاوى لردّه وكفّ يده لإعادة مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حق الوزير السابق النائب علي حسن خليل إلى النيابة العامة التمييزية آمراً بتنفيذها بشكل فوري من الأجهزة الأمنية، وسط اعتبار مصدر قضائي «أن امتناع جهاز أمني عن تنفيذ مذكرة قضائية يعد سابقة خطيرة وتمرداً على قرارات السلطة القضائية».

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى