مقالات

عون يشاكس الثنائي

كتب منير الربيع في “المدن”:

تتسارع الحركة الفرنسية في اتجاه الأفرقاء اللبنانيين، لاستثمار “الخرق” الذي حققته باريس في جدار الأزمة اللبنانية- الخليجية. وما يريده الفرنسيون عقد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني، وإعادة تفعيل عمل الحكومة، لأنه لا يمكن البقاء في هذه المراوحة.



تهديد فرنسي جديد بالعقوبات
ولا تزال الشروط الفرنسية واضحة: تفعيل عمل الحكومة وإنجاز الإصلاحات، وبلا صفقة على حساب القضاء والمحقق العدلي طارق البيطار. فباريس ترفص المساس بالبيطار ثمناً لإحياء مجلس الوزراء، وتريد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها من دون أي تأخير أو تأجيل.
وتتواصل الاتصالات الفرنسية بمسؤولين لبنانيين لدفعهم إلى عقد جلسة حكومية سريعاً، وقبل الأعياد. ملوحة من جديد بفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين المتهمين بالتعطيل. وكان مسار العقوبات الأوروبية قد جُمِّد بعد تشكيل الحكومة. لكن هناك بحث في إعادة تفعيله ليشمل شخصيات عدة، متهمة بتعطيل مسار عمل الحكومة. وتقول مصادر ديبلوماسية إن العقوبات يمكن أن تفرض قبل عيد رأس السنة.

عون يحشر ميقاتي 
داخلياً لا يبدو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في وارد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، فيما الخلاف مستمر على ملف تحقيقات المرفأ. أما رئيس الجمهورية فيحاول الضغط بقوته كلها على ميقاتي لعقد جلسة حكومية. فبذلك يسعى عون إلى تطويق رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكثر فأكثر، ويوصل رسالة واضحة لحزب الله.

هذه السياسة اعتمدها عون سابقاً مع السنّة والدروز: التطويق والمواجهة للحصول على تنازلات. وقد نجح في ذلك مع سعد الحريري والسنّة، والمسار مستمر مع نجيب ميقاتي. لكن عون اصطدم هذه المرة بموقف الثنائي الشيعي. وكانت محاولات عون وتياره واضحة في استفزاز الدروز ووليد جنبلاط في الجبل، منذ ما قبل التسوية الرئاسية وبعدها، وصولاً إلى حادثة قبرشمون التي رسمت الخطوط الحمراء.

ويستخدم عون حالياً أسلحته كلها في معركة الأشهر الأخيرة من ولايته، باحثًا عن تسوية جديدة.

مصارعة الثنائي الشيعي
لكن معركة عون مع الشيعة مختلفة تماماً. فهو نجح سابقاً في تحصيل تنازلات من خصومه استناداً إلى قوة حزب الله وتأثيره في المعادلة الداخلية. ولا يمكنه اليوم تحقيق أهدافه في مواجهة حزب الله ونبيه برّي معاً. وفي حال استمراره جدياً في هذه المواجهة، فإنها لن تمرّ بهدوء أو بسلاسة، ليفرض التنازل المطلوب على الثنائي الشيعي.

لذلك تدور الأمور في حلقة مفرغة، ووفق قواعد نظام الملل اللبناني الثابت: كل طرف فيه يمكنه تعطيل مصالح الطرف الآخر. ولا مجال للخروج من دوامة الجمود والتعطيل المتبادل إلا بتسوية ترضي الجميع وتلبي مصالحهم.

وخطورة معركة عون في حال استمرت، تكمن في قسوتها، ودفعها إلى المزيد من الانهيار الذي يعيشه اللبنانيون، وصولاً إلى اعتماد سياسات مالية ونقدية لا تفسير لها سوى أنها مرحلة جديدة لافتراس اللبنانيين ومدخراتهم. وهذا على طريق التخدير اليومي بلا احتساب التداعيات المستقبلية لقرارات آثارها كارثية في المرحلة المقبلة، رغم محاولات تقديم الرشى للشعب اللبناني لتخفيف حدّة الضغوط عليه، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة.


باريس تؤجل الانفجار
أما ما تريده باريس في سياساتها وضغوطها، فهو منع حصول الانفجار، وتمرير المرحلة بالحدّ الأدنى من الخسائر. وذلك في انتظار الوصول إلى الانتخابات النيابية وجعلها محطة مفصلية، يليها البحث في آلية تركيب السلطة السياسية.

وهي تفكر في مدى حاجة لبنان لعقد مؤتمر دولي خاص به، يهدف إلى إيجاد آلية جديدة لانتظام العمل السياسي وعمل المؤسسات. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى