مقالات خاصة

فخ الشركات في الإقامة السياحية في تركيا


د. وسيم بكراكي


بحكم عملي كرئيس لجمعية الثقافة والصداقة اللبنانية توليب، الجمعية التي تم تأسيسها في العام 2016 بهدف جمع الجالية اللبنانية في تركيا ضمن أطر المحبة والتعاون وإحياء العلاقات الودية والمحبة بين أبناء الجالية اللبنانية في تركيا ومتابعة مشاكلهم والعمل لتذليل الصعوبات التي تواجه كل لبناني يأتي إلى هذا البلد بعيدا عن النعرات السياسية والطائفية التي أوصلت بلدنا الحبيب لبنان إلى ما هو عليه اليوم من ضياع سياسي واجتماعي واقتصادي…

لهذا السبب يراجعني بشكل دائم الكثير من الأحبة من أبناء الوطن لعرض ما لديهم من مشاكل أو للاستشارة وطلب النصح بما يتعرضون له من أمور ومشاكل في هذا البلد وغيرها الكثير من الأمور وهو ما يجعلني على دراية كبيرة بالعديد من المسائل المهمة التي يتعرض لها المواطن اللبناني والعربي على حد سواء ويشعرني بالمسؤولية بنشر التوعية والنصيحة في بعض الأمور المهمة التي لا يمكن التغاضي عنها. ومن أهم هذه الأمور موضوع الإقامة السياحية في تركيا وما يرافق هذا الأمر من مشاكل كبيرة تؤدي في أحيان كثيرة إلى الخروج من البلد والتعرض لقرارات منع سفر وأحيانا مساءلة قانونية.


للأسف الشديد؛ أن أكبر عدو للعرب في بلاد الغربة هم العرب أنفسهم. أقولها وانا أشعر بحرقة وحزن شديد لما وصلنا إليه في هذه المرحلة من تشرذم وانعدام للأخلاق والقيم والمباديء.
يأتي المواطن العربي إلى بلاد الغربة وقد استفذ كل ما لديه من خيارات في أرض الوطن وباع الغالي والثمين على أمل أن يبدأ حياة جديدة في وطن جديد يحافظ فيه على ما بقي له من كرامة وإنسانية فيكون اول ما يعترض طريقه أناس استنجد بهم ليساعدوه في الحصول على إقامة قانونية تؤمن له انطلاقة صحيحة ومتابعة حلم الاستقرار والعيش الكريم.


كنت قد نبهت سابقا في كتابات متعددة إلى ضرورة فهم قوانين البلد وان يسعى الإنسان لتعلم اللغة وفهم القوانين في البلد التي سيعيش فيه وبأن يعتمد بالدرجة الرئيسية على نفسه في حل الأمور القانونية لانها أول حجر أساس سيضعه على الطريق الصحيح. واليوم سأكتب لكم بعض ما تقوم به شركات الإقامة التي تخاطب الناس بوعود مغرية تجعله يثق بها ويضع نفسه بين يديها ليتفاجأ بأنه قد أكل الضرب وسبق السيف العزل. شركات الإقامة التي يكون أصحابها من العرب وللأسف بعض أعضائها هم من اللبنانيون أنفسهم ليكون جلادك هو نفس الطينة السيئة التي أردت الابتعاد عنها والتخلص منها.
بعد أن يتم إقناع الشخص بجودة الشركة ونظافة كفها تبدأ طرق الاحتيال التي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التالي:

  1. يتم تعبئة طلب الاقامة ويوضع فيه الإيميل المستخدم وأرقام التواصل للشركة وليس للمواطن نفسه وتكون الشركة قد ضمنت بهذا الشكل أن لا يصل لصاحب العلاقة شيء من دائرة الهجرة الا من خلالها وتكون الشركة متحكمة بالمراسلة بشكل كامل فلا يعلم المواطن هل طلبه مقبول أو مرفوض أو هل هناك أي خلل فأي مراسلة وأي اتصال هو للشركة نفسها وليس له شخصيا وهذا اول وأكبر خطأ يتم.
  2. اللعب على موضوع الضرائب والمدفوعات الرسمية. وبهذا الموضوع يتم إما تزوير إيصالات الدفع عبر برنامج الفوتوشوب ووضعها في الملف. أو لا يدفع أي شيء ويسلم المواطن إيصالات مزورة أيضا اذا طلب إثبات ذلك أو يتم دفع جزء من المبلغ كأن تقدم على طلب سنتين فتدفع سنة واحدة ويتم وضع بقية المبلغ في جيوب أصحاب الشركة.
  3. اللعب بالأوراق المقدمة في طلب الإقامة أو تقديم أوراق خاطئة وعناوين غير صحيحة أو اغفال بعض الاوراق الأساسية مثل وثائق الولادة أو وثيقة الزواج الخ…
  4. بعض الملفات المخالفة بتاريخ التقديم (يجب أن تقدم للإقامة قبل انتهاء مدة ثلاث أشهر الزيارة أو قبل انتهاء مدة الإقامة السابقة إن كنت تمتلك اقامة) يتم للأسف تزوير صورة يوضع فيها أختام الدخول والخروج إلى تركيا لوضع تاريخ دخول جديد وللأسف بعض العائلات تعرضت لمساءلة قانونية بتهمة التزوير بعد تقديم جواز السفر الذي لا أختام عليه بينما الأوراق المقدمة يكون فيها صورة عليها أختام تم وضعها عبر برنامج الفوتوشوب أيضا من قبل الشركة دون علم الشخص نفسه.
  5. أخذ مصاريف إضافية للترجمة وتصديق الأوراق من القنصلية والمؤسسات الرسمية ويتبين بعدها أن لا شيء من هذه الأمور حصل وهذه الأوراق غير موجودة في الملف أصلا.
  6. يتم أخذ أجرة إقامة سنتين من أصحاب الطلب ولكن عند تقديم طلب الإقامة تقدم الشركة للمواطن طلب إقامة لمدة سنة واحدة وعندما تأتي الموافقة على الإقامة سنة واحدة يقولون للناس الدولة لم تعط إقامة إلا مدة سنة واحدة بينما في الحقيقة هم قاموا بدفع أجرة سنة ووضعوا أجرة السنة الأخرى في جيوبهم.
  7. تتعهد إليك الشركة بضمان حصولك على الإقامة او التجديد في مدة أقصاها ٣٠ يوم من تاريخ التقديم ثم يرسلون لك رسالة نصية مزورة بأن طلبك قد تم قبوله. ولكن الحقيقة ستكون بأنك ستنتظر ٤ أو ٥ أشهر لتكتشف بأن طلبك محجوز بسبب وجود أوراق مزورة أو ناقصة أو لم يتم دفع المستحقات كما ذكرت في الفقرات السابقة.
  8. التسويف والوعود الكاذبة ثم وضع اللوم على السيستم في الدولة وبأن هذا السيستم لم يتم عمل أب ديت update عليه. ولكن الحقيقة بأن الطلب معلق عند موظف الأمنيات نتيجة مخالفات. وتصل لمرحلة يصبح فيها التواصل مع مسؤولي الشركة أصعب من الوصول إلى رئيس دائرة الهجرة نفسه والتهرب من الرد والتعذر بالإنشغال الشديد وتكون عندها قد بدأت تكتشف انك وقعت في الفخ للأسف.
  9. إصدار إذن سفر مزور مختوم بختم مزور وذلك لطمأنة صاحب الطلب وإيهامه بأن الامور جيدة وسليمة.
    هذه نبذة من الأخطاء وعمليات التزوير التي تقوم بها هذه الشركات التي تدعي أنها شركات نظيفة ومضمونة النتائج في عملية التقديم للإقامة وللأسف العديد من هذه الشركات واجهتها أشخاص لبنانيون كما ذكرت. وكل شق من هذه الأمور هي أمور ذكرت لي من أصحابها للأسف ومن قبل أشخاص متعددين بشكل لا يمكنك من الشك في صحة ما يقال وبعضهم ارسل أوراق ووثائق تثبت بالفعل ما يقولون.
    ما أكتبه اليوم ليس لاتهام شركة محددة أو شخص محدد بنفسه فهذا ليس من عملي ولا من حقي فالقضاء موجود وهو من يقوم بهذه الأمور وهي نصيحتي الدائمة لكل من وقع في هذا الفخ أن يقوم بتقديم بلاغ وربما بلاغ مشترك اذا كان لمجموعة من الأشخاص تعاملوا مع نفس المكتب.
    ما أكتبه اليوم هو لتوعية الناس لحقيقة ما يجري وكيف من الممكن للشخص أن يجد نفسه فريسة شركات لا تريد إلا الحصول على ما لديك من مال قد يكون ثمن بيت أو سيارة بعتها في بلدك لتخط حياة جديدة لك.
    واخيرا، عملية التقديم للإقامة السياحية هو أمر ممكن لأي شخص وأي انسان مغترب أن يقدمه بنفسه ولا يحتاج منه معرفة باللغة التركية فصفحة دائرة الهجرة على الانترنت هي بلغات متعددة من بينها العربية والإنكليزية. وفي ختام مرحلة تقديم الطلب يتم تحديد الأوراق المطلوبة منك لتؤمنها قبل موعد الزيارة لتقديم الطلب. إذن هي عملية لا تستحق منك المخاطرة بهذا الشكل وان كنت تطلب المساعدة فيمكنك أن تجعلها محددة بشكل يضمن لك ان تكون موجودا في كل مرحلة من مراحل التقديم. كأن تذهب مع الشخص نفسه إلى دائرة الضرائب وتدفع بنفسك وتحصل على الوصل بنفسك… وأن تذهب لتقديم الأوراق والملف في دائرة الهجرة بنفسك…
    أخيرا أتمنى لأوطاننا الأمن والسلام والعودة للاستقرار والحياة الطبيعية والنهوض الاقتصادي فلا يكون هناك منا من هو بحاجة للهجرة والسفر.

الدكتور وسيم بكراكي

إختصاصي طب أطفال طبيب تركي لبناني رئيس جمعية الثقافة والصداقة اللبنانية ( توليب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى