مقالات خاصة

لا تضامن مع رضوان مرتضى المسيء إلى الجيش.. الحاقد على أهل السنة

كتب أحمد الأيوبي لموقع ” قلم سياسي”:

بسام الطراس حصّل ما هو أعلى من البراءة في القانون.. فكفّ أحقادك السوداء
أين مكانة الحريّة لدى أصحاب شعار “تحسَّسوا رقابكم”؟!
“الإعلام الحربي” أداة قمع لا تستحقّ التضامن أو التعاطف
يريدون القضاء مطية سياسية وأمنية والجيشَ وسيلة قمع وإلاّ فهو موضع اتهام
إلى القرداحي وزير المقامات: أليس لقائد الجيش كرامة ولقيادته هيبة معتبرة؟
نعم لإلغاء كلّ أشكال القضاء الاستثنائي العدلي والعسكري لصالح عدالة مدنية قادرة
الحريات كلٌ لا يتجزأ، والجيش قاعدة التماسك الوطني، والسلاح غير الشرعي سلاح طغيان، وأهل السنة أهل الدولة، والشراكة الوطنية قاعدتنا الذهبية وعلى هذا يستقرّ الوطن


ثلاثة عناوين تحكم الموقف من الحكم على رضوان مرتضى:

الأول: هو هل نحن أمام صحافة مدنية (طبيعية) تستحقّ الاحترام، أم نحن أمام إعلام حربيّ مدجّج بالسلاح وبالوقاحة وبالاستعداد لتسويق كلّ اشكال القتل والإرهاب، كما فعل في سوريا وكما يفعل في اليمن، فضلاً عن التطاول على مؤسسات الدولة والسعي في خرابها وتحطيمها.

الثاني: رفض استهداف الجيش أو الإساءة إليه، مهما كان شكل الإساءة، خاصة أنّه النواة الصلبة المتبقية لبقاء الدولة، مع تلاشي المؤسسات الدستورية.

الثالث: هو هذا الحقد الذي تبديه صحافة الإعلام الحربي، ومنها رضوان مرتضى، على أهل السنة والإصرار على وصمهم بالإرهاب.

مناسبة النقاش
قضت المحكمة العسكرية بالسجن سنة وشهراً على رضوان مرتضى بجرم إهانة المؤسسة العسكرية على خلفية تصريحات متكررة لمرتضى عن المؤسسة العسكرية عبر شاشة الجديد، وأبرزها كلامه عن مسؤولية الجيش في إنفجار مرفأ بيروت، ووصفه هذا الأداء بـ”الحمرنة”، وانهالت بعد صدور الحكم الإدانات من نقابة المحرّرين ومن نقابة الإعلام المرئي والمسموع، وأصوات أخرى تستنكر وتتضامن مع مرتضى وكأنّ المواجهة هي بين جهة قامِعة و”مناضل” يكافح من أجل الحرية، وهذا توصيف فيه الكثير من التضليل والكثير من التكاذب.

لهذه الأسباب لستُ متضامناً مع مرتضى
لستُ متضامناً مع رضوان مرتضى لأنّه يصرّ على سلوكه المذهبي البغيض والبشع، ويبني مضمونه الصحافي على أساس استهداف أهل السنة بشكل وقح وحاقد ومكشوف، وهو بنى خصومته مع رئيس المحكمة العسكرية على حكم أصدره الأخير ببراءة الشيخ الدكتور بسام الطراس مما سيق له من اتهامات، فإذا بمرتضى يخرج بعنوان:”ماذا يجري في المحكمة العسكرية؟ | تبرئة «عرّاب» تفجيرات انتحارية بوساطة سياسية – دينية”، ليعتبر أنّ المحكمة العسكرية برّأت “عرّاب” متفجرة كسارة، واصفاً المحاكمة بالمسرحية التي أخرجها رئيس المحكمة العميد منير شحادة وانتهت إلى تبرئة “أمير” الخلية”، متجاهلاً أنّ قرار المحكمة جاء بعد سنوات من المتابعة القضائية، وخرج حاملاً دلالات أقوى من البراءة القانونية، لأنّه قضى “بوقف التعقبات بحق الشيخ بسام الطراس لعدم توافر العناصر الجرمية”، وهذه العبارة يعرف القانونيون معناها جيداً، وكان يفترض بشخص ضليع بالشأن القضائي مثل مرتضى أن يدرك أبعادها.
ماذا يريد “الإخباريون” أكثر من هذا القرار الذي يقتلع كلّ الشكوك ويطوي ما تعرّض له الطراس من مظالم طيلة هذه المدة الزمنية الطويلة.. لكنّ المطلوب لدى مرتضى وجماعته هو الاستمرار في إلباس أهل السنة ثوب الإرهاب أياً تكن الحقائق الثابتة والمدموغة بختم القضاء العسكري الذي لنا عليه ملاحظات جوهرية، لكن عندما تكون الوقائع دامغة فلا بدّ أن تسطع الحقيقة ولو بعد حين.

هيبة الجيش.. ماذا عنها يا وزير المقامات؟
شدد وزير الإعلام جورج قرداحي، في بيان تعليقا على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بحق مرتضى، على أنّ “محكمة المطبوعات هي الجهة الوحيدة الناظرة في قضايا المطبوعات، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بعمل الصحافيين والإعلاميين، وذلك بما يتوافق مع الدستور والأنظمة والقوانين التي ترعى حرية الرأي والتعبير..”، من دون أن يتطرق وزير الحفاظ على المقامات إلى ما أساء به مرتضى إلى الجيش وقيادته من شتيمة بشعة كان يمكن تلافيها باستخدام تعابير لا تمسّ بالكرامة، لكنّ الوزير قرداحي سكت عن الإساءة إلى قائد الجيش بعد أن كان قد افتتح عمله الوزاري بإعطاء دروس لوسائل الإعلام في كيفية مخاطبة الرؤساء و”المسؤولين”، باعتبارهم من أصحاب المقامات الذين من غير الجائز مخاطبتهم بعبارات “غير لائقة”، فماذا عن قائد الجيش يا صحاب الإحساس المرهف.. وهل هناك مقامات بسمنة ومقامات بزيت.. أليست لقائد الجيش كرامة إنسانية تستحق الاحترام، ثم أليس الجيش هو المؤسسة الوحيدة الباقية الجامعة التي تستوجب الالتفاف حولها وحمايتها من الاستهداف.. وسبحان مغيّر الأحوال كيف يرى هذا الوزير أحقية المثول أمام محكمة المطبوعات ولا يرى في الشتيمة إساءة تستوجب الاعتذار!
في أيّ حال، لا يمكن لوم وزير كان السبب في اندلاع أكبر أزمة دبلوماسية بين لبنان ودول الخليج على سقطة كهذه، فمن تسبّب بالطوفان لن يكترث بساقية إساءة محلية..
أما عن تبرير مرتضى استخدام ألفاظ نابية بحق قيادة الجيش، فإنّه أمر فيه مقدارٌ كبير من الوقاحة والتطاول، ليس دفاعاً عن قائد الجيش وأدائه، بل لأنّ هجوم مرتضى على الجيش وقائده غير مبرّر، بل إنّه يأتي في إطار نهج الممانعة الذي تقوم استراتيجيته على تحطيم صورة الجيش وإسقاط هيبته، ومن يريد الاستزادة ليس عليه سوى أن يراجع أرشيف “الأخبار” وغيرها من وسائل إعلام الممانعة، ويطّلع على نظرتها للجيش ودوره وكيفية التعامل معه كمؤسسة يجب أن تخضع لسياسات “حزب الله” وأن تكون سيفه الذي يبطش به الخصوم، فإذا تصرفت القيادة بتوازن وموضوعية، تتحوّل إلى قيادة تدخل في نطاق الفتنة، تماماً، كما فعل سيد الحزب في مقاربته لملف “الطيونة – عين الرمانة”، وفيه أنّ الجيش إذا اعتقل الشبان المسيحيين باعتبارهم في تصنيف الحزب مدانين بـ”قتل الشهداء وإصابة الجرحى”، يكون على السكة الصحيحة، وإذا أطلق القضاء العسكري سراحهم لعدم وجود أدلّة تدينهم يصبح هذا القضاء مرتكباً لإثم الفتنة.
نعم.
هكذا يريد “الإخباريون” ومن وراءهم، الجيش والقضاء العسكري: ينصبون أفخاخ الإرهاب في عرسال وعبرا وطرابلس، فيدخلها الجيش مكرهاً لوقف الانفجار، وتنفتح أبواب السجون تحت وطأة حملات الترهيب والتصنيف المسبق، فيلبث مئات الشباب السنة في السجون سنوات في دوامة تليها دوامات لا تنتهي من التوريط والإسفاف في التنميط لأهل السنة ومناطقهم، فإذا عمل الجيش على إنهاء مراحل تسلّط السلطة السياسية ورفض قمع الشعب وتصدى للتدخل في شؤون المؤسسة العسكرية، يصبح أميركيّ الهوى في نظر الممانعة وتبدأ حملات الشيطنة على كلّ صعيد.
الاستثمار السيء ضدّ الجيش
يُصِرُّ مرتضى على الخلط بين بين قيادة الجيش وبين المحكمة العسكرية، وفي هذا تضليل لا يتلاءم مع الواقع، وإلاّ لكان التحكم بالقضاء العسكري وسيلة متاحة لصرف النفوذ في الملفات المطروحة أمامه، لكنّ الواقع عكس ذلك، وهذا الاتهام يأتي لتبرير سلوك مرتضى، لكنّه لا يمنحه الأهلية ليستثمر حملاته على الجيش في مواقع التسييس والاستهداف المنهجي للمؤسسة العسكرية.

ماذا عن التحالف مع من يغطي العملاء؟
ينتقد مرتضى المحكمة العسكرية لأنّها أصدرت حكماً مخفّفاً على العميد العميل فايز كرم، متجاهلاً أنّ كرم هذا استقبله “عون المقاومة” وصاحب التوقيع الثاني على تفاهم مارمخايل، مباشرة بعد خروجه من السجن بكلّ فخر واعتزاز، فقبل لوم المحكمة، على مرتضى أن يسأل “حزب الله” عن سرّ تحالفه مع تيار يخرّج عملاء من صفوفه، ويتبنّى علانية عودة أكثر من خمسة آلاف عميل من فلسطين المحتلة.. أم أنّه يجوز إلهاء الناس بالفرع والتغاضي عن الأصل.

نحو إلغاء القضاء الاستثنائي
يرفض مرتضى أن يحاكَم كصحافي أمام المحكمة العسكرية، لكنّه يتمسك ببقائها وبدورها الذي يشكو منه معظم اللبنانيين الذين يريدون إنهاء دورها الكلّي وحصر سلطتها بالشؤون العسكرية وعدم مثول المدنيين أمامها بأي شكل من الأشكال.
من أجل ماذا يشاتم مرتضى قيادة الجيش، هل من أجل العدالة، أم من أجل الضغط عليها لأهداف لا صلة لها بالصالح العام، بينما هو يرفض أحكامها إذا برّأت مظلوماً بقضية إرهاب.
فمشكلة مرتضى مع رئيس المحكمة الحالي وليس مع دور المحكمة المشكوّ منه على مدى عقود طويلة، وهذه نقطة قد نختلف فيها مع الجيش، لكن نترك مصيرها لآليات التغيير الدستوري والقانوني فالقضية التي يجب النضال من أجلها هي إنهاء كلّ أشكال القضاء الاستثنائي العسكري والعدلي على حدٍّ سواء، لأنّه من حقّ اللبنانيين أن ينعموا بعدالة مدنية شفافة مستقلة تتمتع بمعايير الكفاءة القانونية وتوفر الإنصاف للمتقاضين أمامها.

أين الحريات عند أصحاب نظرية “تحسّسوا رقابكم”!
سبق أن تعرّض مئات الناشطين والإعلاميين للاستدعاء، بعضهم أمام القضاء العسكري، وبعضهم الآخر أمام المباحث الجنائية وآخرون أمام شعبة المعلومات أو الأمن العام، وأغلبيتهم الساحقة هم من معارضي “حزب الله” ومعارضي العهد الأسود، وفي كلّ هذا المسار لم نرَ أثراً لا لرضوان مرتضى ولا لجريدته ولا لرئيس تحريرها صاحب نظرية “تحسّسوا رقابكم”، لم نجد لهم موقعاً في الدفاع عن الحريات، ولهذا فإنّ تصوير ما يقوم به مرتضى اليوم على أنّه معركة حريات هو توصيف مضلِّل، ليس فيه من الصحة، سوى عدم جواز مثول صحافي أمام القضاء العسكري.
عندما تكون وسيلة الإعلام “إعلاماً حربياً” وكتّابها جلاوزة بطشٍ وإرهابٍ فكري، فلا يمكن للأحرار المضطهدين بالقمع والاغتيال والإرهاب أن يتضامنوا معهم، فلا يجوز أن يتضامن الضحية مع الجلاّد في أيّ حالٍ من الأحوال.
لهذا، لا تضامن مع رضوان مرتضى، لا في استهدافه للجيش، ولا في استمرار صبّ أحقاده على أهل السنة، ولا في ادعائه المكذوب بأنّه يخوض معركة حريات لا نرى فيها سوى شكل من أشكال التشبيح الإعلامي والسياسي، فالحريات كلٌ لا يتجزأ، والجيش يبقى قاعدة التماسك الوطني، والسلاح غير الشرعي يبقى سلاح غدر وطغيان، وأهل السنة هم أهل الدولة، والشراكة الإسلامية المسيحية هي القاعدة الذهبية للبقاء.. وعلى هذا يستقرّ الوطن.

أحمد الأيوبي

إعلامي لبناني وكاتب سياسي في عدة مواقع مختص بشؤون الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى