مقالات

بين قضاء تشرشل وقضاء لبنان أين الهيبة ؟

كتبت رانيا شخطورة في “أخبار اليوم”:

لا تعكس البلبلة الحاصلة في العدلية لا سيما على خلفية ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، الا سوء الحال الذي وصل اليه الانهيار في لبنان الذي لم يسلم منه اي قطاع او مرفق او مؤسسة.

ولكن، قد يكون “ضرب القضاء” اشد وطأة، لان بقاء الدول مرتبط بقضائها، الامر الذي يذكرنا بمقولة رئيس وزراء بريطانيا الراحل ونستون تشرشل الشهيرة “بريطانيا بخير لطالما القضاء بخير”، التي اعلنها في خضمّ الحرب العالمية الثانية وخراب بريطانيا على يد الألمان.

وللتأكيد على أهميَّة موقع القضاء ومكانته ودوره في الدولة، حين طلبت القوات الحربية من تشرشل إيقاف الحكم الصادر عن المحكمة البريطانية القاضي بنقل مطار حربي قريب من إحدى المدارس إلى مكان أخر، وكان مشغولاً في إدارة المعارك الحربية الضارية ضد هتلر وجيوشه، فرفض ذلك الطلب، وأمر بنقل المطار على الفور، وقال قوله الشهير: “أهون أن نخسر الحرب من أن يخسر القضاء البريطاني هيبته”.

تقود هذه المقدمة الى السؤال، اين هي اليوم هيبة القضاء اللبناني، الذي يفترض به ان يكون régulateur اي المنظم للعمل في البلد، أكان على الصعيد الاجتماعي او الوطني او الاقتصادي او السياسي.
وفي هذا الاطار، يرى مرجع قضائي ان السبب الاساس للفوضى، يعود الى التقاعس من قبل القضاء نفسه الامر الذي اتاح لمثل هذه التجاذبات ان تحصل، مذكرا ان ملف الفساد القضائي الذي فتح منذ نحو 3 سنوات، لم يسلك مسارا شفافا يؤدي الى الخواتيم المرجوة التي تعيد الى القضاء هيبته، حيث ان هناك قضاة لم يحاسبوا، وهناك من اتت محاسبته اقل بكثير من الارتكاب… في حين ان هناك فئة غير مدعومة سياسيا قد تمت محاسبتها، وبالتالي حين رأى القضاة ما حصل على هذا المستوى، البعض منهم تجاسر و”فتح على حسابه”، على غرار ما قام به احد المدعين العامين حين قام بمداهمات ولم توجه اليه اي ملاحظة .
واذ ينتقد اتصال القضاة بالسياسيين بما يوفر لهم الحماية، يشير المرجع الى ان عدم قيام التفتيش القضائي بدوره السليم، كان عاملا لخلق التجاذبات.

وردا على سؤال، يلفت المرجع الى ان المسؤولين القضائيين يتلهون او يركزون على وجهة نظر واحد، بغض النظر عما اذا كانت صائبة ام لا، سائلا على سبيل المثال: هل يجوز ان يتعطل القضاء عند قضية المرفأ فقط، فهناك العديد من الملفات العالقة، وان كانت اقل من تلك الفاجعة؟َ!

وفي هذا السياق، يعتبر المرجع ان دخول السياسة الى مجلس القضاء الاعلى اثبت تأثيره السلبي المستمر، اذ حتى لو كان رئيسه نظيفا ويريد مصلحة لبنان كما هي حال القاضي سهيل عبود، فانه بمفرده، لا يستطيع ان يفعل شيئا، حين يكون الى جانبه قضاة تم تعينهم ارضاء لهذا الحزب او ذلك، لافتا الى ان الجسم القضائي اليوم منقسم على ملفي الطيونة و”مصير” القاضي طارق البيطار.

وامام هذا الانقسام، يرفض المرجع ما نسمعه من تفسير واجتهاد للقوانين، معتبرا ان هذا الامر يكون وفق وحدة المعايير، وليس على اساس ان يفسر كل واحد النص وفق هواه! مشيرا الى انه في كل دول العالم وسائل تفسير القوانين جامدة، اي ان هناك قاعدة عامة توضح كيفيه تفسير النصوص، حتى لا يحل بالدول ما حلّ بلبنان، داعيا القضاء الى ان يشد رباطة المحاسبة فيه.

وهل يمكن لاقتراح قانون استقلالية القضاء المطروح اليوم امام لجنة الادارة والعدل، ان يعالج الاشكالية، يجيب المرجع: انه bullshit، بمعنى انه سيبقى كلاما فارغا طالما ان كل شفريق سياسي يحاول تقسيم القانون على قياسه قدر المستطاع.

ويختم المرجع: العلّة في البلد اليوم تكمن في القضاءـ فلو كان يحاسب كما يجب “لما تجرأ احد على فتح فمه”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى