المياوم بلا حقوق ومعاشو بالأرض
كتب رمال جوني في نداء الوطن:
جدّدت رابطة موظفي الدولة اضرابها، هذه المرة جعلته مفتوحاً، فطيلة الخمسة اشهر الفائتة لم تنظر الحكومة بحالهم او تُعِر تحرّكهم اي فعل رغم أنهم يعطلون الادارات العامة والدوائر الرسمية التي تبدو شبه مشلولة، الا من بعض السماسرة الذين يستغلون الاضراب لتحقيق ارباح من معاملات عاجلة غب الطلب ببدل يضاهي 3 مرات معاش الموظف.
ومع دخول الادارات مجدداً في الاضراب المفتوح ريثما تنظر الدولة في تحسين اوضاع الموظفين، يواجه المياوم واقعاً مأسوياً، يتعرّض للظلم ولا من يسأل عنه، فـ”حقو مهدور”، لا أحد ينظر بحاله ولا بظروفه الصعبة، ما زال يتقاضى 30 ألف ليرة عن كل يوم عمل، مبلغ لا يشتري سندويش بطاطا هذه الأيام.
الكل يتكتل تحت أندية الروابط التي تطالب بحقهم، الا المياوم لا يجد من يطالب بحقه، حتى الاتحاد العمالي العام، المفترض به الدفاع عن حقوق العمال في لبنان “مش سئلان”، آخر مرة شهد الاتحاد العمالي العام ثورة حقوقية في وجه السلطة دفاعاً عن العمال كانت في سبعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت لا تعدو تحركاته سوى تنفيذ أجندة سياسية. أما العمال فتركوا لمصيرهم رغم أنهم يشكلون القوة الاقتصادية للبلد.
عمال النظافة أنفسهم بمعظمهم هم مياومون، لا تتعدى يوميتهم الـ30 ألف ليرة، يرفعون قمامة الناس من الطرقات، فيما الدولة ووزاراتها لم ترفع أجرتهم وتنظر بحالهم. حتى النقابات لا تتحدث باسمهم، وكأنهم عالة رغم انهم الأساس، والانكى أن لا حقوق لهم، لا تعويض نهاية خدمة، لا ضمان ولا من يحزنون، وحين يمرضون ويتغيبون عن عملهم، تُحسم أيام العطل من رواتبهم الدونية.
حاول بعض عمال البلديات الاعتراض على الظلم اللاحق بهم، قرروا الاضراب اسوة بالموظفين، غير أنهم تلقوا تهديداً من بعض رؤساء البلديات، “ما بدكن تشتغلو بجيب حدا بدالكم”، في حين يمضي الموظف في اضرابه ولا من يهدده بلقمة عيشه، عكس المياوم، فهو ممنوع من الصرف، ويشكل علة الوطن، فيما وضعه ميؤوس منه.
يقول علي أنه بات يعمل فقط ليدفع فاتورة الاشتراك، فالـ3 أمبير تساوي مليوناً و300 ألف ليرة، أي معاشه مرة ونصف، “هذا لم أتحدث بحليب لابني، ولا حفاضات، ولا فاتورة الغاز والمازوت والأكل والادوية، وحتى بنزين للدراجة النارية التي بات تفويلها يحتاج 100 ألف ليرة بعدما كانت تفول بـ7000 ليرة، لا أدري كيف نعيش، وماذا سنفعل، والمؤسف أن الدولة لا تتحدث برفع الاجور، ما يهمها الموظف، وكأننا لسنا موظفين أو عمالاً مع وقف التنفيذ”.
بالمقابل، يأسف يوسف لما آل اليه واقع العمال في لبنان، “فالتعب مفروض علينا، أما المعاش فممنوع”. يعمل في جمع النفايات، يبدأ نهاره عند السابعة صباحاً وينتهي عند الثالثة، وبينه حكاية عناء وشقاء لا تنتهي مع وجع الظهر وآلام المفاصل واليدين، “فعملنا متعب وشاق، وكل يوم نتأخر بجمع النفايات تتكدس في الطرقات، الناس لا ترحمنا والدولة ايضا، فالبلديات لم تنظر بحالنا، بالكاد تصلنا مساعدة مالية لا تتعدى الـ350 الف ليرة تضاف الى الـ750 الف، إذ فرغت جرة الغاز، مع فاتورة الاشتراك يطير المعاش، فكيف سنصمد لآخر الشهر؟ والمخزي أن لا نقابة تطالب بحقنا، جل ما اريد معرفته نحن الى من ننتمي من باكورة النقابات المتعددة، ولماذا لا يوجد رابطة تطالب بحق المياوم، فنحن أكثر الناس ظلما”.
ما يعيشه المياوم صعب ولا قانون ينصفه، فالمياوم لا صفة عملية له ويحتاج قانونا يحدد حقوقه المنوطة به، وهذا يتطلب وضعا مستقرا، ولكن ماذا عن وضعه غير المستقر؟ وهل سيتحرك وزير العمل للنظر بحال المياومين في لبنان، ام سيتركه اسوة بالاتحاد العمالي؟