مقالات

تعطيل مجلس الوزراء بسلاح الحزب يهدد مصير لبنان

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لم يعد يحتاج اللبنانيون الى ادلة ووقائع، عمن يصادر الدستور، ويتجاوز القوانين ويعطل المؤسسات، ويحاول تطويع القضاء لغايات خاصة، واستهداف الخصوم السياسيين، بعد سلسلة الممارسات، والسلوكيات الفظة، التي تناوب عليها، حليفا ورقة تفاهم مارمخايل، الامين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر الاساسي العماد ميشال عون، للسيطرة واقتسام السلطة على لبنان ،بقوة وترهيب سلاح الحزب، كل بدوره،وحسب مصالحه الخاصة والاقليمية، والتي توجت بانتخاب عون لرئاسة الجمهورية، وطي البحث نهائيا، بموضوع  حل مشكلة سلاح الحزب غير الشرعي، إن كان من خلال  الاستراتيجية الدفاعية،او أي طرح آخر لهذه المشكلة، التي تبقى الشغل الشاغل والمطلب الملحّ والضروري لكل اللبنانيين المطالبين بسلطة الدولة وسلاح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية وحدها على كل الاراضي اللبنانية.

ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تقاسم الحزب والتيار الادوار، وتشاركا بالتعطيل والعرقلة،وطمس جرائم الاغتيال، بمحطات عديدة برغم بعض الاستثناءات والتجاوزات التي كانت تعالج بمسكنات الاستقواء بالسلاح حينا، والتهديد بكشف عورات الضعف والاسترهان للخارج حينا آخر،الى ان يعود الانتظام العام للعلاقة بينهما،تحت ظلال من الوساوس والشكوك المتبادلة بين الحليفين.

وهكذا،تم إحباط واجهاض، انتفاضة ١٧ تشرين الاول عام ٢٠١٩ الشعبية، بترهيب السلاح غير الشرعي، وتأليف حكومة حسان دياب، التي سميت حكومة عون وحزب الله بامتياز،ولكنها لم تستطع التقليع، واغرقت البلد بسلسلة معقدة من المشاكل والازمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية.

دور تعطيلي ومخالف للدستور لعبه باسيل وساهم بأزمة التشكيل والتداعيات السلبية لأدائه

وبعد حادثة تفجير مرفأ بيروت المؤلمة، واستقالة حكومة حسان دياب، وما تبعها من تحركات داخلية وخارجية، لتأليف حكومة انقاذ من الازمة الراهنة، على أساس المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته لبنان ،بحضور ممثلي وزعماء جميع الكتل والاحزاب، والتزم جميع المشاركين بتأييدها ودعم تنفيذها علانية .

ولكن ،ما ان غادر الرئيس ماكرون بيروت، بادر حزب الله بتعطيل المبادرة،من خلال وضع شروط ومطالب تعجيزية امام مهمة الرئيس المكلف يومها، السفير مصطفى اديب، الذي اعتذر بالنهاية عن مهمة تشكيل الحكومة.

وبعد تسمية الرئيس سعدالحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، على أساس المبادرة الفرنسية، تولى مهمة التعطيل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل،موكلا من رئيس الجمهورية علانية، تحت حجج «الميثاقية» المزيفة تارة،و«المشاركة المسيحية» وجملة شعارات وعناوين كاذبة وواهية ، واستهلك ثلاثة عشر شهرا متواصلة، بأزمة العرقلة علانية، في حين تبين ان كل بيانات ومواقف حزب الله الداعمة لتأليف الحكومة الجديدة علانية، كانت لذر الرماد بالعيون، والتغطية على مواقف الحزب الحقيقية الرافضة لتشكيلها.

وبعد إعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن مهمته،وتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وانكشاف وقائع مهمة في مجريات التشكيل، تبين حقيقة الدور التعطيلي والمخالف للدستور،الذي لعبه النائب جبران باسيل، سابقا،ولاحقا،ومسؤوليته المباشرة باطالة ازمة تشكيل الحكومة الجديدة حتى وقت قصير، والتداعيات السلبية التي ترتبت عنها،على كل المستويات.

اليوم،وبعد تشكيل الحكومة الجديدة مباشرة، بادرها الامين العام لحزب الله حسن نصرالله،بخطوة استقدام قوافل صهاريج المازوت الإيراني قسرا وبالقوة عبر المعابر غير الشرعية، في حملة سياسية واعلامية منظمة، للفت الانظار الى دور الحزب  وتاثير النفوذ الايراني بلبنان، في خضم المواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي الايراني، من دون أي تاثير يذكر في التخفيف من وطأة ازمة المحروقات،عن كاهل اللبنانيين ولم تكد الحكومة تلتقط أنفاسها، حتى بادرها الامين العام لحزب الله، بتعطيل جلسات مجلس الوزراء، بحجة عدم موافقتها على مطلبه، بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار،الذي يرفض الحزب استمراره بمهمته،تحت ذرائع وحجج مختلفة، تتعارض مع القوانين والنظم القضائية، وتخالف توجهات شرائح واسعة من الشعب اللبناني.

لم يقتصر تعطيل الدولة عند هذا الحد،بل ظهر تمايز واضح،بالملاحقات القضائية بأحداث الطيونة وعين الرمانة، ما يؤشر الى بوادر ممارسة ضغوطات مكشوفة من الحزب،لتوجيه الملاحقات ضد خصومه،كما حدث في وقائع عديدة سابقا،الامر الذي سيؤدي الى اختلال نتيجة الملاحقات، والتأثير سلبا على صدقية الاحكام الناجمة عنها.

هذه الوقائع، التي تتكرر منذ توقيع ورقة مار مخايل لم تكن لتحصل، لو ان رئيس الجمهورية ميشال عون يمارس دوره استنادا للدستور، ويبقى على مسافة واحدة من كل اللبنانيين. ولا يجيّر صلاحياته لوريثه السياسي، ولو لم يكن ملزما برد الجميل، لسلاح الحزب الذي اوصله بالقوة الى سدة الرئاسة، حسبما اعلن ذلك، النائب السابق نواف الموسوي في المجلس النيابي منذ مدة. ولذلك، ان ما يحصل، يدل على اختلال واضح بمسار السلطة في لبنان،وعدم انتظام عمل المؤسسات العامة على اختلافها،بما يهدد مستقبل ومصير البلد كله،لانه لا يمكن استمرار تسلط الحزب بسلاحه غير الشرعي، لتعطيل مجلس الوزراء، أو أي مؤسسة كانت،كلما اراد حزب الله، دون حسيب او رقيب.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى